أثير- د.محمد بن حمد العريمي
كان يوم العشرين من أغسطس من عام 2008م من الأيام المشؤومة لدى قطاع عريض من أهل عمان إن لم يكن كلّهم، ذلك أنه حمل لهم واحدًا من أكثر الأخبار ألمًا وتشاؤمًا. كيف لا وقد حمل خبر وفاة إحدى أبرز الشخصيات التي حفرت لها مكانًا خالدًا في قلوب العديدين منهم بفعل أعماله وإسهاماته الخيرية التي طالت كل رقعة وشبر من أنحاء هذا الوطن.
“أثير” تعرض في هذا التقرير لشذرات من سيرة أحد أبرز رجال البر والإحسان في الوطن العربي خلال القرن العشرين، وأحد أساطين التجارة والاقتصاد كذلك، وذلك بمناسبة مرور 17 عامًا على رحيل الشيخ سعود بن سالم بن عبد الله بهوان، مع الأخذ في الاعتبار أن سيرة هذا الرجل العظيم بحاجة إلى مجلّدات وليس لمجرد بضع وريقات في تقرير صحفي متواضع.

الولادة والنشأة
ولد رجل الأعمال المعروف الشيخ سعود بن سالم بن عبد الله بن حمد بهوان المخيني في حارة (مخا) إحدى حارات مدينة صور العريقة، لأسرة تجارية بارزة ظهر بها العديد من الأسماء التجارية المعروفة التي امتلكت عددًا من السفن التجارية التي جابت موانئ الخليج العربي، والمحيط الهندي المختلفة، ومن بينهم على سبيل المثال جدّه عبدالله بن حمد بن راشد بهوان المخيني، وعمّه النوخذا محمد بن عبدالله بهوان، وعمه النوخذا سعيد بن عبد الله بن حمد بهوان، والنوخذا علي بن جمعه بهوان، والنوخذا صالح بن عبدالله بهوان (النجدي)، والنوخذا جمعة بن علي بن جمعة بهوان، والنوخذا حمد بن راشد بن حمد بن بهــوان، والنوخذا سالم بن علي بن جمعه بهوان، والنوخذا ناصر بن سعيد بن عبدالله بهوان، والنوخذا مبارك بن عبدالله بن حمد بهوان، والنوخذا ورجل الأعمال مبارك بن جمعة بن علي بهوان، وغيرهم من الأسماء البارزة في مجال الملاحة البحرية، ومن أبرز سفنهم على سبيل المثال: الخضراء، وأم الركب، والطاؤوس، وفتح الرحمن، والسعد، والزاهر، والسمح، وغيرها.


ولعل من بين أبرز النواخذة ورجال الأعمال الذين عرفتهم مدينة صور خلال النصف الأول من القرن العشرين، والده النوخذا المعروف سالم بن عبد الله بن حمد بهوان المخيني الذي برز في المجالين الاقتصادي والاجتماعي للمدينة، وكان من الشخصيات المؤثرة ومن أصحاب الرأي المسموع، وصاحب بصمات بيضاء عرفتها المدينة خلال الفترة التي ظهر فيها.


ينحدر سالم بن عبدالله بهوان من أسرة عريقة مارست التجارة أبًا عن جد، وكان والده النوخذا عبدالله بن حمد بن راشد من النواخذة المعروفين خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وامتدت تجارته إلى الهند وشرقي أفريقيا، وموانئ الخليج، وعدن، وامتلك سفينة تدعى (أم الجراحيف)، والقرحاف هو حذاء خشبي نسائي ويسمى بالقبقاب كذلك، وقد أبحرت هذه السفينة كثيرًا إلى جانب الأسطول التجاري العماني في فترة الأسفار الشراعية، حتى تحطمت إثر اصطدامها هي والسفينة (الزاهر) بإحدى جزر أرخبيل الحلانيات خلال فترة الخريف. كما كان عدد من إخوانه ومن بينهم سعيد، ومحمد، وراشد نواخذة معروفين.
وقد امتلك النوخذا سالم بن عبدالله بهوان (عمارة) كبيرة تطل على خور البطح بجوار مبنى الفرضة (الجمرك)، والعمارة في المصطلح البحري تعني المكان الذي يتم فيه تخزين الأدوات الخاصة بأصحاب السفن، وقد تم إهداء هذا المنزل فيما بعد إلى الحكومة، وتم تحويله مطلع النهضة المباركة إلى عيادة صحية، ويعرف الآن ببيت السلطان.


