أحمد بن عبدالله الشبيبي- أخصائي استشارات أسرية
أحمد بن عبدالله الشبيبي- أخصائي استشارات أسرية
تُعدّ الأسرة هي المدرسة الأولى للتعلم العاطفي، وفي محيطها يتعلم الأولاد كيف يشعرون بأنفسهم ويتعرفون على مشاعرهم ويعبرون عن آمالهم ومخاوفهم ويتعلمون كيف يشعر الآخرون تجاههم كما يتعلمون قراءة المشاعر من خلال اللقاءات والحوار والتواصل غير اللفظي الذي يطلق عليه (بالمحاكاة). فإذا اتسم تعامل الوالدين مع بعضمها ومع الأبناء بالذكاء العاطفي فذلك يمثل نعمة على الأولاد لوضع أسس الذكاء العاطفي والكفاءة العاطفية.
إن موضوع الذكاء العاطفي يدخل في صميم موضوع علاقة الآباء والأمهات بأولادهم سواء للذين ينوون إنجاب الأولاد أو الذين لديهم أولاد ويريدون أن يتعرفوا على طرق التعامل معهم أو حتى للذين ربما قد تعرضوا للإساءة من والديهم في التعامل العاطفي.
كثيرا ما يلقي بعض الناس اللوم على الآباء رغم أنهم قد وصلوا إلى سن متقدم من النضج والرشاد وإذا سألت الواحد منهم متى يتحتم على الانسان أن يبدأ بتحمل مسؤولياته عن نفسه ولا يعود يلقي اللوم على آبائه فقد يجيب بإجابات مثل عندما يبلغ سن 18 عاما أو عندما ينتقل من منزل والديه ، ولكن تحمل المسؤولية ليس بالأمر الذي يبدأ فجأة وفي وقت محدد أو لحظة معينة وإنما هي عملية مستمرة كما هي عملية تعلم الطفل لغة والديه حيث يتشرب بها منذ البداية وشيئا فشيئا.
إن الأولاد الذين يتعلمون من والديهم الشعور بالأمان منذ نعومة أظفارهم سيعطيهم هذا الشعور الدائم بالاستقرار في مقبلات حياتهم ، وكذلك الحال بالنسبة للطفل الذي يشعره والده بعدم الأمان والسلامة بحيث يحرم من هذا لسنوات طويلة من حياته وقد لا يخاف الطفل الصغير أو الرضيع اذا قال له والده عبارات مثل: ستذهب الى النار اذا فعلت كذا وكذا أو أي عبارة هو لا يفهمها إلا أنه سيشعر بالخوف وعدم الأمن من خلال تركه بمفرده أو من خلال عدم الاستجابة لبكائه أو من خلال الصراخ في وجهه أو ضربه.
وإذا تساءلنا متى يا ترى يزول أو يختفي أثر سلوك الآباء وتربيتهم من أولادهم وأثرهم على ثقة الطفل بنفسه ونظرته لذاته وللحياة بشكل عام؟ والجواب المذهل أنه ربما لا يزول هذا الأثر أبدا من حياة الأولاد بل يبقى مغروسا في أعماقهم ولكن لوم الوالدين لن يفيد شيئا ولن يحل المشكلات.
هناك أربعة أساليب من العلاقة ما بين الآباء والأولاد ولكلٍ منها تأثيره النوعي على نمو الطمأنينة والذكاء العاطفي، وهي:
الأسلوب الأول هو التعلق الآمن بين الوالدين وبين الطفل ويأتي هذا من خلال العلاقات الإيجابية التي أساسها الحياة الزوجية السعيدة والتفاهم والاحترام والثقة المتبادلة، فهنا ينمو الذكاء العاطفي في جميع مكوناته ويعبر الطفل الى الاستقلالية.
الأسلوب الأول
الأسلوب الثاني وهو التعلق غير الآمن بالآباء الذي يقوم على خلفية من القلق وانعدام الطمأنينة ومن خلاله يبحث الطفل عن التعلق ولكن يسيطر عليه القلق والخوف من الانفصال ما لا يساعده على نمو الذكاء العاطفي حيث تسيطر على عالمه الذاتي الهواجس من أخطار انفصال ممكنة بينه وبين الآباء.
الأسلوب الثاني
المقام الثالث وهي علاقة التباعد ما بين الآباء وأولادهم ويتصف أسلوب علاقة الأهل بالطفل بالبرود العاطفي واللامبالاة وتجاهل مشاعر الطفل أو التقليل من قدر الطفل وعدم الاهتمام وهذا ما يؤدي إلى الجفاف العاطفي لدى الطفل الذي يشكل أحد المعوقات الكبرى امام نمو الكفاءة العاطفية والكفاءة الاجتماعية.
المقام الثالث
المقام الرابع هو نمط العلاقات المتصدعة ما بين الزوجين والتي تؤثر على العلاقة مع الأولاد، فتصدع العلاقة الزوجية يؤدي الى الصراع الخفي أو الصريح مما ينعكس على جو الأسرة والعلاقة لديهم ويعرضهم لمختلف أشكال سوء التكيف الدراسي والاجتماعي على خلفية من تراكم مشاعر الإحباط والغضب والعدوانية تجاه الذات وتجاه الناس.
المقام الرابع