عمانيات

محمد النهاري يكتب: ماضٍ يفوح منه العبق وحاضر ينثر السلام والحب..

محمد النهاري يكتب: ماضٍ يفوح منه العبق وحاضر ينثر السلام والحب..
محمد النهاري يكتب: ماضٍ يفوح منه العبق وحاضر ينثر السلام والحب.. محمد النهاري يكتب: ماضٍ يفوح منه العبق وحاضر ينثر السلام والحب..

محمد بن أحمد النهاري اليافعي

عُمان لكِ في كل مَقَر موضع قدم وأثر جميل مخلّد من مدح النبي الكريم لنا، وإسلامنا لرسالته طوعًا ورضا لا سفك دم ولا خصام ، لرحلة أبو عبيدة ابن القاسم إلى الصين داعياً لرسالة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم كأول عربي تطأ قدمه الصين في عام 752م، لسيوف اليعاربة المطهرة للخليج العربي من براثم الاحتلال البرتغالي إلى نجدة الإمام أحمد بن سعيد لأهل البصرة وقد ضاقت بهم سبل وأنهكهم الحصار الفارسي فكانت سفن العمانيين خير معين وعلى ركبها عشرة آلاف رجل، الرجل منهم بألف، فمضت الأشرعة كاسرة السلسلة الحديدية الفارسية ولوحت سيوفهم وخناجرهم أهل الغبيراء لإخوانهم أهل البصرة مستبشرين بنصرٍ من عند الله وفتحٍ مُؤزر.

لصانع الإمبراطورية الخالدة الإمام سعيد بن سلطان الممتدة من بحيرات إفريقيا الوسطى غرباً حتى مشارف شبه ‏القارة الهندية شرقاً كانت محصلة لجهد السيد سعيد بن سلطان وأسطوله البحري العتيد الذي صنف آنذاك على أنه ثاني قوة بحرية في العالم وتاريخه الحاضر على الجدران الإفريقية خير شاهد وموثق على تلك الحقبة التاريخية التي خاض فيها العمانيون البحار والمحيطات وشكلوا تاريخاً وإرثا وأثراً باقيا على البشر قبل الحجر فقصر العجائب في زنجبار خير شاهد والنسيج الاجتماعي العربي الإفريقي خير برهان على الأثر العماني الطيب على شرق إفريقيا ، فعُمان حضارة خالدة عبر الزمان، ثابتة بقيمها ومبادئها الراسخة كرسوخ جبالها لا تتغير مع متغيرات الزمان، لا تبحث عن تاريخ مزيف أو مجد أمحق فبطولات الأجداد كُتبت بماء الذهب وتطلعات الحاضر بقيادة صانع النهضة سطرت مجداً خالدا.

وها نحن في غمرة الاحتفال بيوم الوطن والقائد ففي فجر الثامن عشر من نوفمبر استبشرت عمان قاطبة بميلاد ذلك الابن البار الذي ولد مع هموم شعبه وما أن اشتد ساعده وعاد إلى بلده متوشحاً بسلاح العلم والمعرفة حتى شمّر عن ساعد الجد وغير وجه عمان الشاحب ونفض عنها غبار العزلة ومضى يبني ويعمر ويمد يد العون للجميع بحكمة ورزانة وإرث سياسي عظيم قد تطرقنا فيما سبق لبعض شواهده.

واجب على كل عماني وعمانية المرور على الحقبة المنصرمة والعقود الأربعة الماضية التي تحقق فيها ما يدعو للفخر والاعتزاز في وقتٍ قياسي ! بالنظر إلى الأوضاع التي انطلقت منها، خصوصًا إن علمنا بأن عمر الشعوب لا يقاس بالسنوات وإنما بالقرون لكن جلالته غير ذلك المفهوم عندما قال [ إن التقدم والازدهار في الأمم والشعوب لا يقاس بكثرة السنين والأعوام ولا بتحقق الغنى ووفرة الأموال وإنما يقاس ذلك بالعزائم الوقاده المستنيرة .] فانظر عزيزي القارئ لحجم ما تحقق في ٤٧ عامًا مضت وما سيتحقق بإذن المولى وإرادته وعزيمة القائد وتطلعاته “وإننا نتطلعُ إلى مواصلة مسيرة النهضة المباركة، بإرادة وعزيمة أكبر”.

إن أجيال عُمان محظوظة بالنظرة الثاقبة لمولانا باني النهضة وملهمها “رعاه الله وأيده”، عندما كانت الأوضاع الاقتصادية والأمنية في ذروة الاشتعال وانشغال العمانيين بها، فكان جلالته يردد ” عفا الله عما سلف ، عفا الله عما سلف ” كان مُنْهَمِكا في بناء الهوية العمانية ويتحدث عن أهمية التعليم والحفاظ على العادات والتقاليد السليمة التي تتماشى مع ديننا الحنيف وقيمنا العربية الأصيلة، وعن أهمية انشغال الشباب بالرياضة والأمور التي تُنمي قدرتهم ومواهبهم فيما يخدم الوطن فأوامر جلالته في إقامة كأس السلطان للهوكي ١٩٧٠م خير دلي.

وعلى الصعيد السياسي نجحت السلطنة في ترسيم حدودها مع أربع دول بالطرق السلمية وبحكمة قابوسية لا نظير لها جنب بها عمان المشاكل والصراعات الحدودية، وقد عرفت السياسة العمانية بالهدوء والنأي بالنفس عن الضجيج والتوترات الإقليمية وعدم التدخل في شؤون الغير وعدم قبول تدخل الغير في شؤونها، وعن سر هذه السياسة قال معالي يوسف بن علوي إن أحد ضيوف السلطنة سأل مولانا عن ذلك فقال له” الصدق والأمانة والإخلاص” .

جلالته هو مدرسة لكل شاب فكما يعلم الكل أنه تولى زمام القيادة شاباً في أوضاع لا يحسد عليها، جهل وفقر و قتال وأبناء بلده في المهجر ، فكان خير من يحمل ويحوّل أحلام الشعب إلى واقع ملموس دون تسرع وبحكمة ونظرة مدركة لكل خطوات المستقبل القريب و البعيد فانطلق يبني الإنسان قبل الحجر وصار يخوض الجبال والأودية ليقترب من الشعب ويقف بنفسه على متطلباتهم واحتياجاتهم ، ودائما ما يتردد إلى ذهني الخطابات الأولى لجلالته التي رسمت ملامح النهضة المباركة وفي الخطابات الحديثة لمولانا أرى كثيرا من الحكمة والحنكة التي يؤتيها الله لمن يشاء، أتعجب وتارةً أحمد الله بأن أنعم على عُمان رجلاً قد وضع حكمته فيه و رزقه من الصفات الحميدة الشيء الكثير، فهنيئا لنا عُمان وقابوس عمان.

Your Page Title