كما امتلك النوخذا سالم بن عبدالله بهوان عددًا من السفن التجارية لعل من أبرزها وأشهرها السفينة المعروفة باسم (الخضراء)، وسميت بهذا الاسم دلالة على الاستبشار والتفاؤل بالخير والبركة، وقد تخصصت في التجارة مع الهند، ويعتقد أنها صنعت في العقد الثاني من القرن العشرين لأسرة القاسمي، ثم آلت ملكيتها للشيخ النوخذا سالم بن عبدالله بهوان مبادلة بالسفينة “جاد الكريم”، وخدمت “الخضراء” ضمن أسطول السفن التجارية العمانية، وترددت كثيرًا على موانئ الهند خصوصًا عندما كانت صادرات تجارة البسر العماني والأسماك المملحة في أوج نشاطها، وقد ظلت تمارس نشاطها لحين انكسارها إثر اصطدامها بالصخور قرب جزيرة مصيرة وهي في طريقها إلى الهند وعلى متنها حمولة كبيرة من أسماك الكنعد تقدر بثمانية آلاف سمكة، وكان يقودها الشيخ سعود بن سالم بهوان والنوخذا ناصر بن عبدالله المخيني.
وقد تركّز نشاط النوخذا سالم بن عبدالله بهوان التجاري في مجال البسور بشكلٍ أساسي، بالإضافة إلى بعض السلع الغذائية الأخرى كالأسماك المجففة، والليمون العماني، والجلود، وكان خط سيره التجاري يمتد ما بين عمان والهند، ويمكن القول إنه من النواخذة القلائل الذين تخصصوا في التجارة مع الهند.

وقد امتلك سالم بن عبدالله بهوان مكتبًا تجاريًا للاستيراد والتصدير في مومباي تحت مسمى (Gold Fish)، وكان يتعامل من خلاله مع عدد من تجار مسقط وعمان ومن أبرزهم صديقه رجل الأعمال المعروف الشيخ موسى بن عبد الرحمن حسن الذي جمعته به علاقة تجارية وشخصية وطيدة استمرت مع أبنائه فيما بعد



كان سالم بن عبدالله بهوان شخصية مجتمعية بارزة، يجمع بين الحضور القبلي والثقل التجاري، الأمر الذي منحه مكانةً متميزة في أوساط المجتمع، فقد ربطته علاقات واسعة بمختلف فئات الناس ونخبهم، وكان اسمه حاضرًا في العديد من المراسلات الودية والاجتماعية المتبادلة بين شخصيات المدينة، ومن الشخصيات الذين ربطتهم به علاقة وثيقة: الشيخ علي بن عيسى بن خميس الزدجالي إحدى أبرز الشخصيات الصورية خلال القرن العشرين وممن برزوا في مجال البريد والحوالات المالية عدا عن مكانته كرجل دين، ونشاطه كأحد تجار سوق صور، ومنهم رجل الأعمال المعروف الشيخ موسى بن عبد الرحمن حسن صاحب الوكالات التجارية العديدة وأحد أعيان مدينة مسقط، وكانت تجمعه بالشيخ سالم علاقة اجتماعية واقتصادية وطيدة، ومنهم كذلك التاجر صالح بن مبارك الخضوري الذي زامله خلال وجوده في بومباي وكان أحد أصحاب المكاتب التجارية هناك، ومحمد بن سعيد الحتروشي الذي امتلك مكتبًا تجاريًا في بومباي كذلك، عدا عن شخصيات صور القبلية كالشيخ ناصر بن علي الحشار، والشيخ محمد بن عبدالله بن خميس المخيني، والشيخ حمد بن خلفان المخيني، والشيخ سالم بن ناصر الفارسي، والشيخ ناصر بن محمد ولد فنه العريمي، والشيخ عبدالله بن راشد ولد فنه العريمي، وأمين الجمارك المعروف سالم بن راشد التمامي، وولاة صور المتعاقبين، وشخصيات عديدة لا يتسع المجال لحصرها هنا.
كما ورد ذكره في الرسائل المتداولة بشأن الشؤون التجارية، خصوصًا تلك المتعلقة بتقلبات الأسعار في الأسواق الهندية؛ ما يدل على اتساع نطاق تجارته واهتمام المهتمين بأخباره الاقتصادية.




كما كان للشيخ سالم بن عبدالله بهوان أدوار مجتمعية بارزة، فقد عرف عنه إسهاماته المجتمعية في القضايا التي تخص المدينة، نعرض لبعضٍ منها على سبيل المثال، فيذكر الباحث الشيخ تركي بن سعيد البلال أنه خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، عندما لجأ أهل صور إلى جانب من التنظيم الاجتماعي لمواجهة تداعيات الحرب وآثارها، في ما عرف بسنة (الكنترول)، والمقصود به توزيع المؤن الغذائية على الحارات، ووضع تسعيرة مناسبة للسلع الاستهلاكية منعًا للاحتكار، كان منزل سالم بن عبدالله بهوان أحد البيوت المختصة بتوزيع المؤن في مخا.
كما يشير الباحث تركي البلال إلى أنه عند اتفاق طوائف الجنبة الأربع على بناء المسجد الجامع كان سالم بن عبدالله بهوان المسؤول عن تجميع مساهمة قبيلته، وبحكم وجوده في الهند فقد أسهم في جلب الأخشاب وبعض مواد البناء المطلوبة من هناك.
ويذكر البلال كذلك أنه عند قيام قبائل الجنبة ببناء (حصن سكيكرة) مطلع القرن العشرين لحماية موارد المدينة المائية، كان النوخذا سالم بن عبدالله بهوان هو من جلب باب الحصن من الهند، عدا عن إسهامات مجتمعية أخرى عديدة لا يتسع المجال لعرضها جميعًا في هذا التقرير.

