أثير – سيف المعولي
بعد أشهر من الإعلان عن فتح التأهيل التربوي في جامعة السلطان قابوس قام مجلس التعليم باتخاذ قرارات أهمها تحويل كلية الرستاق الى كلية للتربية وفتح التأهيل التربوي في عدد من الكليات والجامعات الخاصة، وقد أثار هذا القرار تساؤلات حول أسبابه وتأثيره على العملية التعليمية والطرق الكفيلة بتحقيق المنفعة منه.
“أثير” تواصلت مع مجموعة من المختصين بالتعليم وسألتهم عن القرار والتساؤلات المثارة حوله. البداية كانت مع سعادة محمد القنوبي رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس الشورى الذي قال :” أسباب القرار هي النقص الحاد في المعلمين والمعلمات، وكذلك طلبات التقاعد الكثيرة” مضيفا سعادته :” بالتأكيد أن القرار سيخدم العملية التعليمية، وأنا في الحقيقة لي وجهة نظر أن أغلب الخريجين التربويين هم في مستوى مرضٍ جداً من الكفاءة إﻻ أنني أؤكد ضرورة إيجاد قوانين محفزة للمجتهدين وكذلك قوانين حازمة ضد المقصرين
وأوردنا الكثير من الأمور التي تتعلق بالتعليم في دراستنا لواقع المعلم العماني” وحول الطرق المناسبة لتنفيذ القرار أوضح سعادته :” اختيار المعلمين بأسس مناسبة واختيار البرامج التي يجب أن يخضعوا لها والتدريب والتأهيل على رأس العمل” أما الدكتور سيف بن ناصر المعمري – أستاذ مشارك بكلية التربية جامعة السلطان قابوس وخبير إقليمي في شؤون المواطنة- فقد قال :” بأن القرارات التي بدأت تؤخذ الأن بشأن التربية سواء فتح برامج التأهيل أو إعادة تحويل كلية الرستاق التطبيقية لتكون كلية تربوية أو النقاشات المرتبطة بقانون التعليم هي تعبر عن استجابة للتحويلات التربوية وبعض الإشكالات التي نتجت عن ضيق الرؤية في التخطيط التربوي من جهة وضعف التخطيط للتعليم العالي، ولكن أن تتخذ قرارا لتصحيح المسار أفضل من أن تظل في المسار الخاطئ”
وأضاف الدكتور سيف :” أن تزايد الحاجة للمعلمين في السنوات الأخيرة وما نتج عنه من اللجوء إلى المعلمين الوافدين كان مؤشرا على ضعف التخطيط للاحتياجات، وبالتالي نحن نؤيد كلا القرارين طالما أنهما يلبيان حاجة ملحة؛ ومن وجهة نظري إعداد المعلمين في كليات حكومية وفق معايير تراعي الجودة أفضل من إعدادهم في كليات خاصة سواء في الداخل أو الخارج، وبالتالي سوف تضمن هذه القرارات تحقيق ذلك، بما يحقق للنظام التربوي الأهداف التي يسعى إليها”
وأضاف المعمري :” من ناحية أخرى أتمنى ألا تكون سياسة إعداد المعلم العماني قائمة على الفتح والغلق، نفتح ونحن لا نعرف ما العدد الذي نحتاجه من المعلمين، ونغلق ونحن لم نتأكد أننا لا نحتاج معلمين، لا بد من وجود كليات للتربية ثابتة في بلد لا يقل فيه عدد الطلبة كل عام دراسي عن نصف مليون، هذا فضلا عن أولئك المعلمين الذين يحتاجون دبلومات وبرامج تدريبية متخصصة؛ ويحتاج الحقل التربوي إلى متخصصين وباحثين، ثم أتمنى أن تكون كلية التربية بالرستاق إما انها تابعة لجامعة السلطان قابوس أو أنها تعمل وفق نفس البرامج والأنظمة الأكاديمية في الجامعة حتى لا يكون لدينا كما كان في السابق نظامان مختلفان في إعداد المعلم؛ لو حصل ذلك فهذا يعني أننا لا نتعلم من دروس الماضي في التخطيط لمؤسسات التعليم العالي” مضيفا الدكتور :” كما أنني آمل أن يفسح المجال للباحثين العمانيين لأن يكونوا ضمن الكادر التدريسي في هذه الكلية سيما أولئك الذين تشهد لهم سيرهم العلمية بالكفاءة سواء كانوا حاليا في مؤسسات أكاديمية أو كانوا في وزارة التربية والتعليم ممن يمكن أن يستفاد من إمكاناتهم بشكل أفضل من الأماكن الخالية التي يعملون بها”.
