أبجد

في البدء كان الشاعر!

في البدء كان الشاعر!
في البدء كان الشاعر! في البدء كان الشاعر!

سعدية مفرح 

من بين عشرات الشهادات التي كتبت لنزار قباني في السفر الضخم الذي اصدرته دار سعاد الصباح للنشر تكريما للشاعر قبل رحيله.. لفتتني ثلاث شهادات لثلاث من المشتغلين بالمعنى وصناعته تحديدا.

ففي شهادة على تجربتها مع الشاعر الذي كتب لها مجموعة من أحلى أغنياتها تقول الفنانة نجاة الصغيرة: “إن نزار قباني كان دائما نصيرا ومدافعا عن كل دفقات الحب المتوهجة في إطار راق تحوطه كل عوامل المتعة والنجاح، وكانت مفردات العذوبة المتموجة دائما في شعره تجعله يخفق بنبض الحياة المتدفق المتجدد بكل ما فيها… إن شعره هو عطره الوحيد الذي يتعطـر به لأنه عطر معصور من أزهار الحب وأعشاب الحنين”.

وفي شهادة مشابهة تقول الفنانة ماجدة الرومي ماجدة الرومي:”..نعم ، شعره يعيد صياغتي ، فأغدو سنونوة قلبي ربيعها ، يحولني فأغدو قصيدة صوتي قوافيها ، يعمقني فأغدو قيثارة ، روحي معانيها .

شعره يعيد كتابة طلعتي بالياسمين، ويصحح بالأزرق عيوني ، وبالريح وجهي ، ويعنون باللهب صوتي. شعره يخرجني عن القاعدة ويكسر اوزاني…”.

أما الملحن حلمي بكر فينفي في شهادته القول بأن كل الأصوات قادرة ومتمكنة لكي تتعامل مع شعره ..فهو يحتاج إلى أصوات مثقفة واعية ومدربة ولها مواصفات خاصة، مثلما حدث مع ام كلثوم وفيروز ونجاة وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وماجدة الرومي. فليس المطرب أو المطربة هو الذي يختار شعر نزار ، ولكن الصحيح أن شعر نزار هو الذي يختار مطربه أو مطربته ، فالشعر له بعض الأصوات وليس كل الأصوات”.

ويبدو أن الثلاثة قد استعاروا من الشاعر شيئا من لغته لكي يشهدوا له بواسطتها، أو يخاطبوه بها  وكأن أصواتهم وألحانهم لا تكفي لكي تشهد للشاعر بمجده في صناعتهم تحديدا، وبدوره في وصولهم إلى الآخرين، وبقدرته على إعادة صياغتهم، وكأنهم يريدون أن يقولوا لـه  بلغته ما ساعدهم على أن يقولوه بلغتهم.

وكأنهم يقولون: في البدء كانت الكلمة.. وكان الشاعر.

Your Page Title