كما تفاعل سالم بهوان بحكم أسفاره واطّلاعه، واحتكاكه بالعديد من النخب السياسية والاجتماعية داخل عمان وخارجها، مع العديد من القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فعندما حدثت الثورة الكبرى في عام 1936 لم يكن أهل عمان بشكلٍ عام، وأهل صور بشكلٍ خاص منفصلين عن واقعهم العربي والإسلامي وبالأخص القضية الفلسطينية، لذا فقد تفاعلوا معها، وسعوا إلى مساندة أهلها، ولعل مما يشير إلى ذلك، ما نشرته جريدة (الشباب) لصاحبها الفلسطيني محمد علي الطاهر في عدد ٩ نوفمبر ١٩٣٨م عن أسماء عدد من أهالي مدينة صور الذين تبرعوا لصالح القضية الفلسطينية، ومن بينهم الشيخ سالم بن عبدالله بهوان الذي تبرع بمبلغ (20) روبية، وذكرت أنه: " أرسل إلينا حضرة السيد الكريم علي بن عيسى الزدجالي من أفاضل بلدة صور التابعة لمسقط في خليج فارس 360 روبية لإعانة منكوبي فلسطين وذلك من حضرته ومن حضرات فضلاء تلك المدينة“. ويمثل هذا الخبر دليلاً واضحًا على مستوى الوعي القومي والإسلامي الذي كان يحمله أبناء المدينة. كما يعكس روح التضامن العربي التي جسدها أبناء مدينة صور تجاه محنة الشعب الفلسطيني في تلك المرحلة المبكرة من تصاعد النكبة.

توفي الشيخ سالم بن عبدالله بن حمد بهوان المخيني في عام 1959م، وكانت سنة وفاته من السنوات الكبيسة في تاريخ صور، حيث تزامنت مع كارثة السفينة (سمحة) لصاحبها النوخذا ناصر بن سيف بن ثابت المخيني، والتي فُقِدَ فيها حوالي (141) من طاقمها وركّابها أثناء عودتها في نهاية شهر مايو من زنجبار. كما توفي فيها الشيخ محمد بن عبدالله بن خميس بن مسلّم المخيني أحد شيوخ صور البارزين وقتها، وكان صديقًا مقرّبًا من سالم بن عبدالله بهوان الذي تأثر بوفاته كثيرًا، وقد أنجب الشيخ سالم بهوان ستة من الأبناء الذكور هم عبدالله، وسهيل، وسعود، وجمعة، وحمد، والحاج وهو أصغرهم، والذي تم تسميته بهذا الاسم أثناء ذهاب والده إلى الحج، ويبدو أنه ولد في عام 1947م أثناء وجود والده في الأراضي المقدّسة، وتسعًا من الإناث.

