فضاءات

د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: أفيقوا من غيّكم أيها المُرجِفون في الأرض

د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: أفيقوا من غيّكم أيها المُرجِفون في الأرض
د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: أفيقوا من غيّكم أيها المُرجِفون في الأرض د.سالم بن سلمان الشكيلي يكتب: أفيقوا من غيّكم أيها المُرجِفون في الأرض

أثير- د. سالم بن سلمان الشكيلي

أزمة وراءها أزمة …
سرقة وقحة للتاريخ تعقبها سرقة أخرى أعظم وقاحة …
تزوير خبيث في الجغرافيا يتبعه تزوير آخر أكثر خُبْثًا..
اتهام قبيح بتهريب السلاح للحوثيين يتلوه اتهام أشدّ قبحًا.
دعوة سمِجة لإخراج سلطنة عمان من مجلس التعاون ، يلحقها نداء أكثر سماجة لطردنا من الجامعة العربية …
حقد … غِل … حسد …
مؤامرات …
دسائس …
ابتذال في القذف …
فجور في الخصومة …
قدح في الأعراض والشرف …
إسفاف في القول …
يعلم الله لو أنّ إبليس ربّاكم ، وله زوجة أرضعتكم لمَا استطاعا أن يصلا بكم إلى هذا النوع والكمّ من الانحطاط في الصفات الرديئة والأخلاق الدنيئة .







هذا هو مشهد منطقة الخليج الآن، مشهد لم تعرفه شعوب المنطقة من قبل على الإطلاق !!! أناس جُنّدوا لإثارة الفتن وليس سواها … أشخاص نزعوا الحياء عن وجوههم ، كما نزع الله قيم الدين والأخلاق من قلوبهم وألسنتهم ، حتى غدت لا تنطق إلا بقبيح القول وأقذره ، هم بضع أنفار معروفين لدى شعوب الخليج ، يبدو أنه لا تغمض لهم عين ولا يهدأ لهم بال ، إلا أن يزرعوا بذور الشر كل صباح ، فيُرووها من أحقادهم وعفنهم في المساء ..

لم تسلم سلطنة عمان ولا دولة قطر ولا دولة الكويت ، منهم ولا من خبثهم وقبحهم ، لماذا كل هذا ؟ ولمصلحة من إثارة هذه الأحقاد بين أبناء الأسرة الخليجية الواحدة ؟
اسمعوها مني حقيقة كبرى أيها الحمقى ، شاء منكم مَن شاء ، وأبى من أبى : شعوب الخليج أبناء عمومة بينهم أواصر نسب ، وأواصر مصاهرة ، بين أهل البحرين وقطر ، وأهل الكويت والسعودية ، وبين أهل عمان والإمارات ، بل وبين أهل كل قُطْر مع أهل كل أقطار الخليج من تلك الوشائج والأواصر ؛ إلا إذا استُنبت لنا نفر آخر يدعي أنهم من سلالات لا تمتّ لآدم عليه السلام بصلة ، بل ربّما تشدّقوا بأنهم وُجدوا قبل هذا التاريخ ، ولن نستغرب منهم ذلك لمعرفتنا اليقينية أنهم صنّاع مهرة للكذب ، ومن كثرة كذبهم وافتراءاتهم أصبحوا يعتقدون ويصدقون أكاذيبهم .


طفح الكيل ، وامتلأ الجراب ، وبلغ السّيل الزّبى ، ونحن نحاول كبح جماح أنفسنا الكريمة ، من أن تطلق صواعق الردّ المُسكت لهؤلاء الموتورين ، ظنًّا منّا أن احترامنا لأنفسنا قبل أن يكون لدواعي الأخوّة والجيرة والقربي ، قد يُخرج شيئًا من بواقي المروءة لديهم ، إلّا أنه وللأسف الشديد ، فُسّر الاحترام رضا بما يهذون ، والصمت عنهم ضعفًا ، فتمادوا في غيّهم يعمهون ، ونسَوا أو تناسَوا أنّ الأُسُود إذا زأرت أرعدت وأخافت كل متربص بها ، ولعلّي أَجِد من المناسب الاستئناس بقول أبي الطيّب المتنبي ، فأوقظه من مرقده ، في هذه الأبيات علها تذكّر أصحاب الألباب ، وتُسمع من به صمم :
أمعفرَ الليثِ الهزَبْرِ بسوطه
‏ لمن ادخرت الصارم المصقولا ؟
‏ورْدٌ ، إذا وردَ البحيرةَ شاربًا
‏ وردَ الفراتَ زئيرُه ،،،،،،،،، والنيلا
‏متخضبٌ بدم الفوارس ، لابسٌ
‏ في غِيلهِ من لبدَتَيه ،،،،، غِيلا
‏ماقوبلت عيناه إلا ظُنتا
‏. تحت الدجى نارَ الغريق حُلولا





كم تمنينا أن تكون لكم آذان تسمعون بها ، وعيون تبصرون بها ، وعقول تدركون بها ، وقلوب تفقهون ؛ لتعرفوا الرجال حق المعرفة ، ولتحكموا على أفعالهم التي تعكس أقوالهم ، استذكروا فقط بعضًا من الماضي القريب كيف كانت أقوال عمان وأفعالها في الحرب الإيرانية العراقية ، ألم يكن حيادا إيجابيا ؟ ثم وبعد ثماني سنوات من الحرب قُتل فيها وشُرّد وهُجّر ودُمّر ، فماذا جنى الطرفان ؟ وماذا جنى الداعمون لهذا الطرف أو ذاك ، وكيف هي علاقة الطرفين الآن .

