الأولى

تناول شخصية عُمانية مشهورة: مسلسل تاريخي أنتجه التلفزيون قبل 48 عامًا وبقي عالقًا في ذاكرتنا

مسلسل تاريخي

أثير- تاريخ عمان

إعداد: د. محمد بن حمد العريمي

عرف الإعلام العماني طوال تاريخه الحديث اهتمامًا كبيرًا بتنفيذ عدد من الأعمال الفكرية الدينية، والأدبية، والتاريخية، خصوصًا ما يتعلق بالتراث الثقافي العماني، ورسخت في أذهان العديد من أجيال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي عددًا من الأسماء الرنّانة لمسلسلات وبرامج إعلامية ودرامية ما يزال البعض يبحث عنها ويتابعها بين حينٍ وآخر، ومنها: أسد البحار، والسندباد، والخليل بن أحمد، والشعر ديوان العرب، ومُسلسل “عُمان في التاريخ” الذي أنتجه التلفزيون في عام 1995م.

أحمد بن ماجد
التتر الخاص بعرض مسلسل السندباد 1984م

“أثير” تقترب في هذا التقرير من كواليس أحد المسلسلات التاريخية التي أنتجها التلفزيون العماني في بداياته، وما يزال يعد علامة درامية مهمة، ألا وهو مسلسل “أحمد بن ماجد” الذي تم إنتاجه بمشاركة نخبة من النجوم العرب والعمانيين.

تاريخ تصوير المسلسل

تم تصوير المسلسل في أستوديوهات التلفزيون العماني خلال النصف الثاني من عام 1977، حيث استمر تصويره حتى شهر أكتوبر من عام 1977، كما تم تصوير العديد من المشاهد الخارجية وبالأخص ما يتعلق بالنشاط البحري للربّان أحمد بن ماجد.

جانب من كواليس تصوير مسلسل أحمد بن ماجد. أرشيف مجلة النهضة
من كواليس تصوير مسلسل أحمد بن ماجد. أرشيف مجلة النهضة

فكرة المسلسل

يتناول المسلسل سيرة البحار العُماني الشهير (أحمد بن ماجد) ومغامراته في البحار، بالإضافة إلى علاقاته الواسعة مع أشهر الأمراء والملوك، والبحارة والمستكشفين الأوروبيين، وأهم إسهاماته في علوم المِلاحة والعلوم الأخرى.

تغطية قامت بها مجلة النهضة لكواليس تصوير المسلسل في أغسطس 1977

طاقم العمل

حظي المسلسل باهتمام كبير من قبل المسؤولين عن الإعلام العماني، وكذلك المسؤولين في وزارة التراث القومي والثقافة وقتها، وقد تم تسخير كافة الجهود من أجل إنجاح هذا المسلسل الذي تم إنتاجه للتعريف بسيرة أحد أبرز الربابنة العرب، ولمخاطبة الجيل العربي والعماني القادم حول شخصية هذا الربّان وأدواره المهمة في مجال الملاحة البحرية.

وتولى إخراج المسلسل المخرج إحسان رمزي وهو مخرج أردني بارز، عمل في التلفزيون الأردني لأكثر من 40 عامًا، وتدرج في المناصب حتى أصبح مديرًا عامًا لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون. كما عمل مخرجًا في التلفزيون العماني وأخرج مسلسلات بارزة مثل “أحمد بن ماجد”، و“السندباد“.

ينحدر رمزي من عائلة أردنية شركسية، وكان له دور تأسيسي في التلفزيون الأردني، وعمل في الإذاعة الأردنية قبل افتتاح التلفزيون. كما كان مذيعًا ناجحًا وصوتًا جميلًا، وعمل كمذيع للأخبار والبرامج، وممثل في المسلسلات التاريخية.

في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، انتقل إحسان رمزي إلى سلطنة عمان حيث استعان به وزير الإعلام العماني لإدارة تلفزيون مسقط وصلالة. هناك، أخرج مسلسلات عمانية مهمة مثل “أحمد بن ماجد” (1977) و“السندباد” (1984). توفي في مارس 2019.

صورة أرشيفية للمخرج الراحل إحسان رمزي

أما مؤلف المسلسل وواضع السيناريو والحوار له فهو الأديب يوسف أبو ريشة، وهو أديب وشاعر وإعلامي أردني، شقيق الكاتبة والأديبة زُليخة ابو ريشة، حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية شارك في كتابة مسلسل (حتى آخر جندي)، ومسلسل (أحمد بن ماجد)، ومسلسل (أبو فراس الحمداني) وغيرها. توفي 12 يونيو عام 2018م.

