الأولى

يُقلل من التعرض للحوادث أو الأخطاء التشغيلية؛ ابتكار عُماني في قطاع الكهرباء يحصد ميدالية ذهبية

ابتكار عُماني في قطاع الكهرباء يحصد ميدالية ذهبية

أثير - جميلة العبرية

من عمق التحديات التقنية في قطاع الكهرباء، ومن قلب بيئات العمل الخطرة التي تتطلب دقة وكفاءة وسرعة، خرج المبتكر بدر بن سليم المقبالي بحلٍّ ذكي واستباقي يتمثل في “جهاز التحكم عن بُعد لتشغيل وحدة الربط الحلقي الكهربائية (RMU)، وهو أحد الابتكارات الثلاثة التي تمثّل سلطنة عُمان في المعرض الدولي للاختراع والابتكار والتكنولوجيا في ماليزيا، وقد نال الميدالية الذهبية.

يشرح المقبالي عبر “أثير” الفكرة الأساسية التي انطلق منها ابتكاره، قائلًا: الفكرة الأساسية هي تمكين المهندس العامل في شبكات الكهرباء عالية الجهد من تشغيل مفاتيح وحدة الربط الحلقي (الفتح، الغلق، التأريض) عن بُعد، دون الحاجة إلى الوقوف مباشرة أمام الوحدة. يُركّب الجهاز على وحدة RMU ويعمل بمحرك كهربائي عالي العزم يُدار بأوامر لاسلكية، مضيفًا بأن الاستخدام العملي للجهاز يتركز في محطات التوزيع الكهربائية، والصناعات الثقيلة، وقطاعات النفط والغاز، حيث توجد وحدات الربط الحلقي، ويتجاوز هذا الابتكار حدود التشغيل التقليدي ليقدّم فوائد مباشرة تتعلق بالأمان والسرعة.

المبتكر بدر بن سليم المقبالي

ويتابع المقبالي موضحًا بأن الجهاز يوفر مستوى عالياً من الأمان للمهندسين من خلال تقليل تعرضهم لمخاطر الجهد العالي والقوس الكهربائي، كما يُقلل من الوقت والجهد المطلوبين في عمليات التشغيل، ويُعزز دقة تنفيذ أوامر الفصل والوصل دون تدخل بشري مباشر.

ويشير المقبالي إلى أن الجهاز تم تطويره تدريجيًا من نموذج بسيط إلى نموذج أكثر تطورًا، موضحًا أن الإصدار الأول اعتمد على التحكم اللاسلكي المباشر دون ارتباط بمنظومة إنترنت الأشياء (IoT) أما في الإصدار الثاني، فقد تم تضمين خاصية ذكية تمكّن الجهاز من تعلُّم سلوك التشغيل وتحليل حالة وحدة RMU الصحية، مما يُتيح له التنبؤ بمدى قابليتها للعمل أو الحاجة إلى الصيانة، وتُرسل هذه البيانات إلى مركز التحكم بالشبكة، ليُتخذ على ضوئها القرار المناسب للتشغيل الطارئ أو المبرمج.

ويؤكد المبتكر العُماني على أن أهمية الجهاز تزداد عندما يُنظر إليه من زاوية حماية الأرواح، حيث يوضح ذلك في منع الجهاز المهندس من الاقتراب المباشر من وحدة الربط الحلقي أثناء التشغيل، وهي من أكثر النقاط خطورة في محطات الكهرباء. وبذلك، يتم تقليل احتمالية التعرض لحوادث مثل الانفجارات الكهربائية أو الأخطاء التشغيلية الناتجة عن الضغط أو التعب.

وحول أبرز التحديات التقنية التي واجهت الابتكار، كشف المقبالي أنها تمثلت في في كيفية توليد عزم دوران كافٍ لتحريك مفاتيح الوحدة الثقيلة بدقة، مع الحفاظ على حجم الجهاز صغيرًا ومحمولًا، كما واجهنا صعوبة في الوصول إلى مراكز نمذجة متخصصة في دول الخليج، حيث تندر المراكز الداعمة لتطوير نماذج أولية صناعية متقدمة.

وعن المرحلة الحالية التي وصل إليها، أوضح بأن الجهاز في مرحلة النمذجة والاختبار، وقد تم تشغيله بنجاح في بيئة مختبرية، ويتم حاليًا التحضير لاختباره فعليًا على وحدة في الشبكة الكهربائية، بعد الانتهاء من جميع اختبارات العزم والسلامة المطلوبة، مشيرًا إلى أن العمل يجري حاليًا على تطوير إصدار أكثر تكاملًا مع أنظمة SCADA وأنظمة المراقبة الذكية، ليكون جزءًا من منظومة تحكم رقمي تشمل مراقبة الحالات وتشخيص الأعطال والتشغيل التلقائي.

أما عن أهمية مثل هذا النوع من الابتكارات للبنية التحتية الوطنية، يؤكد المقبالي إن هذه الابتكارات ضرورية لتحقيق أهداف السلامة والكفاءة والاستدامة في قطاع الكهرباء، حيث تشهد سلطنة عُمان ودول الخليج تحولًا نحو التشغيل الذكي، وهذا النوع من الحلول يساهم في حماية الكوادر الفنية، وتحسين جودة الخدمة، وتقليل الانقطاعات.

ويختم بدر المقبالي حديثه لـ “أثير” برسالة شكر ودعوة إلى تمكين العقول العُمانية، موجهًا شكره لكل من دعمه في هذه الرحلة، ولوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، متمنيًا أن يكون هذا الابتكار بداية لسلسلة من الحلول التي تُطوّر بيئة العمل وتُعزز من دور المهندس العُماني في الابتكار الصناعي، معتبرًا أن هذا الإنجاز، والإنجازات السابقة، ليست له وحده، بل هي للوطن العزيز، ولأهله الكرام، ولكل من آمن به ووقف إلى جانبه في هذه الرحلة الطويلة، متمنيًا أن يرى في المستقبل مزيدًا من التمكين والدعم للعقول العُمانية المبدعة والمبتكرة، فهي قادرة على تقديم حلول نوعية تخدم الوطن وتنافس على المستوى الإقليمي والدولي.

Your Page Title