د. رجب العويسي يكتب: استراحة الطالب..كيف نستثمرها؟

د.رجب العويسي يكتب: هل يحتاج التعليم لتشريعات قادمة تضبط مساره وتوجه بوصلة عمله؟
د.رجب العويسي يكتب: هل يحتاج التعليم لتشريعات قادمة تضبط مساره وتوجه بوصلة عمله؟ د.رجب العويسي يكتب: هل يحتاج التعليم لتشريعات قادمة تضبط مساره وتوجه بوصلة عمله؟

الدكتور رجب بن علي العويسي- كاتب ومؤلف وباحث في التنمية والأمن الاجتماعي والتطوير المؤسسي والفكر الشرطي والتعليم

 

إجازات الطلبة بين الفصلين، محطة انتظار تستنشق فيها الأنفاس عبير الأمنيات، وترسم في ذاكرتها فرص تجدد الفكر ونمو الموهبة ورقي المهارة، وتبني في الطلبة مساحات أكبر للعطاء والإنجاز، وصورة مكبرة  لاستنطاق مضمون القيم والأخلاقيات المتعلمة، عبر ممارسات جادة لها في واقعهم اليومي، إنها فرصتهم لتعديل الذائقة المزاجية، وترغيبا لهم لمواصلة نهج التعلم الذي ارتسم في أذهانهم، بعودة أقوى، ورغبة في التقدم أدوم، فتعيد فيهم موازين الثقة، وتتيح لهم مساحات التفكير، وتمنحهم مسارات إيجابية في قراءة نمط تعليمهم، ووضعهم في تجربة المواقف، بدعوتهم إلى قراءة الالتزام في سلوكهم،  والتأمل في مستقبلهم الوظيفي وهم يلتحقون بسوق العمل، أو يقودون مركب التطوير في المؤسسات، وبالتالي نقل هذا الرصيد التعليمي إلى واقعه اليومي في إدارته للوقت وتعامله مع المواقف، وقدرته على تشخيص الظروف والأحوال، في تعلمه قيم الأجداد، وشعوره بمسؤوليته في البيت، كيف ينظم أدواته، ويحافظ على ممتلكاته، ويحفظ ملابسه ويهتم بتجميل غرفته ، وكيف يجدد من نفسه، ويتجدد وفق مساحات المرونة المتاحة، فتبرز لديه ذائقة الجمال، عندما يجد في هدوئه وسكينته، فرصته ليقرأ بعمق،  ويتأمل بوعي، إنها استراحتهم  فامنحوهم إياها كاملة، وساعدوهم في أن يجدوا  فيها بغيتهم، علموهم كيف يحيونها، وكيف يديرونها، واتركوهم ليقرروا هم بأنفسهم، كيف يصنعون الإعجاز، ويبنون الإنجاز، ويرسمون خطة العمل لفصل دراسي جديد،  لنفتح لهم كل طرق الجمال، ليشاركوا بكفاءة في بناء الوطن، وهم خارج بيئات المدرسة وحرم الجامعة، بعد ما تعلموا فيهما بإتقان ثقافة التطوع، ومتطلبات التنمية، وسلوك المواطنة، ومعنى المسؤولية وصدق التجربة في المواقف، ودورهم في صناعة أفضل الممارسات، وهم يبنون حياة التفاؤل بصدق مشاعرهم نحو العلم ومؤسسات التعليم، يديرون  بوصلة التطوير عن قرب في ظل حضورهم كل مواقع الحدث.

 

من هنا فإن أولوية الطرح لهذه الفترة من العام الدراسي، ليس في امتداد الفصل الدراسي الأول إلى هذه الفترة،  أو تقسيم السنة الدراسية إلى فصول ثلاثة تأخذ في الاعتبار هذه الفترة من العام في زمن التعلم، أو أن يبدأ الفصل الدراسي الثاني بفترة  مبكرة، بل في قراءة الأبعاد الاجتماعية والنفسية والتعليمية، ومحددات التغيير التي تحتاجها منظومة التعليم لبناء مسارات جودة التعلم لدى الطلبة، وترسيخ دافعيتهم نحوه ومشاركتهم في تحقيق مبادئ التعلم الذاتي والنشط، بالشكل الذي يتيح لهم مساحات أكبر للابتكار والخيال التعليمي، المعزز بالاستقرار النفسي والفكري لديهم، بالإضافة إلى بحث مستوى التكامل في الجهود بين المؤسسات الترويحية والتثقيفية والتعليمية والتوجيهية، في توليد بيئات داعمة وفرص مساندة  للطلبة،  ليهنأوا  بأوقاتهم ولينشطوا في عملية توظيفها واستثمارها، وتهيئتهم لمرحلة جديدة من العطاء، عبر إدارتها بصورة تمنحهم فرص الشعور بذواتهم، وتضعهم في مواقف محاكاة حياتية متنوعة يستوعبون خلالها أولوياتهم، ليستشعروا قيمة المسؤولية ويضعوا أنفسهم في مسار تحقيق  الهدف، بما يضمن رجعا إيجابيا لهذه الاستراحة على نفسية الطلبة، وقيمة مضافة تفتح لهم مسارات أكبر لقراءة التعليم من منظور الحياة، وفهم واقعه عبر تجديد الممارسة، وتعميق منهجياته عبر قدرته على الدخول في خواطر النفس وصقل محاسن الضمير، وهو أمر عززته جهود وزارة التربية والتعليم عبر برامج التوعية المستمرة المقننة لزمن تعلم الطلبة، والأبعاد النفسية والاجتماعية الداعمة لتعلم الطلبة،  وتبقى على مؤسسات المجتمع الأخرى والأسرة، والمبادرات المجتمعية، في تبني بيئات استيعابية ترويحية ومهنية وإعلامية وتسويقية مساندة، تضمن تنوع الفعاليات وتعدد برامج الدعم، تعطي استراحتهم فرص التناغم بين الواقع وتوقعاتهم منه، وربط ذلك بالغايات الكبرى للتعليم وما يريده في أجيال عمان ومن أجلهم، فهل سندرك جميعا هذه المسؤولية؟

Your Page Title