أثير - ريما الشيخ
تجسيدًا لعلاقات الصداقة الراسخة التي تربط سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، وانطلاقًا من حرص البلدين على دفع أوجه التعاون الثنائي في شتى المجالات، وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، يقوم اليوم –بمشيئة الله تعالى وتوفيقه– حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بزيارة رسمية إلى روسيا الاتحادية.
فماذا تعرف عزيزنا القارئ عن روسيا، أكبر دولة في العالم؟
الاسم واللغة الرسمية
يُطلق على روسيا اسم الاتحاد الروسي (Российская Федерация)، وهي دولة فدرالية تمتد عبر قارتي أوروبا وآسيا، واللغة الرسمية هي الروسية، وتُعد من أكثر اللغات انتشارًا في العالم، حيث يتحدث بها ما يزيد عن 99٪ من السكان، مع وجود لغات محلية أخرى معترف بها في الجمهوريات التابعة للاتحاد.

لمحة عن التاريخ
تبدأ جذور الدولة الروسية من إمارة كييف روس في القرن التاسع، وهي أول كيان سياسي موحّد للسلاف الشرقيين، وتم تبني المسيحية الأرثوذكسية عام 988، ما شكّل الأساس للهوية الدينية والثقافية الروسية.
مع انهيار كييف روس، برزت موسكو في القرن الرابع عشر كمركز سياسي جديد، وتحوّلت إلى دولة قوية تحت حكم القيصر إيفان الرابع (الرهيب) في القرن السادس عشر. وفي عهد بطرس الأكبر (1682–1725)، بدأت روسيا بالتحول إلى قوة أوروبية حديثة من خلال التحديث العسكري والإداري والثقافي، وتم نقل العاصمة إلى سانت بطرسبرغ لتكون “نافذة روسيا على أوروبا“.

أسّست روسيا لاحقًا الإمبراطورية الروسية، التي امتدت لتصبح واحدة من أضخم الإمبراطوريات في التاريخ بحلول القرن التاسع عشر، ومع ذلك، عانت البلاد من اضطرابات داخلية وأزمات اقتصادية، ما أدى إلى اندلاع الثورة البلشفية عام 1917 بقيادة فلاديمير لينين، والتي أطاحت بالحكم القيصري وأدّت إلى تأسيس الاتحاد السوفيتي في 1922.

خلال العقود التالية، أصبح الاتحاد السوفيتي قوة عظمى منافسة للولايات المتحدة، خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية، ولعب دورًا رئيسيًا في الحرب الباردة والصراع الأيديولوجي العالمي.
في ديسمبر 1991، انهار الاتحاد السوفيتي بعد أزمات اقتصادية وسياسية، وأعلنت روسيا استقلالها كـ“الاتحاد الروسي“، لتبدأ فترة انتقالية مضطربة في التسعينيات، تميّزت بإصلاحات اقتصادية قاسية وانخفاض حاد في مستوى المعيشة، قبل أن تستعيد استقرارها تدريجيًا مع صعود فلاديمير بوتين للسلطة عام 2000.
الرؤساء منذ 1991:
منذ استقلال روسيا عن الاتحاد السوفيتي، تولّى ثلاثة رؤساء الحكم:
- بوريس يلتسن (1991 – 1999): أول رئيس منتخب، قاد فترة ما بعد السوفييت المليئة بالتحديات.
- فلاديمير بوتين (1999 – 2008، ثم من 2012 حتى الآن): أعاد الاستقرار وعزّز الدور الدولي لروسيا.
- دميتري ميدفيديف (2008 – 2012): حكم لفترة واحدة، ثم عاد بوتين إلى السلطة. بوتين يواصل حكمه في 2025، بعد تعديلات دستورية تسمح بتمديد ولايته.
أبرز ما تشتهر به روسيا
تشتهر روسيا بإرث ثقافي وإنساني ضخم يمتد لعصور طويلة، فقد أنجبت أعظم أدباء العالم مثل ليو تولستوي صاحب روايتي الحرب والسلام وآنا كارينينا، وفيودور دوستويفسكي الذي كتب الجريمة والعقاب والإخوة كارامازوف، وألكسندر بوشكين الذي يُعد مؤسس الأدب الروسي الحديث.
كما تُعد روسيا من رواد الباليه العالمي عبر فرق شهيرة مثل فرقة البولشوي في موسكو وفرقة مارينسكي في سانت بطرسبرغ، وتضم تراثًا موسيقيًا كلاسيكيًا أثرى العالم بأعمال مؤلفين مثل تشايكوفسكي وريمسكَي-كورساكوف.