البدايات
كان من الطبيعي لشخص ينشأ في ظل مدينة كَصور، لا يفتر ميناؤها عن استقبال ووداع القادمين والذاهبين الحاملين معهم إلى جوار سلعهم وبضائعهم، العشرات من القصص والحكايات عن الأماكن التي قدموا منها أو ذهبوا إليها، والتي كانت تشكّل خيالًا خصبًا لأبناء المدينة ويتشوقون لخوض تجربة المغامرة والبحث عن المجهول، عدا عن كونه سليل أسرة شكّلت التجارة جانبًا مهمًا من كيانها، فكان يرى والده وأعمامه وهم يستعدون للسفر في بداية كل موسم وينتظر اللحظة التي يتم السماح له بمرافقتهم في رحلاتهم الطويلة.
لم تطل لحظة الانتظار، فقد كان من عادة ربابنة السفن في صور أن يخوض أبناؤهم تجربة السفر منذ نعومة أظفارهم، كي يتعلموا قواعد الملاحة أساسياتها، أو كما تعرف بأصول “التنخذة” أو “قيادة الدرك”، لذا فبعد مشوارٍ قصير مع كتاتيب المدينة، ثم البدايات مع مدرسة الغزالي أو “دار الفلاح” التي افتتحت حوالي في عام 1943م، بدأت رحلة طويلة للشيخ سعود بن سالم، امتدت لما يزيد على ستة عقود، واجه خلالها تحديات كبيرة، وتوقف في محطات مفصلية، صقلته وأهلته ليصبح واحدًا من أبرز الأسماء التجارية في عُمان والعالم العربي.
في التاسعة من عمره، أي في حوالي عام 1946م أو ما بعدها بقليل، وضع سعود بهوان رجله اليمنى لأول مرة على عتبة سفينتهم “الخضراء” في رحلةٍ إلى الهند ستكون باكورة رحلاتٍ طويلة فيما بعد، وحول هذه البدايات يذكر الشيخ في لقائه مع الصحفي علي بن راشد المطاعني ضمن لقاءً مطوّل أجراه في عام 1996م بمناسبة تشريف جلالة السلطان قابوس بزيارة المدينة:
" كنت في التاسعة من عمري عندما بدأت السفر والترحال، وكانت رحلتي الأولى إلى بومباي وبتلك السن المبكرة بدأت أفكر بمهنة مستقرة على أرض الوطن لأن أبي بدا يطعن في السن. وبالرغم من المال الجيد الذي كان يكسبه، كان لديه 9 بنات بالإضافة إلى عبدالله بن سالم، وجمعة بن سالم، وسهيل بن سالم وأنا، وشعرت أنه إذا توفي والدي فإن عائلتنا ستعاني الكثير. ولذا بدأت أفكر في هذا الأمر ليل نهار كيف يمكن أن أؤمن لها الحياة المستقرة الهانئة، وبنفس الوقت لم أكن أبدًا أريد أن أكون خاسرًا، بل كنت دائمًا أخطط لكي أكون ناجحًا ومنتصرًا“.

ويبدو أن الشيخ سالم بن عبدالله بهوان وبسبب وجود مكتبه في بومباي وارتباط نشاطه التجاري بالهند، قرّر إلحاق أبنائه بالدراسة في إحدى مدارس الهند خلال الفترة التي كانوا يرافقونه فيها، حيث يذكر الباحث الشيخ تركي بن سعيد البلال نقلًا عن الشيخ سهيل بن سالم بهوان أن والدهم ألحقهم بإحدى المدارس هناك وكانوا يعانون من بعض التحديات المرتبطة بالسكن ومدى مناسبته لإقامتهم.

ومما يؤكد هذا الأمر، ما ذكره الشيخ سالم بن عبدالله بهوان في رسالة له من بومباي بتاريخ 16 محرم 1368هـ الموافق 18 نوفمبر 1948م مرسلة إلى الشيخ علي بن عيسى الزدجالي يشير فيها إلى أنه أدخل ابنه سهيل في إحدى المدارس هناك.

وكذلك ما ذكره الشيخ خميس بن علي الحشار في رسالة مطوّلة منه إلى الشيخ علي بن عيسى الزدجالي بتاريخ 3 نوفمبر 1952م أثناء دراسته في ممباسا، حيث يشير إلى أنه كان في شدّة الفرح عندما علم أن الوالد سالم بهوان سيوجه أبناءه إلى بومباي للدراسة.

وعلى الرغم من أن سعود بن سالم لم يكن أكبر إخوته، إلا إنه كان يشعر بالمسؤولية تجاه وضع والده الصحي، ويفكر فيما سيؤول إليه الأمر لاحقًا، لذا فقد اقترب من والده وهو في سنٍ مبكّرة حيث رافقه في رحلاته إلى الهند، كما كان يعتني بتفاصيل مرضه وعلاجه، حيث يذكر أنه:
" كانت صحة والدي تتدهور، وكان عليه أن يدير تجارته بنفسه من صور أو من بومباي، ولقد عملت معه من 4 إلى 5 سنوات. فلم أكن أساعده في تجارته فقط، بل كنت أعتني به عندما كان يمرض وأقوم على خدمته ورعايته، وأعطيه الدواء وأحقنه بالأنسولين لأنه كان مصابًا بمرض السكري. ورغم ذلك كنت أعتني بتجارتي وعملي، ولذا كان النجاح والتوفيق حليفي، ولكن عندما أكون بعيدًا عنه كان رحمه الله يعاني الكثير، ولكن لم يكن هناك خيار لدينا في تلك الأوقات الصعبة والعصيبة، سوى العمل الشاق والجهد المتواصل“.

وعندما عرف نواخذة صور المحرّكات الحديثة مع مطلع الخمسينيات الميلادية، كان النوخذا سالم بن عبدالله بهوان أحد الذين زودوا سفنهم بمحركات ديزل حديثة، حيث صنع سفينةً جديدة مزوّدة بمحرّك ديزل، وكان أبناؤه ومن بينهم سعود يعملون على هذا المركب حيث كانوا يتنقلون بين موانئ ظفار، وعدن، والبحرين، ويقومون بنقل الركاب، وجلب بعض البضائع مثل السمن والألبان من ظفار إلى مسقط، حيث يذكر:" في تلك الفترة قرر أبي أن يصنع مركبًا بمحرّك ديزل، وقد عمل الكثير من أجل تحقيق ذلك، وعندما أصبح المركب جاهزًا، كنا في السنوات الأولى نؤجره وننقل عليه الركاب من وإلى ظفار وعدن والبحرين، وكنا أيضًا نشتري السمن ومنتجات الألبان من ظفار لنقوم ببيعها في مسقط“.

