الشيخ حمود السيابي يكتب: العريف الصواعي يترجل ظمآنا قبل أن يدلق الماء في جحال تنتظر أذان المغرب

رصد – أثير

كتب الشيخ حمود بن سالم السيابي مقالا يرثي فيه فقيد الوطن العريف خالد بن خميس الصواعي والذي وافته المنية يوم أمس نتيجة تدهور المركبة التي يقودها في مدينة الحق في ولاية طاقة بمحافظة ظفار كانت تقل مساعدات إنسانية للمواطنين هناك.

“أثير” رصدت المقال وتضعه نصًّا للقارىء الكريم.

“تسكبت مياه “مكونو” من السماء إلى الأرض، وارتفع العريف خالد بن خميس الصواعي بالماء من الأرض إلى السماء، وكانت مياه مكونو تتسكب تحت سمع وبصر الشاشات التي تتابعها بالكثير من الخوف، بينما تعطرت مياه خالد الصواعي بأنفاس الشهداء لتستقبلها الأرض بالصهيل والزغاريد.

واندفع “مكونو” ليهدم ويقتلع ويجرف، وسالت مياه العريف الصواعي لتروي حقول الشقائق و”الدُّجُرْ” فيستعجل بها مواسم “الصرب”. ورغم أن التدرج في رتب القوات المسلحة يتطلب عمرا وأنجما وأوسمة وشارات إلا أن العريف خالد الصواعي استطْوَلَ متطلبات اجتياز السنوات والمسافات والمراحل والأنجم والشارات فنزع من كُمِّ البزة العسكرية “الشخطين” ولف بهما روحه ليصعد قمم ظفار ومعه الأمل والماء والأمنيات.

وكلما ارتفع بصهريجه الذي يقوده كانت القمم تعامله كأكبر رتبة في القوات المسلحة فتؤدي له التحية العسكرية، بينما الأشجار التي كسرها “مكونو” تعاود الوقوف لكي تنحني لمرور هذا العريف الرفيع. كان العريف خالد الصواعي يحب الجبل ولذلك تسلقه رغم عبث “مكونو” بالتضاريس. وكان يجيد التنقل بين هدب وهدب ولذلك ملأ صهريجه بالماء ليسقي العطاشى الذين هشم “مكونو” ينابيعهم وكسر جحال الشرب والمباخر وحصالات الأطفال. ولم تكن تلك حمولته الأولى للماء إلا أن مكابح الصهريج تقاطعت مع أماني تكرار المسير بين القمة والسفح ليأخذ العريف الصواعي مسارا آخر غير المسار المعتاد فيندلق الماء و يترجل من صهريجه في لحظة مجد، وتسيل روحه مع الماء لتشربه الذرى المشعشعة ملائكة وصلوات وشهداء. وستكتب شجيرات لبان المكان انتصار روح شهيدة حملت الماء وهي صائمة لتدلقه على جحال تنتظر أذان المغرب. وبينما عائلة العريف خالد الصواعي تنتظر عودة البزة العسكرية المبللة بالمطر لتجففها بجمر الأشواق، يعود إليها مبللا بماء الكوثر وعبق اللبان وقد ارتقت شارة العريف لديه من “شخطين” بلون القمر على الكُمِّ إلى كتفين مثقلين بالسيوف والأنجم والتيجان. رحم الله العريف خالد بن خميس الصواعي فقد رحل ظمآنا بعد أن شرب الجبل قربة الماء”.

Your Page Title