اسألوا القاهرة عن مواقف وجهود عمان تنبئكم عنها ، أعوام ١٩٧٣م ، ١٩٧٨م ، ٢٠١١م ، واسألوا دمشق وتونس وطرابلس ، اسألوا صنعاء وعدن والحديدة وتعز ومحافظة المهرة وسقطرى ، اسألوا الجرحى والمهجرين والمشردين ، اسألوا المحررين من الأسر من كل الجنسيات ، عن جهود عمان وسيدها وكيف حررتهم عمان من الأسر ، اسألوا قاعات وغرف الأمم المتحدة في نيويورك عن كُنه ومواقف ومساعي عمان من أجل إحلال السلام والوئام وحل الخلافات بالحوار بعيدًا عن الرصاص والقنابل والصواريخ ، اسألوا من شئتم من المنصفين غير الحاقدين والمرجفين أمثالكم ، لن يجيبوكم إلا بما يرفع هاماتنا إلى عنان السماء ، ولعلكم سمعتم أيها الحمقى شهادة الأوروبيين عن موقف عمان النزيه من كل الصراعات العبثية التي تديرونها .

اعلموا وليُعلم منكم الحاضرُ لهذا المقال الغائبَ عنه ، بأنّ عمان اعتادت على قيادة أمم ، ومن اعتاد على ذلك يستحيل خضوعه لقيادة أحد مهما علا وضعه وعظم شأنه ، وفِي ظنّنا أنكم لم تبلغوا ولن تبلغوا تلك المنزلة من علوّ الشأن ، جُلّ ما وصلتم إليه ، وأشهد أنكم برعتم فيه ، هو الكذب وسرقة التاريخ وتزوير الحقائق ، وإنشاء جيش من الذباب الإلكتروني يمجّد أفعالكم ويروّج لأفكاركم .
نحن قوم خلقنا الله عظماء ، فنعيش و نموت عظماء .


بلّغوا أسيادكم الموتورين ، أيّها المنبوذون من دَوح الكرامة ، بأن قرارات السلطنة تصدر بإرادة عمانية، وفق قناعاتها ومبادئها الثابتة ، والتي لا ولن تتغير بلعبة المصالح ، وأن القرار العماني لا يقبل المساومة ، ولن يحيد عن الحق لا بالضغط ، ولا بالابتزاز ، ولا بقرصنة عصابات الشر ، وإذا كنتم لم تعَوا هذه الحقيقة ولَم تُدركوها بعد ، فاسألوا حليفتكم واشنطن تنبئكم عنها ، ودعوا عنكم الهرطقات التي لن تزيدكم إلا انكشافًا لخبايا نفوسكم المريضة ، التي أصبحت عبئًا ووبالًا حتى على حلفائكم الذين أظهروا تبرّمًا واضحًا من أعمالكم الممقوتة التي جلبتم بها الدمار للعالم .

لن أتحدث عن سرقة التاريخ العماني هذه المرة ، ولا عن تزوير الجغرافيا ، إذ تناولناها في مقالات سابقة ، ونحن على يقين أنّ التاريخ الذي كُتب بدماء العُمانيين وعرَقهم وبطولاتهم وتضحياتهم وفكرهم وإبداعاتهم ، والتاريخ في العموم لا يغيره مسلسل درامي ، ولا مسرحية أو محاضرة تٌلقى هنا أو هناك ، من شخصية كانت لها في السابق آراء حقيقية ومنصفة عن التاريخ والجغرافيا العمانية ، ولا أجد له مبررا أو سببا لتغيير شهاداته السابقة .

يَظهر بين الفينة والأخرى ، بعض الساسة والإعلاميين في بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، يُطالبون بإخراج سلطنة عمان من المجلس المذكور، وفي الحقيقة فإنّ هذه الدعوات ، المتكررة التي أصبحت منفّرة ومقزّزة ، لا تصدر عن أصحابها اعتباطًا ودون توجيه أو إذن مسبق من السلطات الرسمية في دولهم ، فالإعلام وتوجهاته في دول الخليج معروف الصنعة والتبعية .

وللتذكير فقط ، فإنه عندما قام مجلس التعاون ، قام على همم وآمال وطموحات كبار ، عبّر عنها قادة عظام هم : قابوس وفهد وجابر وزايد وعيسى وخليفة ، كلهم خبروا السياسة واستشرفوا المستقبل لتحقيق مصالح شعوبهم ، وبالقطع لم يكن واردًا في أذهانهم شنّ الحروب وإثارة النعرات في المنطقة وخارجها .