وبالرغم من كونه في سنٍ مبكّرة ولم يبلغ العشرين من عمره بعد، وبالرغم كذلك من أن النشاط التجاري الذي كان يقوم به وقتها كان منتهى طموح العديد من أبناء جيله، إلا أن الفتى سعود بن سالم لم يجد في هذا العمل طموحه، وكان يسعى إلى التوسع في نشاطه من خلال الاستقلال عن نشاط والده والبدء بتكوين كيان خاص به، لذا قام مع أخيه سهيل بشراء تلك السفينة الجديدة من والدهما معًا وذلك بناءً على رغبة الوالد:
“أدركت أن مساعدة والدي على المركب لم تكن كافية بالنسبة لضمان مستقبل العائلة، وعلى الرغم من معرفتي بمدى كبر والدي شعرت أنه يجب عليّ المضيّ قدمًا في بناء حياة أفضل والتي لم أكن أستطيع تحقيقها بمجرد العمل على المركب، لذا قمنا أنا وأخي بشرائه من والدنا، وأصبحت أنا وأخي شركاء في المركب كما رغب والدنا”.
وحول البدايات بعد الاستقلال عن والده يذكر المرحوم الشيخ سعود بن سالم بهوان: " تعلمت ودربت نفسي على قيادة المركب والسيطرة عليه، كنت أريد الاعتماد على نفسي، فبدأت بتجارة السمك والتمر وكل تلك الأنشطة التجارية احتاجت إلى العمل الشاق.. وبرعاية الله وحمايته كان عملي يمضي قدمًا بشكلٍ جيّد، وخلال سنتين استطعنا دفع ثمن المركب الذي باعنا والدنا إياه“.
الاستقرار في عُمان
كان أغلب النشاط التجاري لأسرة الشيخ سالم بن عبد الله بهوان يتركز ما بين عمان والهند التي أشرنا إلى وجود مكتب تجاري للأسرة هناك، وفي بدايات نشاطه التجاري، كانت الهند محطة مهمة في تاريخ الشيخ سعود بن سالم، لكنه بعد فترة من الزمن شعر بصعوبة الاستمرار في النهج التجاري ذاته، وأدرك أن الوقت قد حان للاستقرار في عُمان والشروع في تأسيس مشروع تجاري بعيدًا عن النشاط التقليدي السائد لتجار صور وهو تجارة السفن الشراعية، فكانت تلك الخطوة مهمة وفارقة في مسيرة الشيخ سعود القادمة:
" كنت أفكر بزيادة أرباحي ولذلك أخذت عهدًا على نفسي بأن أبقى في الهند، بالرغم من أن هذا كان يعني الكثير من التضحيات ومنها العيش بعيدًا عن عائلتي لشهور طويلة ومتواصلة. ولكن بعد مضيّ 5 إلى 6 سنوات من التجارة عن طريق المراكب قلت في نفسي بأن الوقت قد حان للتوقف عن التجارة بتلك الطريقة ويجب الشروع بتأسيس شركة في عمان“.
وعلى الرغم من تحمس الشيخ سعود لفكرة الاستقرار في عمان، وفي العاصمة تحديدًا لبعد نظره، ورؤيته المستقبلية لما ستؤول إليه الأحداث بعد عدة سنوات أسوةً بالدول المجاورة، وأن التغيير لابد وأن يحدث، وأن عليه الاستعداد لتلك اللحظة، إلا أنه كانت هناك عدّة تحديات لوجستية لعل من أبرزها: ضعف البنية الأساسية في أكبر مدينتين تجاريتين في عمان، وكذلك الأوامر البيروقراطية التي كانت لا تسمح لغير سكان مسقط ومطرح تملك العقارات في المدينتين، لذا فقد قام باستئجار محل في سوق مطرح القديم عام 1967م، وكانت تلك بداية لخطوة قادمة مهمة، ونقلة نوعية كبيرة:
" في ذلك الوقت لم يكن مسموحًا بالبناء أو امتلاك المحال التجارية في مسقط، ولذا قمت باستئجار مكان وبدأت العمل في محلي الأول في سوق مطرح القديم عام 1967م“.
خلال منتصف الستينيات، كان الطلب مرتفعًا على المنتجات اليابانية من الساعات إلى الإلكترونيات ومكيفات الهواء إلى السلع المعمرة الأخرى نظرًا لموثوقيتها التشغيلية. تم النظر إليها على أنها منتجات منزلية أساسية، لذا فقد قرر الشيخ سعود بهوان بشكل إستراتيجي تسويق منتجات توشيبا التي كانت أسعارها جيدة جدًا ومثالية لبيئة التسويق التنافسية في سلطنة عُمان. بعد نجاح توشيبا في السلطنة، تم الاستحواذ أيضًا على وكالات العلامات التجارية اليابانية الشهيرة سيكو وأكاي. في هذا الصدد يذكر الشيخ سعود:
“بدأنا بوكالة توشيبا، ومن ثم بوكالة ساعات سيكو، بالإضافة إلى بعض الوكالات الأخرى، وعندما جاء ممثل شركة توشيبا اليابانية وشاهد المحل الذي أدير عملي منه أصيب بالصدمة والذهول لصغر حجم المحل. وكان حجم مبيعاتنا فقط حوالي 50 جهازًا بينما وكيلهم في دبي يبيع آلاف الأجهزة”.