وتكون طاقم العمل من الممثلين من نخبة من النجوم العرب من بينهم الممثل الفلسطيني محمود سعيد في دور أحمد بن ماجد، والنجمة المصرية سهير البابلي في دور ملكة البرتغال وكانت ضيفة شرف بالنسبة للمسلسل، والنجمة المعتزلة هناء ثروت في دور رؤى ابنة أحمد بن ماجد، والنجم الأردني المعروف محمود أبو غريب في دور المعلم ماجد والد أحمد بن ماجد، والنجم الأردني محمد العبادي في دور ناتو شقيق ملك ماليندي، والنجم الأردني عبد الرحمن آل رشي في دور زعيم القراصنة، والنجم المصري أحمد مرعي في دور فاسكو دي جاما، وجودت صالح في دور أبو سيف، وأحمد خليل في دور ملك البرتغال، ومحمود مساعد في دور حكيم ماليندي، والممثل العماني أمين بن علي عبد اللطيف في دور سالم، والممثلة العمانية عائشة بنت إلياس فقير.

من كواليس العمل. مجلة النهضة
حوار مع بطل المسلسل الممثل محمود سعيد. جريدة عمان. الثلاثاء 23 أغسطس 1977

وكم نحن بحاجة إلى عرض هذا المسلسل في الوقت الحالي لتعريف أجيال المستقبل بسيرة هذا الملاح العماني والعربي البارز، وأبرز أعماله، وتأثيرها الكبير على حركة الملاحة العربية في القرون الوسطى والحديثة وما بعدها.

من هو أحمد بن ماجد!

بحسب موقع “ويكيبيديا” فأحمدُ بنِ ماجدٍ بنِ محمدٍ (821هـ-906هـ/1418-1501م) هو ملاح وجغرافي عربي من جلفار، برع في الفلك والملاحة والجغرافيا، واشتهر في القرن العشرين خطاً بأنه من قاد ڤاسكو دا ڠاما إلى الهند. أطلق عليه البرتغاليون (بالبرتغالية: almirante) ومعناها أمير البحر (الأميرال)، ويلقب بـمعلم بحر الهند. ينتسب إلى عائلةٍ من الملاحين. كتب العديد من المراجع الملاحية، وكان خبيراً ملاحياً في البحر الأحمر وخليج بربرا (خليج عدن) والمحيط الهندي (بحر الهند) ومضيق ملقا وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي.

يتمتع ابنُ ماجدٍ بأشهرِ اسمٍ في تاريخ الملاحة البحرية في الحضارة الإسلامية وعلم الملاحة العربي، وقد ارتبط اسمه بالرحلة الشهيرة لحملة ڤاسكو دي ڠاما البرتغالية من البرتغال إلى الهند حيث شاع عنه مساعدته له كأميرٍ للدفّةِ في قطع المرحلة الأخيرة ما بين مالندي (في كينيا حالياً) إلى قليقوت (كوريكود جنوبيَّ الساحلِ الهنديِّ الغربي) لأول مرةٍ في تاريخ الأوربيين. لكنّ ذلك لم يك سوى خطأٍ من الرواة إذ إنّ ابنَ ماجدٍ لم يأتِ على ذكر هذه الواقعة فيما كتب بعد رحلة دي ڠاما الاستكشافية سنة 1498م، ولم يذكرْها من المؤرخين المسلمين سوى النُّهْرُوالي، في حين لم يأتِ على ذكرِها المؤرخون البرتغاليون، كما حقق سلطان بن محمد القاسمي في الواقعة وأثبت خطأها.

ولابنِ ماجدٍ الفضلُ في إرساء قواعد الملاحة فيما وراء البحار في بحر الهند، وقد بقيت مؤلفاته وتطويراته للأدوات الملاحية كالبوصلةِ ووردة الرياح في مجال الملاحة سائدةً في كلٍّ من البحر الأحمر (بحر القلزم) والخليج العربي وبحر الهند وربما أيضاً في بحر الصين الجنوبي لزمنٍ طويل وهو أشهر من كتب في موضوع المرشدات البحرية الحديثة.

المراجع

Your Page Title