أثير- جميلة العبرية
تشتكي “أم خليفة” وعيناها مليئتان بالدموع، وتلجأ إلى صديقاتها لتخبرهن بأن الله رزقها مولودًا ثانيًا، لكن المشكلة أنه لا يصغر عن أخيه الأول سوى بثلاث سنوات؛ الأمر الذي جعل الأخ الأكبر متمردًا عبر الضرب والعناد.
وتُكمِل لهن: ليس هذا فقط، فاهتمامات ابني خليفة تنصب في الحديد والمسامير والمفكات، ودائما ما أجده قد رماها فوق أخيه، فبالرغم من تخصيص مكان خاص له ولاهتمامه في المنزل إلا أنه يصرّ على إحضارها ورميها فوقه!، وهذا ما يدعوني إلى الصراخ عليه وضربه أحيانًا، فكيف تعاملتن مع الطفل الأول؟
أجابتها أولا أم اليزن قائلة : ” بصراحة دائمًا لا أستطيع التحكم بأعصابي وأطلق لها العنان، لكن الحل هو أن تحاولي جعل “خليفة” الطفل الأول يُساعدك في الاهتمام بالطفل الثاني كمثل مساعدته لكِ بجلب الأشياء الخاصة بأخيه، وستجدين أنه يلتهي مع الوقت عن غضبه وغيرته من أخيه، ” وكررت لها : “حاولي ألا تضربيه، أبدًا أبدًا” فالضرب ينعكس بالسلب وعمر ابنك 3 أعوام وهو ليس بصغير، كلميه وحاوريه فهو يفهم ويأخذ ويعطي في الحديث .”
أما أم زهد فأوضحت لها بأن الطفل الأول يحس بأن أخاه الجديد قد أخذ مكانه وإنك تنشغلين به، قائلة لها: أنا كثيرًا ما أتجاهل ابنتي زهد، مع أنها قد تضرب أختها وترميها بقوة في الأرض مما يدعوني إلى ضرب الكبيرة وترك الصغيرة تبكي.
أما أم مجاهد فتشتكي الحال نفسه فتقول لهن: ” انتظرن عندما يكبران سترين العناد بينهما والعنف، مؤكدة بأن الضرب ليس حلًا وإنما يزيد العناد عنادًا”
أم نوار من جانبها أجابتها وأعطتها عدة حلول فقالت لها: في بداية الأمر يصبح الوضع جديدًا، ويصعب فيه التوازن وبخاصة إن كان الطفل الثاني “بكّاء”، فعليك طلب المساعدة قدر استطاعتك، وفي الوقت نفسه لا تهملي الكبير لأن هو الذي يفهم ويشعر في هذه الفترة، فمن الممكن وضع المولود الثاني مع أبيه في وقت أنت تقضينه مع الكبير” ونصحتها أيضًا: اجلسي مع نفسك لمدة ربع ساعة، وخذي نفسًا عميقًا حتى تستعيدي توازنكِ. واهدئي ثم اهدئي لآخر درجة؛ فلو اعتدتِ على ضربه فسيأتي لك العناد بالسلب، وستخلقين مشاكل أكبر وسنهدم شخصيات أطفالنا بأنفسنا، فغدًا سيصبح هو من يضرب أخاه، ويعتدي عليه وستبتدئ لكِ المشاكل التي لا غنى عنها، وبعكس لو أصبحتِ هادئة فستتجنبين الكثير”.
وهنا أخذت “أثير” هذه الحوارات للدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية استشارية طب نفسي أطفال ويافعين التي أوضحت في البداية بأن وجود طفل جديد في العائلة هو عبارة عن حدث سعيد لكن الأحداث السعيدة في بعض الأحيان تكون عبارة عن ضغط نفسي سواء كان للأم أو للطفل أو حتى للأب مثلها مثل الأوضاع السعيدة الأخرى كالزواج مثلا فعلى الرغم من إنه حدث سعيد والجميع في استعداد وفرحة إلا إنه يشكل ضغطًا نفسيًا على الزوجين.
وتُكمل الدكتورة قائلة: هناك دراسات كثيرة تحدثت عن موضوع قدوم الطفل الثاني، ومعرفة ماهية هذه المرحلة هل هي مرحلة انتقالية وهل خلال هذه المرحلة الانتقالية يأتي موضوع العنف والغيرة والمشاكل السلوكية عند الأطفال، واختلفت النتائج؛ فبعضها أكد هذا الأمر والبعض الآخر لم يؤكدها، ولكن كمجمل لم يتمكنوا من الاتفاق على وجود خلل حقيقي نفسي يحدث عند الطفل في هذه المرحلة لكن الاختلاف يكون عند طفل عن الآخر بحيث إن بعض الأطفال لديهم القدرة على التعامل مع الضغوطات بطريقة مناسبة، وبعضهم تكون لديهم صعوبة في التعامل مع هذه الضغوطات.
وتضيف: أنا كأم ماذا بقدرتي أن أفعل بعد معرفتي بحمل الطفل الثاني، ونحن كعمانيات لا نفضل أن نبلّغ عن الحمل في بدايته ، فمن الممكن في هذا الوضع انتظار الوقت المناسب للإخبار ويكون الابن الأول من أوائل الأشخاص الذين عليّ أن أخبرهم، فأبتدئ بإخباره بقدوم طفل آخر للبيت وهو الآن في الطريق، وذلك لإعداده نفسيًا، وأكرر ذلك يوميًا طوال فترة الحمل، حتى بإخباره بتفاصيل زيارتي للمستشفى، وأسمح له بمشاهدة صورة (السونار) الجنين داخل الرحم.
وتوضح: كما من الممكن مشاركة الطفل الأول الاستعداد والتجهيز للطفل الثاني ومشاركته هذه المناسبة كإعداد غرفة الطفل والتسوّق لها، وفي الوقت ذاته أنتبه لنقطة الغيرة لديه فهي تبدأ في هذه المرحلة، وذلك على سبيل المثال: إحساسه بشراء كل شيء للطفل القادم وأن الطفل الجديد سيحصل على كثير من الهدايا.
وتشير الشكيلية إلى أن أحد الحلول هو شراء الأم لمجموعة من الهدايا وإخفاؤها، وكلما رأت طفلها الأول في حالة غيرة تُخرِج له هدية وتعطيها إياه خاصة إذا حصل الطفل الثاني على الكثير من الهدايا، موضحة بأن من الحلول الأخرى جعل الطفل يشارك ويساعد في احتياجات الطفل الثاني البسيطة، وكذلك تُخرِج الأم ألبوم الصور للطفل الأول وتجعله يشاهده ويشاهد ماذا فُعِل له في مثل مرحلة أخيه وذلك لإيصال رسالة له:”نحن نحبك كحبنا لأخيك”.
وفي ختام حديثها لـ “أثير” نبّهت الدكتورة الأمهات بعدم اللجوء للضرب بأي حال من الأحوال، والابتعاد عنه بكل الطرق الممكنة؛ لأنه غير مقبول بكافة صيغه وأشكاله وأسبابه.