ويبدو أن خطوة انتقال الأسرة إلى مطرح والاستقرار هناك كانت بتوجيه واستشارة من والدتهم رحمها الله، حيث كانت وبحكم مرافقتها لزوجها تدرك أن مستقبل الأسرة التجاري وازدهار نشاطها مرتبط بوجودهم هناك قريبًا من مركز السلطة والثقل السياسي والاقتصادي، فكانت الخطوة المهمة بالانتقال، وقد امتلكت الأسرة بيتًا في “حارة الشمال” من مطرح ما يزال موجودًا حتى الآن، وتقع بالقرب منه بيوت مملوكة لعدد من شخصيات مطرح مثل بيت الشيخ سعود بن عبدالله بن علي الخنجري نائب والي مطرح في عهد السلطان تيمور بن فيصل، وبيت الشيخ سالم بن عبدالله المنذري جد معالي يحيى بن محفوظ بن سالم المنذري، وبيت عبدالفتاح بن محمد بن صالح المعيني.
توكيل تويوتا
ربطت بين الشيخ سعود بهوان وتويوتا علاقة وطيدة، بحيث يمكن القول إن توكيل تويوتا قد يعد هو درّة التاج بالنسبة إلى استثمارات الشيخ سعود وأنشطته التجارية، وهذا الأمر انعكس على أذهان المجتمع العماني، فبمجرد تذكر تويوتا يخطر على البال اسم “بهوان”، بحيث أصبح جزءًا من الثقافة المحلية الخاصة.
أما عن كيفية حصول الشيخ سعود بن سالم بهوان على توكيل تويوتا، فهناك قصة لذلك تجسّد المعاناة، والإصرار، ووضوح الهدف لديه، حيث يذكر في لقائه مع مندوب جريدة عمان في عام 1996:
" في ذلك الوقت كان يدور حديث حول فتح وكالة لسيارات تويوتا في مسقط من قبل تاجر من دولة مجاورة مستخدمًا أسماء بعص الشركاء المحليين، ولكن بماله وليس بمالهم. ولتحضير قضيتنا وإرفاقها بدليلٍ قاطع لعرضها على صاحب الجلالة وطلب مساعدته، أرسلنا برقية لشركة تويوتا نسألهم عن وكيلهم في عمان، فكان جوابهم الاتصال بالتاجر في الدولة المجاورة، وعن طريق هذه البرقية تقدمنا من صاحب الجلالة بإزالة اللوحة التي وضعها تاجر الدولة المجاورة، وعن طريق هذه البرقية أمر جلالته بإزالة اللوحة التي وضعها ذلك التاجر، ومنذ عام 1970 فتح السلطان قابوس البداية الأولى لتجارة السيارات في عمان“.
ويضيف الشيخ سعود بهوان: “في نفس العام سافرت إلى اليابان للمرة الأولى وكان عليّ البقاء 3 أيام في المطار لأني كنت أول شخص من عمان يزور اليابان، وقد تطلب الأمر تثبيت صحة جواز سفري من السفارة البريطانية في عمان عن طريق وزارة الخارجية في لندن، والسفارة البريطانية في اليابان، والإفراج عني من الحجز والسماح لي بدخول اليابان”.
تابعت أمر الوكالة مع تويوتا بجد ونشاط ولأربع سنوات مستمرة تكللت أخيرًا بمنحنا وكالة تويوتا باسم “شركة سهيل وسعود بهوان”، وكان ذلك في عام 1974م"


