أبجد

‏محمد الهادي الجزيري يكتب: القادم الوردي لي

محمد الهادي الجزيري يكتب: ديوان الشعر الأمريكي الجديد
محمد الهادي الجزيري يكتب: ديوان الشعر الأمريكي الجديد محمد الهادي الجزيري يكتب: ديوان الشعر الأمريكي الجديد

القادم الورديّ لي…
‏سنية المدوري


‏محمد الهادي الجزيري

‏مجموعتها الشعريّة الجديدة تدعوني لقراءتها والخوض فيها وقد اختارت لها عنوانا مثيرا ومستفزّا لجيش الشعراء المحدّقين فيها وفي محتواها ، العنوان هو : ” القادم الورديّ لي …” بعد أن اكتسحت الساحة الشعرية بمجموعة ” محتوى الفردوس ” ..إذن ها هي سنية مدوري تخطو الخطوة الثانية بكلّ ثبات وعزيمة وها إنّي منكبّ على جديدها متذوّق لأحلى ثمراتها بعد أن تأكّدت من خطورتها وقدرتها الفادحة على تطويع المعنى وتكثيف الصورة في أكثر من مناسبة وخاصة لمّا شاركت في العاصمة الامارتية أبو ظبي وتحديدا في المسابقة الشهيرة أمير الشعراء سنة 2015 وبرهنت آنذاك على تفرّدها ..فلأوّل مرّة تشارك تونسية فيه وتبلغ العشرين الأوائل ..وكانت قد أثارت ضجّة في تونس وفي ساحتها الثقافية …

‏محمد الهادي الجزيري يكتب: القادم الوردي لي
‏محمد الهادي الجزيري يكتب: القادم الوردي لي ‏محمد الهادي الجزيري يكتب: القادم الوردي لي

‏في افتتاح البوح تباغتنا بقصيدة ” أمل ” وتقول إنّ الشاعرة بما أنّها أقرب كائن للفراشة فالله محال أن يتركها تواجه برقّتها ورهافتها شدّة البرد ..وتضيف في أوّل اعتراف لها أنّ القارئ يستطيع أن يفعل ما يشتهي وأن يحقّق كينونته حسب إرادته ولكن تنبّهه بعدم المحاولة برسم أحلام الموتى ..مذكّرة الجميع بتساوي الأمر لديها ..فكلّ شيء صار متعادلا ..فالشتاء مثل الربيع وهذا ما أرادت تبليغه الشاعرة وقد أفلحت :

‏ ” اللهُ لا يَنْسى الفراشةَ حينَ يشْتَدُّ الصّقيعْ
‏كُنْ ما تُريدُ ولا تُحاولْ رسْمَ أحلامِ المَواتْ..
‏الوقْتُ فاتْ…
‏ماعادَ يعْنيني الغيابُ ولا الحُضورُ
‏ولا الحديقةُ.. لاَ الزُّهورُ
‏تَعادَلَ الضدّانِ فيَّ
‏هُوَ الشّتاءُ كَمَا الرّبيعْ..”




‏ثمّة نصّ دافئ وحميم شدّني بقوّة ألا وهو المعنون ” مازلت أبحث عن شبيه لا يجيد..” فهذا النّص موجّه إلى كائن استثنائيّ ..إلى الحضن الشاسع الذي لا مثله ملاذ لأحد ..هو الوالد الذي يعطي كلّ شيء ولا يطلب شيء..، وقد خصّصت له أولى النصوص سنية المدوري حفاوة به وتكريما له للدلالة على المكانة التي يحتلّها دون سواه ..فهو الأب الحنون الكريم الذي لا حدّ لعطفه ومحبّته..:
‏ ” يا والدي..
‏مازلتُ أبحثُ عنْ شبيهٍ لا يُجيدُ
‏سوى المحبّةِ للمحبّة ..
‏لا يُجيدُ سوى الحنانْ..
‏كَمْ كُنتُ أعلمُ أنّني أقفو خطاكَ لعلّني في ظلِّ
‏روحكَ تعتريني موجةٌ من دفء صوتكَ
‏كمْ حلمتُ بذا الأمانْ..
‏اعذرْ سذاجةَ طفلةٍ ظنّتْ بأنَّ حروفَها
‏وردٌ تفتّحَ في رصاصاتِ الزّمانْ..
‏إنّي أحبُّكَ مُنذُ عُمرِ الكونِ
‏منذُ فراشةٍ حطّتْ عَلى وتَرِ الكمانْ…”
‏نمرّ إلى ” هدايا الصباح ” حيث كشفت الشاعرة وجه الأنثى العاشقة وهي توزّع هداياها لرجل ما مهووسة به مسكونة بحرائقه ..وقد اخترتُ لكم مقطعا من قصيدة طويلة نسبيا ..هذا المقطع فيه الهديّة المخصّصة لعينيه :
‏ ” هديّة الصّباح لعينيكَ
‏أحبّكَ..
‏وجهكَ أنشودةُ الصّبحِ
‏عيناكَ أرجوحتان لحلمي
‏وهذا المدى قاطرَةْ…
‏أحبّكَ..
‏لو تعلمُ الوجدَ عيناكَ
‏كانتْ تخلّتْ عنِ النّظرة
‏السّاحرةْ..
‏أحبّكَ..
‏رفْقا بقلبي أيا أيّها العُمْرُ
‏إنّي أعودُ من الآخرةْ..”













‏أمّا الوجع الأكبر فهو الوطن وما يحيق به من شرّ ومكائد ورصاص ملعون ..، ففي قصيدة
‏ ” أوجاع النخيل ” المهداة إلى الشهيد “شكري بلعيد” في ذكرى اغتياله الثالثة..نقف على عزيمة الشاعرة فهي رغم حزنها ونكبتها مقرّة العزم على النضال والصمود ..حتّى نكنس الغبار الخانق لنا ..وإنّنا لمنتصرون


‏ ” الحرْفُ هامَتُكَ الّتي لنْ تَنْثَنِي
‏إنْ غيّبوا منكَ الجسَدْ..
‏أبدًا سماؤُكَ باتّساع الحُلْمِ
‏يحدوهُ الأبَدْ..
‏ماضونَ صوْبَ الانعتاقِ
‏ودربُنا/ الأشواكُ لكِنْ لنْ
‏نحيدَ عَنِ السّبيلْ..”




‏في ختام هذه الإطلالة على ” القادم الورديّ لي…” أترككم مع الشاعرة وهي تتحدّث عن مشاركتها في أمير الشعراء عام 2015 :

‏ ” كانت مشاركتي في برنامج أمير الشعراء بالإمارات العربية المتحدة ضمن ثلاثمائة شاعر استمعت إليهم اللجنة المتكونة من النقاد علي بن تميم من الإمارات، عبد المالك مرتاض من الجزائر وصلاح فضل من مصر واختارت اللجنة أربعين شاعرا خضعوا لمرحلة الارتجال وكنت من بين هؤلاء الشعراء وأسفر الارتجال عن اختيار عشرين شاعرا للمرور إلى مرحلة المباشر ومررت إلى مرحلة المباشر وكنت أول شاعرة تونسية تمر إلى هذه المرحلة وقد أعجبت اللجنة بنصي الذي شاركت به خدمني الشعر وخذلني التصويت الذي لولاه لكنت من الخمسة الأوائل.

Your Page Title