أخبار

موسى الفرعي يكتب: باحثون عن عمل يستغيثون

موسى الفرعي يكتب: باحثون عن عمل يستغيثون
موسى الفرعي يكتب: باحثون عن عمل يستغيثون موسى الفرعي يكتب: باحثون عن عمل يستغيثون

أثير- موسى الفرعي

“باحثون عن عمل يستغيثون”، نعم لأن العمل حقهم المشروع ولا يمكن غض النظر عن هذا المطلب الذي يضمن استمرارية الحياة بكرامة لا سيما أنهم في أرض الحق والكرامة بقيادة الساعي دائما إلى الحفاظ عليها جلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله-، وإن من أكثر الأشياء التي ينبغي الحرص عليها هو النظر بتمعن في أعداد المخرجات الجامعية التي تضاعف نسبة الباحثين عن عمل سنة بعد أخرى، لذلك ينبغي إيجاد حلول جذرية وواضحة لهذه المشكلة التي يتحمل المسؤولون نصيبًا كبيرًا منها، وذلك بتوفير فرص العمل للمستحقين ضمن خارطة مدروسة تضمن توفير فرص العمل للباحثين ولا ترهق الدولة من جانب، ومن جانب آخر تسهيل إجراءات العمل في القطاع الخاص وعدم التعقيد ببيروقراطية تنفّر الساعين له، ولنا في الخطاب السامي لجلالة السلطان في العيد الوطني الثاني والعشرين المجيد درسٌ حيث قال مُحفّزا الشباب العماني: ينبغي على الشباب العماني أن يظهر رغبته الجادة في العمل وأن يستفيد من الفرص الكثيرة المتوفرة لدى هذا القطاع بدل إضاعة الوقت بانتظار وظيفة حكومية ولو كانت في غير مجال تخصصه فالوطن بحاجة ماسة إلى جهده في ميادين متنوعة، وتعطيله لطاقته وقدراته واستنزافها في غير المجالات التي أعدت لها إنما هو تقصير في حق وطنه الذي أعطاه بسخاء فكان حريا نظير ذلك أن يقوم بخدمته بإخلاص وتجرد وأن يصقل مهاراته وينمي خبراته وتجاربه ويطور من إمكاناته بجد واقتدار دون كلل أو يأس فنحن مجتمع دأب على العمل وليس من شعارنا التباطؤ والتخاذل وإنما البذل والعطاء والأمانة في أداء المسؤوليات المنوطة بنا فتلك هي الوسيلة الوحيدة نحو الرقي بهذا المجتمع وتمكينه من استيعاب معطيات العصر.

إلى أن يصل جلالته إلى إعلان عام 1993 عامًا للشباب ويكون سبب ذلك هو أن: نستكمل من خلاله مسيرتنا الهادفة إلى إعداد جيل المستقبل، إننا نهدف من تخصيص عام جديد للشباب إلى إبراز دورهم الحيوي في بناء الوطن وخدمة المجتمع من ناحية وتشجيعهم على أداء هذا الدور بروح من الجدية والتفاني في العطاء.

نعم إن الشباب العماني في حاجة إلى هذا التشجيع الدائم الذي حرص عليه جلالته منذ البدء وذلك بالتسهيلات التي يمكن أن تقدّم للإنسان العماني وهو لن يضل طريقه فيما بعد؛ فروح العمل والإجادة فيه تسكن العمانيين، فإن لم توجد فرص العمل الحكومي فلا يعقل أن نحمّلهم عبء العراقيل والتعقيدات في الجانب الخاص، ولقد كنت أتابع هذا الأمر الذي نشط كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن ما أثار استغرابي واستنكاري هو تنطّع البعض لمثل هذه المواضيع إما بحسابات خارجية تريد أن تؤجج الأمر لتحيله من اختلاف إلى خلاف وتصادم، وتغذي هذه المطالب المشروعة بسمومهم ، أو بعض الأسماء من الداخل التي تريد أن تصعد إلى شهرة زائفة بهذا الصراخ والهذيان، دون أن تطرح حلولًا أو بدائل، ولا تملك حتى تعريف حقيقي لهذه الأزمة، فلم ينطق بخير ولم يصمت. علينا جميعا رفض بعض الممارسات التي لا تليق بهذه الأرض وإنسانها الكريم مثل تحزّب فئة ضد أخرى لمجرد الاختلاف، وإقصاء الآخر لأنه لا يؤمن بما نريد، فإن لم تكن صديقي فأنت عدوي، فهذه إرهاصات العوالم الافتراضية ولا تمتُّ لطبيعة الإنسان العماني بأي صلة ولا تتقاطع مع الدين والإنسانية في أي شيء.

علينا جميعا أن ننحاز لصف الشباب العماني الذي أولاه جلالة السلطان ثقة كاملة في بناء الوطن، لكننا ننحاز لهذا الوطن أكثر حين يحاول البعض أن يستغل هذه المطالب لزرع بذور الفرقة والشقاق، أو ليصعد آخرون الموجة علّهم يكسبون عددًا أكبر من المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي ويشار إليهم فيصدقون خوارق قدرة لا يمتلكونها، وهم ذاتهم الذين نبصرهم واقفين لتنشيط هذه المواضيع في مواقع التواصل الاجتماعي تارة، وتارة أخرى يصفقون لجهود الحكومة ويعدِون بالفرج القريب، وهو وعد من لا يملك ولا يفقه ما الذي يعنيه هذا التناقض وكيف يسهم في تأجيج هذا الأمر والسعي به إلى مناطق يجهلها ظنًا منه أنه خير وطمع بشهرة افتراضية على أكتاف هؤلاء الشباب الطامحين، كما إنني أرى أنه من باب الوفاء والإخلاص لهذا الوطن العظيم وجلالة القائد أن يكون الشباب العماني أهلا لثقته وذلك بالعمل على رؤيته والإيمان بها والتفكر بعقلانية في موازنة دولة بأكملها لو تم توفير فرص العمل لكل هذه الأعداد دفعة واحدة ما الذي سينتج حينها، علينا أن نفكر بمصلحة الوطن لا بمصلحة فرد، وعلى المسؤولين أن يكونوا أهلا لمناصبهم التي وُضعت لخدمة المواطن العماني وليس لتعقيد الإجراءات وتقييد الرغبات وكسر إمكاناتهم التي تعدُّ ركيزة النمو والتطور بروتين لا ينتج إلا ما نحن عليه اليوم وما نشاهده من نشاط الشباب. نعم قد يتحمل المسؤول هذا الخطأ الذي وقع وقضي الأمر لكن علينا أن نحكم العقول ونستفتي القلوب وأن يكون شعارنا البذل والعطاء والأمانة في أداء المسؤوليات المنوطة بنا، وعلى المتسلقين أن يتنازلوا عن رقصاتهم على الحبال الوهنة، فعمان أولى بأبنائها، وأبناؤها أكثر حرصًا على هذا الوطن/الأم، وعلينا جميعا ألا نتيح للأفاعي فرصة التسرب إلينا عبر هذه العوالم الافتراضية وألا نسمح للمتسلقين أن يقيموا حفلاتهم عليها، كي لا نضيع الوقت الذي يُمكن أن يسخر لخدمة البلاد ولا نصنع منهم أبطالا من ورق.

Your Page Title