ويذكر الصحفي البحريني عبد الله المدني في سياق تناوله لكيفية حصول الشيخ سعود على وكالة تويوتا في عمان، أن حصوله على وكالة حصرية لشركتي توشيبا، وسيكو كان يعدّ منعطفا مهما في حياته المهنية، أغراه بدخول حلبة التنافس للاستحواذ على وكالة سيارات تويوتا اليابانية، التي لم يكن لها وكيل معتمد محلي في سلطنة عمان، على الرغم من شهرتها وتزايد الطلب عليها بسبب تدني أسعارها آنذاك مقارنة بأسعار المركبات الأمريكية والإنجليزية، وخوفًا من أن يلتقط أحدهم الوكالة قبله، قرر سعود أن يسافر بنفسه إلى اليابان، فكان أول مواطن عماني يصل إلى طوكيو بعد عام 1970م، ليتفاجأ باحتجازه في المطار؛ لأن أيا من مسؤولي دائرة الهجرة اليابانية لم يكن قد شاهد من قبل جواز سفر عمانيًا. وبعد التأكد من صحة الجواز والتأشيرة الموجودة فيه من السفارة البريطانية في طوكيو أُخلي سبيله، وهكذا لم تمضِ أيام إلا وبهوان في ضيافة مديري شركة تويوتا، يتباحث معهم في أمر تمثيل شركتهم في عمان بحس تجاري رفيع، ويتفق معهم على الدفعة الأولى من السيارات التي سيشحنونها إلى السلطنة.

ويضيف المدني أن وصول الدفعة الأولى من مركبات تويوتا إلى عمان، وكانت عبارة عن مئة سيارة، بيعت كلها فورًا قبل إنزالها على رصيف الميناء، كان هذا في عام 1975م، وفي هذه الأثناء كان بهوان أيضا قد استعد كما يجب لتسويق تويوتا من خلال بناء وتهيئة صالات العرض وملحقاتها من ورش ومخازن لقطع الغيار وخلافه.
أعماله الخيرية
يُعدّ الشيخ سعود بن سالم بهوان، إلى جانب أخيه الشيخ سهيل، من النماذج النادرة في العطاء وعمل الخير، فقلّما يُذكر اسماهما إلا ويقترن الحديث بالبذل اللامحدود، والمبادرات الخيرية التي لم تقتصر على فئة أو مجال أو منطقة بعينها، بل شملت شرائح واسعة من المجتمع، وأسهمت في دعم جهود الدولة في مختلف المبادرات المجتمعية.

ومن الصعب بمكان حصر الأعمال الخيرية التي قام بها هذا الرجل المعطاء طوال حياته، إذ من المرجح أن ما قدّمه في الخفاء يفوق ما نُقل في وسائل الإعلام وتداولته ألسنة الناس، ونحن إذ نورد هنا بعض النماذج من عطائه، فإنما نفعل ذلك من باب الوفاء، وتحفيزًا للآخرين على الاقتداء به وبأخيه في مسيرتهما الخيّرة، مع تأكيدنا في الوقت ذاته على أن عُمان زاخرةٌ بنماذج وطنية أخرى لا تقل عطاءً وإخلاصًا.
ومن ضمن إسهامات الشيخ سعود بهوان: تبرعه بـحوالي ١٧ مليون ريال عماني لوزارة الصحة لإنشاء مركز عالمي لمراض القلب والسرطان تابع للمستشفى السلطاني، وتبرع بإنشاء آلاف المنازل على مراحل بإشراف هيئة الأعمال الخيرية" لذوي الدخل المحدود في معظم ولايات السلطنة، وتكفله برواتب الشهرية لأسر الضمان الاجتماعي في عمان، تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية، وتكفل ببناء جميع مراكز الأمل للمعوقين في ولايات السلطنة، وبناء مركز عمر بن الخطاب للمكفوفين بالخوض وتوفير الأجهزة الفنية والإدارية وكل المتطلبات والأجور الشهرية، وتوفير مكيفات وثلاجات ماء لجميع مدارس عمان، والتكفل بسفر مئات من الطلبة من أبناء أسر الضمان الاجتماعي للدراسة في الخارج على حسابه.
وتقوم (مؤسسة سعود بهوان للأعمال الخيرية) بتقديم الدعم للعديد من القضايا الاجتماعية، وأنشطتها على الصعيد الوطني واضحة في مختلف المجالات التي تشتد إليها الحاجة، وفي حين أن معظم المشاريع تشرف عليها مؤسسة سعود بهوان للأعمال الخيرية بشكل مباشر، فإنها تقوم أيضًا بتنفيذ مشاريع بالاشتراك مع الوزارات/ الهيئات الحكومية.




أوسمة
على مدار حياته المهنية اللامعة حصل الشيخ سعود بن سالم بهوان على العديد من الجوائز والألقاب تعبّر كل واحدة منها عن التقدير لإنجازاته البارزة كرجل أعمال بارز، ومن أشهر تلك الجوائز والألقاب: ‘وسام السلطان قابوس’ وهو أعلى وسام مدني في سلطنة عمان، و’وسام الشمس المشرقة’ وهو أعلى وسام مدني يمنحه صاحب الجلالة أكيهيتو إمبراطور اليابان، وجائزة أفضل مؤسسة عربية من بين ٢٢ دولة، وجائزة ‘رجل الأعمال الخليجي ' - وكان أول رجل أعمال عُماني يحصل عليها، و’جائزة أفضل إدارة’ من تويوتا موتور كوربوريشن عام 1997، ومرة أخرى عام ٢٠٠٠.