وأكد الدكتور سيف في ختام تواصله مع “أثير ” أن هذه القرارات الجزئية التي تصدر بشأن عناصر معينة من النظام التربوي تشير إلى أننا بحاجة إلى سياسة واضحة لإعداد المعلم على المدى البعيد ولابد من البدء فيها بدلا من الاستمرار في التعامل مع الأمر بردات الفعل الوقتية”.
ورأى الاستاذ خالد الفرعي بأن من أسباب القرار :” العجز الواضح في أعداد المعلمين حاليا، والتقليل من المعلمين الوافدين، وتفعيل التعمين في سلك التعليم ومواكبة اﻻحتياج الفعلي من المعلمين للسنوات القادمة” وأشار الفرعي إلى أن الخطوات الحالية ﻻشك أنها ” ستخدم العملية التعليمية وسترفده باﻷعداد التي ستسد شيئا من العجز الحاصل حاليا ولكن من وجهة نظري غير كافية ﻷنها تأتي في وقت أزمة وهي حل مؤقت وسريع لكنه ﻻ يضمن لنا النوعية المنشودة من المعلمين وإن كان يكفينا كما إلى حد ما مع ملاحظة أن مخرجات هذه المؤسسات ﻻ ٍتحل المشكلة للعام القادم فهي تحتاج وقتا ولعل أقربها التأهيل التربوي لمدة عام واحد ومع ذلك لن نحقق اﻻكتفاء الذاتي لسنوات عديدة قادمة”
وحول الطرق الكفيلة بتحقيق الفائدة من القرار أجاب الفرعي :” الوعي الحكومي بأهمية التعليم وأنه ضرورة وبالتالي ﻻبد من اﻻعداد الجيد لمعلم المستقبل لمستقبل عمان، واحترام المعلم من قبل المجتمع ﻷنه مشعل العلم واحترام المعلم لنفسه وتأهيلها لمواكبة التقدم العالمي في مجاﻻته المختلفة، ووضع شروط حازمة وأسس واضحة للراغبين في الدخول لسلك التدريس وليس كما يحصل لدى بعضهم من كون التعليم آخر الرغبات لديه ويلجأ إليها حينما لم يجد غيرها، ووضع الخطط اﻻستراتيجية لتطوير التعليم بصورة عامة والمعلم بصورة خاصة، واﻻهتمام بغرس بعض القيم لدى المجتمع بصفة عامة والمنتمين للتربية بصفة خاصة مثل الاخلاص واﻷمانة والوطنية”
وقال الاستاذ درويش الكيومي – مشرف أول لغة عربية في وزارة التربية – بأن الأسباب واضحة أهمها:حاجة الحقل التربوي إلى معلمين مؤهلين تأهيلا جيدا وعدم وجود مؤسسات أكاديمية تربوية في السلطنة بعد إغلاق كليات التربية باستثناء جامعة السلطان قابوس التي لا تخرج الأعداد الكافية، وضعف مخرجات المؤسسات التربوية من خارج السلطنة بصورة عامة، وضعف بعض المعلمين العرب الذين تستعين بهم الوزارة من بعض الدول العربية حيث لا يتمكنون من إحداث الفارق الذي تأمله وزارة التربية منهم والتوسع الكبير في أعداد المدارس المرافق للزيادة السكانية في السلطنة وما يتطلبه ذلك من وجود كفاءات من المعلمين القادرين على الاضطلاع بمهام التدريس.”