الأولى

لأول مرة: “المرأة الحديدية” تصل إلى رئاسة وزراء اليابان

ساني تاكايتشي

رصد-أثير

انتخب مجلس النواب الياباني اليوم السياسية ساني تاكايتشي زعيمة الحزب الديمقراطي الحر الحاكم، لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة وزراء اليابان بعد حصولها على 237 صوتًا من أصل 465، في جلسة تاريخية تُمثل تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي الياباني. ويأتي انتخابها عقب موافقة لجنة الجلسات على عقد جلسة تصويت لاختيار رئيس وزراء جديد، في ظل ظروف اقتصادية وسياسية حساسة تمر بها البلاد.

من هي الزعيمة الجديدة ساني تاكايتشي؟

وفق رصد لـ “أثير”، وُلدت ساناي تاكايتشي عام 1961 في محافظة نارا اليابانية، وهي ابنة موظف بشركة وأمّ تعمل في الشرطة، لم تنشأ في بيئة سياسية، بل بدأت مسيرتها من اهتمامات بعيدة عن السياسة، إذ كانت عازفة درامز في فرقة “هيفي ميتال”، ومقدمة برامج تلفزيونية، كما عُرفت بولعها بالسيارات والغوص، حتى أن سيارتها الرياضية “تويوتا سوبرا” عُرضت في متحف بمدينة نارا تخليدًا لشغفها الشبابي.

بداية العمل السياسي

دخلت عالم السياسة في الثمانينيات بعد تجربة عمل في مكتب النائبة الأمريكية باتريشيا شرودر خلال فترة التوتر التجاري بين اليابان والولايات المتحدة، وهي التجربة التي شكّلت وعيها الوطني، هناك لاحظت كيف يُختزل اليابانيون ضمن صورة نمطية ضبابية في الغرب، فقررت أن تخدم بلدها سياسيًا، وذلك انطلاقًا من قولها: “ما لم تتمكن اليابان من الدفاع عن نفسها، فسيظل مصيرها تحت رحمة الآخرين.”

ساني تاكايتشي

مسيرة الانتخابات والمناصب

خاضت تاكايتشي أول انتخابات لها عام 1992 كمستقلة لكنها خسرت، ثم فازت في العام التالي بمقعد برلماني، لتنضم إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي عام 1996، وتصبح منذ ذلك الحين واحدة من أبرز الأصوات المحافظة داخل الحزب، فقد انتُخبت نائبة عشر مرات خلال مسيرتها، وتقلّدت مناصب رفيعة بينها وزيرة الأمن الاقتصادي، ووزيرة الدولة للتجارة والصناعة، ووزيرة الشؤون الداخلية والاتصالات — وهو المنصب الذي شغلته لأطول مدة في تاريخ اليابان.

“المرأة الحديدية” تحقق حلمها

تُعرف تاكايتشي بلقب “المرأة الحديدية اليابانية”، إذ صرحت منذ شبابها أن مثلها الأعلى هي رئيس الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، وتسعى لتجسيد شخصيتها في القيادة، وبعد محاولتين فاشلتين في رئاسة الحزب عامي 2021 و2024، نجحت في محاولتها الثالثة هذا العام، لتُتوَّج اليوم كأول رئيسة وزراء لليابان.

من “المحافظة” إلى “الإصلاح الاجتماعي”

ورغم توجهاتها المحافظة المتشددة، التي تجلّت في معارضتها لتشريعات مثل السماح للنساء المتزوجات بالاحتفاظ بأسمائهن قبل الزواج، فقد خففت لهجتها مؤخرًا، مقدمةً إصلاحات اجتماعية تتعلق بدعم المرأة والأسرة، كجعل رسوم جليسات الأطفال قابلة للخصم الضريبي ومنح حوافز للشركات التي توفر حضانات داخلية.

سياسات واقعية

تسند سياساتها إلى تجربتها الشخصية، إذ خاضت تجارب رعاية صحية لعائلتها مرات عدة، وتقول: “أريد مجتمعًا لا يُضطر فيه الناس إلى ترك وظائفهم من أجل الرعاية أو تربية الأطفال.” ومن هذا المنطلق، تركز رؤيتها على تحسين خدمات المرأة وكبار السن، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية.

ساني تاكايتشي (HIRO KOMAE/AFP)

امتداد لنهج آبي

تُعد من المقربين سياسيًا من رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، ووعدت بإحياء سياسته الاقتصادية “آبينوميكس” القائمة على الإنفاق العام الكبير وأسعار الفائدة المنخفضة. كما تدعو إلى تعديل الدستور الياباني للسماح لقوات الدفاع الذاتي بامتلاك قدرات هجومية.

تحول رمزي في السياسة اليابانية

رغم الجدل المحيط بها، فإن انتخابها يُنظر إليه على أنه تحول رمزي عميق في الثقافة السياسية اليابانية التي ظلت لعقود حكرًا على الرجال، فقد نجحت تاكايتشي في كسر الحاجز الزجاجي السياسي، لتُصبح أول امرأة تتولى قيادة اليابان منذ تأسيسها الحديث، ولتفتح الباب أمام جيل جديد من النساء في ميدان الحكم والسياسة.

اليابانيون بين الأمل والتغيير

يرى مراقبون أن دعمها الشعبي يعكس توق اليابانيين للتغيير وسط تحديات اقتصادية وجيوسياسية متصاعدة، إذ تجسد تاكايتشي مزيجًا من الانضباط الحديدي والطموح الإصلاحي، وهو ما جعل الصحف العالمية تصفها بـ “المرأة التي تمزج بين صلابة تاتشر وحذر آبي”, في مشهد يُعيد رسم صورة القيادة اليابانية للسنوات القادمة.

المصادر

بي بي سي

الجزيرة

Your Page Title