الأولى

بعد استهدافها للواتساب: حكم قضائي أمريكي ضد شركة تجسس إسرائيلية

حكم قضائي

رصد - أثير

إعداد: ريما الشيخ

أصدرت محكمة أمريكية حكمًا قضائيًا نهائيًا ضد شركة “إن.إس.أو” الإسرائيلية (NSO Group)، يقضي بفرض حظر دائم يمنعها من استهداف تطبيق المراسلة الشهير واتساب التابع لشركة ميتا بلاتفورمز (Meta Platforms)، بعد سنوات من النزاع القضائي بين الطرفين، في قضية تعد من أبرز الملفات المتعلقة بانتهاك الخصوصية الرقمية عالميًا.

وجاء الحكم الصادر عن القاضية فيلس هاميلتون (Phyllis Hamilton) في المحكمة الجزئية بولاية كاليفورنيا، في وثيقة تفصيلية من 25 صفحة، تضمّنت قرارًا بوقف أي أنشطة مستقبلية للشركة الإسرائيلية تهدف لاختراق تطبيق واتساب أو أنظمة الحماية الخاصة به.

وقالت المحكمة إن الشركة “تسببت بضرر لا يمكن إصلاحه لمستخدمي واتساب حول العالم”، مؤكدة أن الأدلة التي قدّمتها “ميتا” أظهرت محاولات متعددة لاختراق بيانات المستخدمين عبر تقنيات تجسس متقدمة.

خلفية النزاع بين “ميتا” و”إن.إس.أو”

بدأت القضية في أكتوبر 2019، حين رفعت شركة واتساب دعوى قضائية ضد “إن.إس.أو” متهمة إياها باستغلال ثغرة أمنية في التطبيق لاختراق ما يقارب 1,400 مستخدم في أكثر من 20 دولة، من بينهم صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان ودبلوماسيون.

واستندت الدعوى إلى تقارير تقنية أكدت أن برنامج التجسس الشهير “بيغاسوس” (Pegasus) الذي تطوره “إن.إس.أو” هو الأداة التي تم استخدامها لاختراق الحسابات والتجسس على المحادثات الصوتية والمرئية والمكتوبة، دون علم المستخدمين أو موافقتهم.

وفي عام 2025، أصدرت هيئة محلفين أمريكية حكمًا ابتدائيًا لصالح “ميتا” بتعويض قدره 167 مليون دولار، قبل أن تُعدله المحكمة في القرار الأخير إلى 4 ملايين دولار فقط، معتبرة أن المبلغ السابق “مبالغ فيه” لكنه لا يلغي مسؤولية الشركة عن الأضرار الواقعة.

مضمون القرار القضائي الأخير

أكدت القاضية هاميلتون أن شركة “إن.إس.أو” انتهكت قوانين الخصوصية الأمريكية باستخدام تقنيات غير مرخصة لاستهداف خوادم واتساب الموجودة في الولايات المتحدة، وهو ما يُعد مخالفة مباشرة لقوانين “مكافحة الاحتيال والجرائم الإلكترونية”.

وشمل القرار القضائي:

  • فرض حظر دائم يمنع الشركة الإسرائيلية من استهداف تطبيق واتساب أو أي من خدماته مستقبلاً.
  • تقليص التعويضات العقابية من 167 مليون دولار إلى 4 ملايين دولار فقط، بعد مراجعة حجم الضرر الفعلي.
  • رفض توسعة نطاق الدعوى ليشمل تطبيقات “ميتا” الأخرى مثل فيسبوك وإنستغرام، لعدم وجود أدلة كافية على استهدافها.
  • واعتبرت المحكمة أن الحكم يأتي “لحماية مبدأ الخصوصية الرقمية” و”لضمان عدم إساءة استخدام التكنولوجيا في انتهاك حقوق المستخدمين”.

ردود الأفعال على الحكم

رحّب رئيس تطبيق واتساب، ويل كاثكارت (Will Cathcart)، بالقرار، واصفًا إياه بأنه “انتصار تاريخي للمستخدمين حول العالم”.


وقال في بيان نشره عبر حسابه الرسمي:

“اليوم، الحُكم يمنع شركة إن.إس.أو من استهداف واتساب أو مستخدمينا مرة أخرى. سنواصل الدفاع عن الخصوصية الرقمية وملاحقة أي جهة تسعى لانتهاكها”.

من جانبها، أبدت شركة إن.إس.أو استياءها من القرار، معتبرة أن “الحظر الدائم قد يؤدي إلى توقف الشركة عن العمل كليًا”.
وقالت في بيانها الرسمي: نحترم القضاء الأمريكي، لكننا نؤكد أن منتجاتنا تُستخدم فقط من قبل الحكومات لأغراض أمنية مشروعة، ونحن ندرس إمكانية استئناف الحكم خلال الفترة القادمة.

برنامج “بيغاسوس”

يُعدّ برنامج بيغاسوس الذي تطوّره “إن.إس.أو” أحد أكثر برمجيات التجسس تطورًا في العالم، إذ يمكنه الوصول إلى الكاميرا والميكروفون والموقع الجغرافي وملفات الهاتف دون علم المستخدم.

ومنذ عام 2016، ارتبط اسم البرنامج بعدة فضائح تجسس، شملت مراقبة صحفيين ومعارضين سياسيين ومسؤولين حكوميين في دول متعددة، ما دفع الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى المطالبة بحظره دوليًا.

وفي عام 2021، أدرجت وزارة التجارة الأمريكية الشركة الإسرائيلية على “القائمة السوداء” للشركات التي تُهدد الأمن القومي الأمريكي، وهو ما تسبب بخسائر مالية كبيرة لها وأدى إلى تقليص تعاملاتها الدولية.

المصادر:

Reuters

The Washington Post

TechCrunch

Politico

Al Jazeera

Your Page Title