الأولى

مع ارتفاع تكاليف العلاج: هل حان الوقت لجعل التأمين الصحي للوافدين إلزاميًا؟

التأمين الصحي

أثير - ريما الشيخ

في ظل التزايد المستمر لأعداد الوافدين العاملين في سلطنة عمان، الذين يمثلون نسبة كبيرة من إجمالي السكان، تبرز قضية الرعاية الصحية كواحدة من التحديات الرئيسية التي تواجه هذه الفئة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لا تشملهم خدمات العلاج المجاني. وتزداد أهمية هذه القضية مع ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة والإصابات المهنية بين العمال الوافدين، مما يسلط الضوء على الحاجة الماسة لتفعيل دور التأمين الصحي لتوفير الرعاية الطبية المناسبة وتقليل الأعباء المالية التي قد تعيق حصولهم على الخدمات الصحية الضرورية.

حول هذا الموضوع، أكد الدكتور عادل بن محمد المحروقي، طبيب اختصاصي أول بمستشفى الدقم ومدير دائرة الأمراض المزمنة غير المعدية بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة الوسطى، لـ“أثير”، أن التأمين الصحي يمثل ضرورة ملحة للوافدين العاملين في سلطنة عمان.. وأوضح أن غياب التأمين يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا يحول دون حصول العمال على الرعاية الصحية في الوقت المناسب.

وأشار الدكتور المحروقي إلى أن الإحصائيات الرسمية تظهر أن نسبة الوافدين في سلطنة عمان بلغت 45%، بإجمالي مليونين و277 ألفًا و290 وافدًا حتى نهاية أكتوبر 2024، معظمهم من الجاليات الآسيوية، مع تصدر الجنسية البنجلاديشية. وأضاف أن هذه الفئات معرضة بشكل كبير للإصابة بأمراض القلب والشرايين، مع ارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض في أعمار صغيرة.

وفيما يخص العلاج المجاني، أوضح المحروقي أن هذه الخدمة متاحة لفئات محددة من الوافدين، تشمل العاملين في المؤسسات الحكومية، وبعض الحالات المرتبطة بالأمراض المعدية التي تهدد الصحة العامة، إضافة إلى الدبلوماسيين وأعضاء الوفود الرسمية. بينما يتحمل العمال في القطاع الخاص، خصوصًا العاملين في المهن البسيطة، تكاليف العلاج بأنفسهم أو من خلال أرباب العمل.

وأكد المحروقي أن التأمين الصحي يمثل حلاً فعالًا لضمان حصول الوافدين على رعاية صحية ميسورة التكلفة، مشددًا على أن غياب التأمين يجعل تكاليف العلاج مرتفعة جدًا، مما يؤثر على قدرة العمال على الوصول إلى الخدمات الصحية، خاصة في الحالات الطارئة. وأشار إلى أن التأمين الصحي يمكن أن يغطي تكاليف الأدوية، والفحوصات الدورية، والعلاج التخصصي، مما يعزز جودة حياتهم.

وأضاف المحروقي أن محافظة الوسطى تواجه تحديات إضافية، حيث تعمل العديد من الشركات الكبرى في قطاعات النفط والطاقة والموانئ دون وجود مستشفيات خاصة متخصصة. وأوضح أن معظم الشركات توفر طواقم طبية في مواقع العمل، مع وجود تأمين صحي للعاملين.

وأشار أيضًا إلى أن غياب المستشفيات الخاصة يدفع العديد من الوافدين للتوجه إلى المؤسسات الصحية الحكومية، حيث يدفعون رسوم الخدمات العلاجية وفق لوائح وزارة الصحة. ورغم ذلك، شدد المحروقي على ضرورة ألا تكون هذه الرسوم عائقًا أمام علاج الحالات الطارئة.

واستشهد المحروقي بحالات جلطات قلبية سجلت في ولايتي الدقم وهيماء، حيث تتجاوز التكلفة الإجمالية لعلاج الحالة الواحدة –بما في ذلك أدوية إذابة الجلطات، والنقل، والإجراءات التخصصية– مبلغ 1500 ريال عماني، مما يشكل عبئًا كبيرًا على الوافد ورب العمل.

وفي ختام حديثه، شدد الدكتور المحروقي على أن التأمين الصحي هو الحل الأمثل لتخفيف الأعباء المالية عن الوافدين وأرباب العمل، داعيًا إلى تعزيز الوعي بأهمية التأمين الصحي وتسهيل حصول العمال عليه. وقال: “لا أحد يعلم متى قد يواجه المرض أو طبيعته، لذا أنصح أرباب العمل بتوفير التأمين الصحي للعمال لضمان حماية أفضل للجميع.”

Your Page Title