تعلَقت شعوب الخليج بهذا المجلس الوليد ، على أمل أن يكون نموذجًا ناجحًا في تحقيق مزيد من التعاون في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، بما ينعكس إيجابًا على رفاهية المواطن الخليجي وسعادته ، وعمل المخلصون من أبناء دول المجلس ، في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ، والعشر سنين الأولى من القرن الحالي ، على تحقيق رغبات شعوب الخليج ، وعلى الرغم من عدم تحقق القدر الكافي والمأمول مما كانت تصبو إليه ، لكن ظل المجلس بمثابة الشجرة الوارفة التي يستظلون بها ، والأمل الذي يتمسكون به .

وللأسف الشديد مع كل هذه الإنجازات ، أُريد لمجلس التعاون ، أن يكون بوصلة لإملاء القرارات من بعض الدول الأعضاء فيه ، دون نقاش ، وهذا ما لا تقبله سلطنة عمان بأي حال من الأحوال ، ومن هنا نشأت داخل إطار المجلس ، مقولة “إن لم توافقني فأنت ضدي” . فيا عجبًا لهذه المعادلة الساذجة .

إن عمان حريصة كل الحرص ، على بقاء مجلس التعاون الخليجي ، لكنها في الوقت نفسه حريصة على سيادتها ، واستقلالية قرارها وفقًا لمبادئها وثوابتها ومصالحها العليا . وإني لأسأل “المرجفين في الأرض”: ، هل حقًا لا يزال المجلس على قيد الحياة ، أم أنه في حالة موت سريري ؟ .

ومن وجهة نظر شخصية ، يكفي منّة ، ويكفي تجريحًا ، خذوا مجلسكم ، وحوّلوه بالطريقة التي تحلو لكم ، فالله مغنينا وكافينا بما لدينا من عزة ، وكرامة ، وإباء ، ولن نموت جوعًا ، إذا خرجنا أو أُخرجنا منه ، فمن قبله كنا نعيش ، وبدونه وبفضل الله سنبقى نعيش ، وعمان بها من الكفاءات والقدرات والقيادات والموارد الطبيعية ما يجعلها فوق الجميع كما هي دائمًا ، وتكفينا عناية الله ورعايته .

وفيما يتعلق بالجامعة العربية ، فنظنها بيت كل العرب ، وليست عزبة لفرد معين يدعو إليها من يشاء ، ويطرد منها من يغضب عليه ، الجامعة العربية تضم في عضويتها اثنتين وعشرين دولة ، وليس دولة واحدة أو دولتين ، توزعان صكوك الغفران ، وأحكام الإعدام على الدول الأعضاء ، فقرارات الجامعة بعضها بالإجماع ، وبعضها بأغلبية خاصة ، ولا نظن أنّ أحدًا في الجامعة سيسمع لهؤلاء المرجفين في الأرض صوتًا ، فلقد انتهى عهد الوصايات ، وعهد التلويح بالعصا والجزرة ، أفيقوا من غيّكم وشلالات أوهامكم ، وعودوا لرشدكم ، قلنا آلاف المرات ، إن عمان ليست مَكسر عصا ، ولم ولن تنقاد أو تخضع لأحد . أما رواية تهريب السلاح للحوثيين ، فهي رواية استهلكت ولم يتعدّ صداها شفاه الزاعمين لها ، ذلك أنّ العالم شرقه وغربه ، لن تنطلي عليه الأكاذيب وهو يعرف عمان حق المعرفة ، ثم أن لدى سيدكم الأعلى في واشنطن من الأقمار الصناعية ما يكشف حتى مخادعكم ، فكيف بأسلحةٍ ثقيلة أو خفيفة يمكن أن تمرّ دون أن تكشفها تلك الأقمار . ألا ساء ما تحكمون .

وفيما يتعلق بالمدعوة شيرين سباهي ، فقد ثبت بما لا يدع للشك بذمامة خلقها ، وبرخص سعرها في سوق النفاق والتطبيل لمن يدفع لها حتى بان عهرها السياسي ، ولتعلم هي ومن يدفع لها بأننا لا نبالي بهذيانها “واللي على رأسه بطحا يحسّس عليها ” فمن تدافع عنهم شيرين سباهي ماهم إلا َتبَع ، والتابع لا ينفك عن أصله ، وأستعير هنا تغريدة لأحد الكتاب المخلصين الذي قال فيها « إذا كان قد حان فتح الدفاتر فعندنا في خزائن التاريخ ما يكشف العورات ويلجم من اعتراه خبل الأحلام والتوهان ، على الرغم من أنّ عمان ليست من ابتدأ ، ولكن على الظالم والباطل تدور الدوائر ، فحدود عمان تصل إلى ما حول وجاوز مسندم ، فلتلزم سباهي وأسيادها الصمت ، ففي الصمت مصلحة لهم ، فكما يقول الشاعر :

الصمت زينٌ والسكوتُ سلامةٌ
فإذا نطقتَ فلا تكن مكثارا
فلئن ندمتَ على سكوتك مرةً
فلتندمنً على الكلام مرارا



Your Page Title