أحمد بن عبدالله الشبيبي- أخصائي استشارات أسرية
انتشر مصطلح الذكاء العاطفي في التسعينيات، واحتل غلاف المجلات المشهورة في أمريكا، وقدمت تعريفات يصعب حصرها له، وأصبح الذكاء العاطفي بمثابة دلالة على روح العصر وأصبح نوعا من أنواع الموضة التي تشغل المهتمين والإعلام كونه يشكل منظومة من سمات الشخصية التي تعد أمرا مهما في النجاح في الحياة وإدارة علاقاتها ، كما يشكل من منظور آخر منظومة من القدرات القابلة للتنمية من خلال التدريب في مجال معالجة قضايا الحياة الانفعالية، ولذلك يُعدّ في الوقت الحالي أحد أهم عوامل النجاح في الأسرة والمدرسة والعمل وحتى في ريادة الأعمال، وأصحاب الدخل الذاتي بإمكانهم أن يستفيدوا من الذكاء العاطفي.
تعددت الشواهد الطبية على أن الناس يمتلكون ذكاءً عقليا متقدما إلا أنهم يفتقرون إلى القدرة على التعبير العاطفي فيدخلون في مشكلات كبيرة كالعلاقة والتفاهم والتوافق مع ذاتهم ومع الآخرين خصوصاً على صعيد الحياة الزوجية والأسرية ويعيشون حياة باردة نفسياً ، فالعاطفة والمشاعر تعطي التفكير بطانته الوجدانية التي تسبغ عليه دلالة ومعنى كما أن حياة العاطفة تدفع بدورها النشاط العقلي من خلال الدافعية النفسية وإسباغ الحماس والسرور والإقدام حين الظفر والإحساس بالمرارة ومختلف المشاعر السلبية في حالات الفشل أو الخسارة ، ولذلك أخذ العلماء يعدون أن العاطفة هي الترموستات الذي تنظم وتيرة النشاط الذهني إقداما وإحجاماً.
فهل يمكن تصور حياة زوجية وأسرية وعلاقات بين الوالدين والأبناء بدون بطانة وجدانية ومشاعر حب ورقّة وتقبّل وهذا هو الذكاء العاطفي؟ وهل يمكن تصور إدارة حياة أسرية ناجحة وسعيدة تقوم على الحسابات العقلانية والمنهجيات الإجرائية وحدها؟ وهل يمكن تصور علاقة بين اثنين في الأسرة أو في العمل والحياة عموما بدون رباط عاطفي وبدون انفعالات سارة تشكّل لحمة العلاقة، أو انفعالات سلبية تشكل أساس النزاع والخصام؟
تعريف الذكاء العاطفي:
هو القدرة على التعامل مع المعلومات العاطفية من خلال استقبال هذه العواطف واستيعابها وفهمها وإدارتها
وهناك أربعة جوانب أساسية للذكاء العاطفي هي:-
- معرفة العواطف واستقبالها والتعبير عنها (الفصاحة العاطفية): وذلك بالقدرة على قراءة العواطف في تعابير الوجه أو الصوت أو أوضاع الجسم وحركاته أو مضامين القصص والحكايات.
- تسيير العواطف للعمليات الفكرية: وذلك بالقدرة على ربط عواطف معينة بحالات عقلية محددة كالحواس من روائح وألوان والتي قد تكون لها تطبيقات في عالم الرسم والفنون.
- التفهم والتحليل العاطفي: بزيادة القدرة على حل المشكلات العاطفية وتحليل العواطف للتفريق بين العواطف المتشابهة والمتعاكسة واستخدام هذه المعرفة في الحياة اليومية.
- الإدارة العاطفية: بفهم مدى تأثير السلوك الاجتماعي على العواطف وضبط العواطف الذاتية أو عند الناس الآخرين ودور النمو العاطفي الذاتي.
في ختام هذا المقال عبر “أثير” علينا أن نوضح بأن الذكاء العاطفي ليس موضوعا جديدا وهو نتيجة سنوات طويلة من الأبحاث والدراسات في مواضيع الشخصية وعلم النفس الاجتماعي وعلم النفس الصناعي أو المهني ، وكما رأينا أن الذكاء العاطفي يتكون من عدد من القدرات والملكات التي درست بشكل منفصل ولسنوات طويلة في كثير من الدراسات والبحوث النفسية ، ومما لا شك فيه أن للذكاء العاطفي دورا مهما في القدرة والكفاءة على الإنجاز والنجاح وعلى تقدم الأبحاث الإدارية والمهنية التي تشير إلى أهمية كل الجوانب الذهنية والمعرفية والعاطفية والجسدية في نجاح الأعمال ، فالمتوقع لموضوع الذكاء العاطفي أن يحتل مكانا مهما في التطبيقات النفسية ، ويمكن لموضوع الذكاء العاطفي أن يساعد الأفراد والمؤسسات على تحسين الإنتاج والأداء وعلى تحسين الصحة والحالة النفسية والعاطفية للأفراد.