أثير- نصر البوسعيدي
تقع مدينة البليد الأثرية بمحافظة ظفار على الشريط الساحلي لولاية صلالة في المنطقة الواقعة بين الدهاريز والحافة، وهي إحدى المدن الأثرية المسجلة في قائمة التراث العالمي منذ عام 2000م كونها من أقدم المدن الاثرية الساحلية في السلطنة.
وتعود أقدم البقايا الأثرية التي تم اكتشافها في موقع البليد إلى العصر الحجري القديم، وحتى وقت حديث كانت مدينة البليد موقعا مهجورا بالكامل ومليئا بالأحراش وقد وصفها لأول مرة عالم الآثار كارتر في عام 1846، أما المؤرخ الإنجليزي مايلز فقد ذكر في عام 1883 أن البليد كانت في فترة من الفترات مأهولة بعدد كبير من السكان ويوجد بها نشاط زراعي واسع حسب دراسته للموقع.
وأكد المسح الأثري في عام 2009م الذي أجري في محافظة ظفار التصور العام للبليد والمنطقة المحيطة بها حيث تم اكتشاف أساسات لمنازل ومساجد وقنوات لري المزروعات ومقابر تشكل مدينة متكاملة تم بناؤها بإبداع هندسي محكم وجميل.
ورغم علامات الاستفهام عن الأسباب التي دفعت سكان المنطقة لهجرة مدينة البليد تقريبا في عام 1300م مثلما تشير إليها بعض الدراسات المتخصصة بالموقع، إلا انه يعد اليوم بعد أن تم انشاء متحف أرض اللبان في عام 2007م، من أهم المتنزهات الأثرية في السلطنة والمنطقة استقطابا للزائرين، وكيف لا وهو يعد المتنزه الأثري الأول على مستوى شبه الجزيرة العربية يقدم خدماته للزوار.
لقد كانت مدينة البليد وحتى عام 2007م حسب المعلومات الواردة من مكتب مستشار صاحب الجلالة للشؤون الثقافية، موقعا مهجورا لا يستقبل أي زائر، وبعد العمل المنظم على مراحل وإنشاء متحف أرض اللبان في الموقع نفسه عام 2007م وتحويله إلى متنزه أثري وسياحي، بدأت الوفود السياحية تتوافد للمكان حيث تشير الإحصائيات الموثقة رسميا إلى أن المتنزه استقطب منذ بداية افتتاحه وحتى عام 2016 م، أكثر من 621 ألف زائر أغلبهم من الأجانب.
وهنا سنعرض لكم مثالا لعدد الزوار الذين تم توثيق زيارتهم بشكل رسمي في الموقع لعام 2016 م فقط من باب التوضيح والتأكيد على أن هذا الموقع تم العمل فيه بشكل جاد ومدروس منذ الصفر لتحقيق الاستثمار الثقافي فيه والذي نريده اليوم أن يفعل في أغلب المواقع الأثرية للإسهام برفد المجتمع والدخل القومي للبلاد.
– عدد الزوار العمانيين حتى نهاية سنة 2016م، بلغ 47233 زائرا
– عدد الأجانب حتى نهاية عام 2016م، بلغ 70662 زائرا
بالإضافة إلى كل ما سبق استطاع المعنيون والمشرفون على هذا الموقع استقطاب الاستثمارات التي استفادت منها الحكومة العمانية في الربح مناصفة، كمشروع المستثمر ورجل الأعمال محمد البرواني الذي قام باستثمار الموقع وبناء فندق متميز من فئة خمس نجوم بتكلفة تجاوزت الـ 23 مليون ريال عماني وصافي أرباحه تعود مناصفة بينه وبين الحكومة بعد الانتهاء من فترة السماح التي لا تتجاوز عادة الـست سنوات حسب الاتفاق، وهذا جانب مهم في التخطيط للاستثمار الثقافي والاستفادة من كل الفرص الاستثمارية الراغبة من بذل الأموال في سبيل الحصول على ميزة المكان وخصائصه.
المرجع : تقارير مكتب مستشار صاحب الجلالة للشؤون الثقافية.
مصدر الصورة: إرشيف جريدة الوطن