الأولى

بعد انتشار ترند الكركم، تعرف على فوائده الصحية بعيدًا عن الهدر

الكركم

رصد - أثير

إعداد: ريما الشيخ

انتشر مؤخرًا ترند غريب على منصات التواصل الاجتماعي، يتمثل في وضع كأس ماء على فلاش الهاتف، ثم يُلقى الكركم داخله بطريقة تُظهر انسيابه بلونٍ ذهبيّ جذّاب أمام الكاميرا، ورغم أن هذه اللقطات قد تبدو مبهرة بصريًا، إلا أن هذا الترند تسبب في إهدار كميات كبيرة من الكركم، وهو مكوّن طبيعي غني بالفوائد الصحية والاستخدامات المتعددة.

فبين جمالية المشهد وسطحية الفكرة، تاهت القيمة الحقيقية لهذا النبات العريق، الذي شكّل جزءًا من الطب التقليدي منذ آلاف السنين، قبل أن يتحول في لحظة “تصوير” إلى عنصرٍ مُهدَر بلا هدف سوى كسب مشاهدات عابرة.

فماذا نعرف عن الكركم؟

أصل الكركم: من الهند إلى العالم

ينتمي الكركم إلى عائلة الزنجبيل، واسمه العلمي Curcuma longa، موطنه الأصلي جنوب آسيا، وخاصة الهند التي تعد حتى اليوم أكبر منتج ومستهلك ومصدر للكركم عالميًا، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن استخدام الكركم يعود إلى أكثر من 4000 عام، حيث استخدم في الثقافة الفيدية في الهند كتوابل ودواء ووسيلة طقسية في الطقوس الدينية والزواج.

وقد وثّقت المخطوطات الصينية والعربية القديمة استخدام الكركم في علاج مشاكل الهضم والالتهابات الجلدية واليرقان، كما استخدمه الأطباء العرب في الطب التقليدي، وكان يُعرف بـ“الزعفران الهندي” نظرًا للونه القوي ورائحته المميزة.

فوائده الصحية والعلاجية

  • الكركم غني بمركب نشط يُدعى الكركمين، وهو المسؤول عن خصائصه المضادة للالتهابات والمضادة للأكسدة. ومن أبرز فوائده المدعومة علميًا:
  • مضاد قوي للالتهابات: يساعد في تخفيف التهابات المفاصل والمشاكل المزمنة مثل التهاب القولون.
  • يحسن الهضم: يستخدم لتحفيز إفراز العصارات الصفراوية مما يسهل عملية الهضم.
  • تعزيز المناعة: بسبب خصائصه المضادة للميكروبات.
  • يساهم في الوقاية من السرطان: بعض الدراسات الأولية تشير إلى أن الكركمين قد يبطئ نمو بعض أنواع الخلايا السرطانية.
  • تحسين صحة الدماغ: يُعتقد أن الكركمين يعزز إفراز هرمون BDNF الذي يُحسّن وظائف الدماغ ويقلل من خطر الإصابة بالألزهايمر.
  • خفض مستويات الكوليسترول والوقاية من أمراض القلب.

استخداماته المتنوعة

لا تقتصر استخدامات الكركم على المجال الغذائي، بل تمتد إلى:

  • الطب التقليدي في الهند، الصين، والعالم العربي.
  • صناعة مستحضرات التجميل: مثل أقنعة تفتيح البشرة، كريمات حب الشباب.
  • المطبخ العالمي: حيث يدخل في تتبيلات اللحوم، الحساء، الكاري، وحتى العصائر.
  • الطبخ النباتي كمكوّن أساسي للون والنكهة.
  • صبغ الأقمشة بلونه الأصفر الزاهي.

أبرز استخدامات الكركم في المشروبات:

حليب الكركم (الحليب الذهبي):

 من أشهر الاستخدامات، يُخلط الكركم مع الحليب الدافئ ويُضاف إليه أحيانًا الزنجبيل والعسل أو الفلفل الأسود لتعزيز الامتصاص، ويُشرب قبل النوم كمهدئ ومضاد للالتهاب.

كركم مع عصير البرتقال:

 يُستخدم كمشروب صباحي غني بفيتامين C ومضادات الأكسدة، ويُضاف إليه أحيانًا الزنجبيل أو العسل.

شاي الكركم:

 يُغلى الكركم الطازج أو المطحون مع الماء ويمكن إضافة الليمون والعسل، ويُشرب كمنقٍ للجسم ومساعد للهضم.

مشروب الكركم مع الليمون والماء الدافئ:

 يُشرب على الريق لتنشيط الكبد وتحفيز عملية الأيض.

سموذي الكركم:

 يُضاف الكركم إلى العصائر الخضراء أو سموذي الموز والأناناس لتعزيز القيمة الغذائية والنكهة.

الأضرار المحتملة للإفراط في استخدام الكركم

رغم فوائده، إلا أن الإفراط في تناول الكركم قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل:

  • تهيج المعدة والغثيان.
  • الإسهال أو اضطرابات الجهاز الهضمي.
  • التفاعل مع الأدوية مثل أدوية سيولة الدم أو السكري.
  • مشاكل في امتصاص الحديد عند الاستخدام الطويل بكميات كبيرة.
  • الحساسية الجلدية عند وضعه مباشرة دون اختبار أولي، خاصة مع الخلطات الترنديّة غير المدروسة.

بين الجمال البصري والاستهلاك العشوائي

تحوّل الكركم في هذا الترند من مكوّن طبيعي غني بالفائدة إلى عنصر جمالي يُستخدم فقط لتصوير لحظة ساحرة على الهاتف، فالمشهد المضيء الذي يصنعه الكركم عند نزوله في كأس ماء على فلاش الجوال، يبدو ممتعًا للبصر، لكنه يحمل في طيّاته إهدارًا لمادة ثمينة تُزرع بعناء في مزارع الهند وبلدان آسيوية أخرى.

الغريب أن هذا الاستخدام لا يتضمن أي فائدة فعلية، فلا هو تناول صحي ولا هو وصفة تجميلية، بل مجرد لقطة لا تتجاوز ثوانٍ قليلة، ومع تكرارها من قبل آلاف المستخدمين، تُستهلك كميات كبيرة من الكركم دون غرض حقيقي، مما يُفقده قيمته ويفتح بابًا لإفراغ المنتجات الطبيعية من معناها، وتحويلها إلى أدوات مؤقتة لزيادة المشاهدات.

الترند قد يبدو بريئًا، لكنه يعكس خللًا أعمق في ثقافة الاستهلاك، حيث يُقدَّم الشكل على الجوهر، وتُهدر الموارد لأجل صورة عابرة دون وعي بعواقب ذلك بيئيًا واقتصاديًا.

المصادر:

  • ‏Cleveland Clinic
  • ‏National Center for Complementary and Integrative Health (NCCIH)
  • ‏Medical News Today
  • WebMD
Your Page Title