أكرم بن سيف المعولي
ديننا الحنيف دين العدالة والمساواة، وأعطى كل ذي حق حقه، وها نحن نعيش في زمان وصلت فيه الإنشاءات العمرانية إلى مستوى عالٍ من التقدم والتطور لخدمة البشر.
عندما نتناول موضوع إنشاء الجوامع والمساجد وتصاميمها والاشتراطات اللازم توافرها حتى تستقطب الناس بمختلف قدراتهم فينبغي أن تكون للمسؤولين وقفة تجاه هذه الاشتراطات الإنشائية وملاءمتها مع قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف فئات الإعاقات. فكثير من الجوامع والمساجد الحديثة لا تتوفر فيها أبسط النقاط التي ينبغي مراعاتها تقديرا لقدرات ذوي الإعاقة.
في الفصل الرابع من لائحة الجوامع والمساجد الذي تناول الشروط والضوابط الفنية لبناء أو إعادة بناء الجامع أو المسجد أو المصلى أو المرافق الملحق بها، نجده لم يتطرق إلى الاشتراطات الفنية التي ينبغي توافرها بشكل إلزامي تسهيلا للمصلين من ذوي الإعاقة. ولذا أرجو من الجهات المعنية المختلفة والتي لها صلة بالإنشاءات واشتراطاتها ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية العمل على احتواء النقاط التالية جميعها أو البعض منها ضمن لائحة الجوامع وإلزام الراغبين في بناء المساجد أو الجوامع بتلك الاشتراطات والتي قد يكون البعض منها غير مكلف ماديا إذا ما تم مراعاتها عند وضع التصاميم.
1- تخصيص مواقف لذوي الإعاقة: تناولت لائحة الجوامع والمساجد في المادة 17 النقطة 13 حول توفير مواقف للسيارات خاصة بالجامع أو المسجد بواقع موقف واحد لكل خمسة مصلين ، وهنا أقترح تخصيص عدد من المواقف لسيارات ذوي الإعاقة حسب القدرة الاستيعابية للمسجد أو الجامع وأن تكون مواقف ذوي الاعاقة وفق المواصفات الدولية من حيث المساحة مع مراعاة أن تكون مواقع المواقف بالقرب من مداخل الجامع أو المسجد.
2- انسيابية المسارات والممرات داخل الجامع أو المسجد: من المهم جدا تصميم ممرات الجامع من نقطة مواقف السيارات وحتى داخل صرح المسجد ( مكان أداء الصلاة ) بما فيها مرافق المسجد أو الجامع كالمكتبة أو دورات المياه وأماكن الوضوء والمجلس حيث إن وجود الأرصفة والسلالم عند المواقف أو مرافق الجامع أو المسجد فإن ذلك يعيق الكرسي المتحرك ويصعب على كبار السن ومستخدمي العكازات من الصعود على تلك الأرصفة أو السلالم، إذا لا بد من التحقق من خلو المسارات والممرات من أي عقبات أو عوائق قد تعيق قدرات المصلين.
3- إنشاء المنحدرات الانسيابية: للمنحدرات الخاصة بالكراسي المتحركة زوايا ارتفاع محددة وينبغي أن تكون تلك الزوايات وفق المقاييس الدولية، حيث إن حدة الانحدار قد تشكل خطرا بالغا لذوي الإعاقة الحركية والذين يتنقلون باستخدام الكرسي المتحرك، كما أنه يشكل صعوبة بالغة للفرد من ذوي الاعاقة في دفع الكرسي نحو الأعلى في حالة الانحدار الشديد.
4- دورات مياه خاصة بذوي الاعاقة: لا بد من أن يتوفر في كل جامع أو مسجد دورة مياه واحدة على الأقل مخصصة لذوي الإعاقة. كما ينبغي أن تكون مساحة دورة المياه فسيحة بحيث يسهل على الكرسي المتحرك التحرك بحرية في داخله.
5- أماكن الوضوء: ينبغي التحقق من أن أماكن الوضوء أيضا مهيأة لقدرات ذوي الإعاقة المختلفة وأن يتم تجهيز بعض أماكن الوضوء بطريقة تتناسب مع حركة الكرسي المتحرك وتلائم قدرة الشخص من ذوي الإعاقة في أداء الوضوء بشكل سهل.
6- إشعارات ضوئية في المآذن: حتى يصل إشعارات الأذان والصلوات فإنه من الجيد أن يتم تزويد المأذن بمصابيح تضيء عند الأذان وإقامة الصلاة حتى يدرك الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية دخول وقت الصلاة.
7- توفير عدد من الكراسي المتحركة: كما هو الحال في المراكز التجارية التي تحرص على توفير خدمات مميزة لمرتاديها فتقوم إدارة تلك المراكز بتوفير عدد من الكراسي المتحركة تحسبا لأي زائر من ذوي الإعاقة أو كبار السن فإن الجوامع والمساجد ينبغي أن تتوافر فيها كراسي متحركة لا تقل على اثنين كخدمة متميزة للمصلين من ذوي الإعاقة وكبار السن.
8- مصاعد كهربائية : بعض المساجد التي تحتوي على عدة أدوار في مرافقها فإنه ينبغي أن يتوفر فيها مصعد بحيث يسهل لذوي الإعاقة الصعود إلى الأدوار العلوية والنزول منها بسهولة ويسر.
9- مصلى النساء: يجب التحقق من أن مصليات النساء ومرافقها تحتوي على نفس النقاط أعلاه للنساء من ذوي الإعاقة.
كانت تلك بعض النقاط المتعلقة بالإنشاءات والتصاميم العمرانية والتي من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في حالة العمل بها عند إنشاء الجوامع والمساجد. بالإضافة إلى ما سبق فإن هناك بعض النقاط الأخرى التي ينبغي الوقوف عليها والعمل على توفيرها بعد افتتاح الجوامع والمساجد كتوفير عدد من المصاحف بلغة برايل للمصلين من ذوي الإعاقة البصرية ( المكفوفين ) وكذلك توفير مترجمي لغة الإشارة في الجوامع الرئيسية في المحافظات أو المناطق التي يتوافر فيها عدد من المصلين من ذوي الاعاقة السمعية وذلك لترجمة خطب الجمعة وصلوات العيد والمحاضرات الدينية.