خاتمة
لقد شكّلت حياة الراحل الشيخ سعود بن سالم بن عبد الله بهوان نموذجًا ملهمًا في مسيرة الكفاح والنجاح، ودليلًا عمليًا على أن الطموح المقترن بالإصرار وبعد النظر يمكن أن يصنع الفارق. إن سيرته تستحق أن تُدرّس كنموذجٍ فريد من نماذج النجاح البشري المقرون بوعي الواقع واستشراف المستقبل.
فبينما لمع العديد من الربابنة والتجار العمانيين في ذروة ازدهار الملاحة البحرية، تميز الشيخ سعود بقوة بصيرته وقدرته على قراءة التحولات القادمة، فكان من القلة الذين أدركوا مبكرًا أن زمن السفن التقليدية يوشك أن يغيب، وأن مستقبل التجارة في مكانٍ آخر، فاختار مع أخيه الشيخ سهيل الانتقال إلى العاصمة والبدء في بناء نشاط تجاري جديد، في وقتٍ كان فيه هذا القرار يبدو للكثيرين مخاطرة كبيرة.
لكن السنوات التالية أثبتت صواب ذلك التوجه، إذ شهدت البلاد تحوّلات كبرى، وازدهرت مؤسستهما وتوسعت في مجالاتٍ متعددة، بينما تراجع نشاط آخرين ظلوا متمسكين بأنماط التجارة التقليدية. لقد كان ذلك القرار الشجاع ثمرة رؤية بعيدة، ورمزًا لروح المبادرة التي طبعت حياة الشيخ سعود بهوان، وجعلت من سيرته قصة تستحق أن تُروى وتُستلهم.

لقد لخّص المرحوم سعود بن سالم بهوان مشوار حياته في سطرين، حينما قال: " إن حياتي ومنذ بدايتها وعندما كنت ابن التاسعة وحتى الآن كانت محفوفة بالمجازفة والمخاطرة، مليئة بالعمل والجهد. لقد كانت حياة قاسية وصعبة، ولكن بالشكر لله تمكنت من تكوين عائلتي وحياتي وخدمة بلدي“.
ويمكننا أن نستعير بعضًا مما ذكره الصحفي عبدالله المدني كي يكون خير ختام لسيرة هذا الرجل العصامي: “هذا البحار .. الذي فقد كل ما يملك ذات يوم في شرق أفريقيا، فلم يجد أمامه مفراً من قطع الأخشاب وبيعها على قارعة الطريق ليتدبر بعض المال من أجل العودة إلى بلاده، هو نفسه الذي غدا، بفضل الله ثم بفضل عزيمته وثقته بنفسه وإصراره على النجاح، علماً من أعلام المال والأعمال في بلاده، وشريكاً مثالياً لأكبر منتجي السيارات اليابانية. ولعل المفارقة الجديرة بالتأمل هي أن الشخص الذي احتجز في مطار طوكيو ومنع من دخول اليابان، وعومل معاملة المشكوك في هويته، هو نفسه الذي وقف في مسقط في عام 2002، أي بعد أكثر من ثلاثين سنة، أمام ممثل إمبراطور اليابان «أكيهيتو» ليقلده «وسام الشمس المشرقة»، الذي يعد أعلى وسام مدني ياباني، وهو نفسه الذي منح سنة 2003 أعلى وسام مدني عماني “وسام السلطان قابوس” من قبل السلطان الراحل شخصياً”.
المراجع
- العريمي، ربيع بن عمبر. صور العمانية مهد الملاحة البحرية، ط1، مطبعة المها، مسقط، 2016
- الغيلاني، حمود بن حمد. أسياد البحار، سلطنة عمان، 2017
- المدني، عبدالله. سعود بهوان.. من بحّار إلى ملك متربع على عرش «تويوتا»، جريدة البيان، 23 أبريل 2023.
- المطاعني، علي بن راشد. حوار مع الشيخ سعود بن سالم بهوان. جريدة عمان، إصدار خاص بمناسبة العيد الوطني السادس والعشرين، نوفمبر 1996.
- الموقع الالكتروني لمجموعة سعود بهوان. https://saudbahwangroup.com/ar/our-legacy-ar
- الباحث الشيخ تركي بن سعيد البلال المخيني. اتصال هاتفي، الأحد 3 أغسطس 2025.
- الباحث خالد بن علي المخيني. اتصال هاتفي، الأحد 3 أغسطس 2025.
- صفحة الباحث ناصر السعدي على موقع (X )، @nassersaif111، 18 مارس 2020
- أرشيف أسرة الشيخ علي بن عيسى الزدجالي.