وفي مجال العلوم والتكنولوجيا، كانت روسيا السباقة في سباق الفضاء، حيث أطلقت أول قمر صناعي في العالم (سبوتنيك 1) عام 1957، وأرسلت أول إنسان إلى الفضاء (يوري جاجارين) عام 1961، في إنجازات تاريخية وضعتها في مقدمة الدول الفضائية، وكذلك، تُعرف روسيا بتقاليدها الفولكلورية الغنية، وفنونها الشعبية، وهندستها المعمارية التي تجمع بين الأرثوذكسي والقيصري، كما في قباب الكاتدرائيات متعددة الألوان، والتي أصبحت رمزًا بصريًا للهوية الروسية.

الاقتصاد والصناعات
روسيا من كبار المنتجين والمصدّرين عالميًا للطاقة، إذ تمتلك أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي وثامن أكبر احتياطي نفطي. يشكل النفط والغاز العمود الفقري للاقتصاد.

كما تشتهر بصناعة الأسلحة، والمعدات العسكرية، والفضاء، والقمح (أكبر مصدّر عالميًا)، إلى جانب صناعات التعدين والطاقة النووية.

ورغم العقوبات الغربية، نما الاقتصاد الروسي بنسبة 3.8٪ في 2024، ويتوقع أن يتباطأ إلى 1.4٪ في 2025.
المناخ والطقس
يغلب على روسيا المناخ القاري البارد، خاصة في سيبيريا والمناطق الشمالية. تشهد البلاد شتاءً قارسًا، إذ تصل الحرارة إلى -50°م في بعض المناطق، بينما تتمتع مناطق مثل سوتشي جنوبًا بطقس معتدل نسبيًا.

الصيف قصير ومعتدل، خصوصًا في المدن الأوروبية مثل موسكو وسانت بطرسبرغ، التي تشهد درجات حرارة بين 18 و25°م.

السياحة والمعالم البارزة
تعد روسيا من الوجهات الغنية بالمواقع الثقافية والطبيعية. من أبرز معالمها:
- الكرملين والساحة الحمراء في موسكو، وهي رموز سياسية وتاريخية.
- كاتدرائية القديس باسيل ذات القباب الملونة.
- متحف الإرميتاج في سانت بطرسبرغ، أحد أضخم متاحف العالم.
- بحيرة بايكال في سيبيريا، أعمق بحيرة مياه عذبة في العالم.
- جبل إلبروس، أعلى قمة في أوروبا.
- يشتهر قطار ترانس سيبيريا برحلة تمتد آلاف الكيلومترات عبر طبيعة خلابة.


عدد السكان
بحلول عام 2025، يُقدّر عدد سكان روسيا بنحو 145 مليون نسمة، مع تركّز كبير في غرب البلاد، خاصة في موسكو (أكثر من 12 مليون نسمة) وسانت بطرسبرغ. رغم الاستقرار العددي، تواجه روسيا تحديًا ديموغرافيًا بسبب انخفاض معدل المواليد وشيخوخة السكان، إضافة إلى هجرة الشباب منذ الحرب الأوكرانية.

الدور السياسي والعسكري
روسيا تُعد قوة عظمى، وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، حيث تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم، وتلعب دورًا رئيسيًا في الملفات الدولية، من أوكرانيا وسوريا إلى علاقتها المعقدة مع الغرب، ورغم العقوبات، حافظت على نفوذها عبر تحالفات مع الصين والهند ودول آسيا الوسطى.
المصادر :
- الموسوعة البريطانية (Encyclopedia Britannica)
- رويترز (Reuters)
- الجزيرة نت
- BBC News
- صندوق النقد الدولي (IMF)
- ويكيبيديا – النسخة الإنجليزية والعربية
- World Bank – البيانات الاقتصادية والديموغرافية
- موقع متحف الإرميتاج الرسمي (Hermitage Museum)
- هيئة الإحصاء الفدرالية الروسية (Rosstat)
- وكالة الفضاء الروسية (Roscosmos)