أخبار

“غُداف”.. حل عماني مبتكر لتحويل النفايات إلى موارد اقتصادية

“غُداف”.. حل عماني مبتكر لتحويل النفايات إلى موارد اقتصادية

أثير- ريما الشيخ

في إطار تشجيع الابتكار الطلابي في مجالات الاستدامة البيئية، انطلق مشروع “غُداف” من جامعة السلطان قابوس كنموذج ريادي يعكس وعي الشباب العُماني بضرورة إدارة النفايات بأساليب ذكية ومستدامة.

قال محمد السيابي رئيس قسم التسويق في شركة “غُداف” لـ #أثير إن فكرة تأسيس الشركة جاءت استجابة لواقع بيئي واقتصادي ملح، حيث لاحظ الفريق كميات ضخمة من الموارد القابلة للاستفادة تُهدر وتُطمر يوميًا، مما يؤدي إلى تلوث البيئة واستنزاف مساحات شاسعة من الأراضي دون فائدة، ومن هذا المنطلق، أُنشئت “غُداف” على يد مجموعة من الطلبة الطموحين بجامعة السلطان قابوس، مدفوعين برغبتهم في تقديم حل واقعي لمشكلة الهدر في قطاع الخردة المعدنية، واستغلال هذه الموارد في دعم الاقتصاد الوطني من خلال حلول مبتكرة ومستدامة لإدارة النفايات.

“غُداف”.. حل عماني مبتكر لتحويل النفايات إلى موارد اقتصادية (MALIK)

وأشار إلى أن اسم “غُداف” يحمل دلالة رمزية تعكس جوهر عمل الشركة، إذ استُلهم من طائر عُرف بقدرته على التقاط الأشياء الثمينة من بين الركام، وانسجامًا مع هذه الرؤية، تسعى “غُداف” إلى استكشاف القيمة الكامنة في النفايات واسترداد ما يمكن أن يتحول إلى مورد اقتصادي ذي جدوى، وذلك في إطار يعزز مفاهيم الاستدامة والاقتصاد الدائري.

وأوضح أن “غُداف” تسعى في المدى القريب إلى تحويل الفكرة إلى نظام فعّال ومتكامل لفرز الخردة المعدنية من النفايات الصلبة باستخدام تقنيات ذكية تضمن الدقة والسرعة، مع ربط المصانع والتجار بمنصة رقمية متطورة تزوّدهم بتقارير تحليلية موثوقة، تعزز الثقة وتُسرّع عمليات البيع والشراء، أما على المدى المتوسط، فهناك خطة لتوسيع الأثر ليشمل معالجة نفايات أخرى مثل البلاستيك والزجاج والكرتون، مع التوسع لتغطية محافظات مختلفة في السلطنة، وتطوير قدرات التحليل والتسعير بدعم من الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

وبيّن أن “غُداف” تسهم في تقليل الأثر البيئي من خلال خفض كميات الخردة المعدنية غير المستغلة، ومنع تراكمها في مكبّات النفايات أو حرقها، مما يؤدي إلى تلوث الهواء والتربة. كما تُعزز سلوكًا صناعيًا أكثر وعيًا ومسؤولية تجاه البيئة.

وتحدث السيابي عن التميّز التقني للمشروع، موضحًا أن معظم الشركات البيئية تركز على التجميع أو إعادة التدوير، بينما تهمل الخطوة الأساسية وهي الفرز، خاصة في ظل طبيعة النفايات المختلطة والمعقدة في سلطنة عُمان، وأكد أن “غُداف” جاءت كنظام ذكي ومتكامل صُمم ليتوافق مع هذا الواقع المحلي، ويعتمد على الأتمتة الكاملة عبر تقنيات الفرز المغناطيسي والتحليل الطيفي والرصد الذكي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، مما يرفع من كفاءة الأداء ويقلل الحاجة للتدخل البشري.

وأضاف: النظام يسهم أيضًا في بناء قاعدة بيانات تصنيفية دقيقة تُظهر أنواع وكميات النفايات، مما يدعم التخطيط ويحفز الاستثمار في قطاع إعادة التدوير، ويُخطط الفريق لتوسيع نطاق الخدمة ليشمل أنواعًا أخرى من النفايات كالبلاستيك والزجاج، وليس فقط الخردة المعدنية.

وذكر: أن الفريق حرص منذ انطلاقته على المشاركة الفاعلة في الفعاليات العلمية والمسابقات الريادية على مستوى الجامعة والمجتمع المحلي، فكانت “غُداف” من ضمن أفضل ثلاثة مشاريع بيئية في المهرجان العلمي 21، وشاركت في معرض الشركات الطلابية 2025 بمسابقة “إنجاز” في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، كما حضرت في معرض البحث العلمي والابتكار ضمن احتفالية يوم الجامعة “نواكب 25”، من خلال ركن مركز الابتكار والتكنولوجيا.

وأوضح أن هذه المشاركات أسهمت في تعزيز حضور المشروع وفتح آفاق جديدة للتعاون مع مؤسسات داعمة ورواد أعمال، كما أتيح للفريق فرصة عرض النموذج الأولي للنظام أمام مختصين وخبراء، مما وفّر تغذية راجعة قيمة، وساهم في بناء شبكة علاقات قوية تُمهّد لتوسيع نطاق الدعم والتعاون المؤسسي مستقبلًا.

وبيّن أن الفريق يسعى لعرض المشروع على مستثمرين وشركاء استراتيجيين من المهتمين بحلول التقنية البيئية، بهدف توسيع قاعدة العملاء وتطوير الخدمات بما يخدم أهداف الاستدامة، مؤكدا أن “غُداف” تسهم بشكل مباشر في تحقيق تطلعات رؤية عُمان 2040، من خلال دعم الاقتصاد الدائري، وتشجيع التحول نحو الصناعات الخضراء، وخلق فرص عمل واعدة في مجالات التكنولوجيا والبيئة.

وفي ختام حديثه، وجّه رسالة إلى الشباب العُماني: لا تنتظروا أن تكون الظروف مثالية، فغالبًا ما تولد الشركات الناجحة من التحديات، عُمان تحتاج إلى حلول تنبع من فهمنا العميق لأرضنا وتجاربنا الحقيقية، فلا تقللوا من قيمة خطواتكم الصغيرة، فهي البداية التي تصنع الفارق الكبير، بدأت غُداف بسؤال بسيط، لكنها تحوّلت إلى مشروع يحمل أثرًا حقيقيًا وملموسًا، وتأكدوا بأن النجاح ليس حكرًا على أحد، والفرصة متاحة لكل من يمتلك فكرة وإرادة.

Your Page Title