مسقط-أثير
مسقط-أثير
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
ارتبط العمانيون بالبحر والملاحة ارتباطًا كبيرًا، ونمت هذه العلاقة حتى أصبحت الملاحة والتجارة البحرية من المهن الأساسية التي يمارسها العديد من سكان الموانئ العمانية، وكان من الطبيعي أن يصاحب ذلك الاهتمام بعلوم عديدة كالفلك والحساب، وأن يلجأوا إلى استخدام عدد من الأدوات والخرائط والمؤلفات الملاحية التي تعينهم ومن بينها: الإسطرلاب، وآلة الكمال، والديرة (البوصلة)، والفرجار، والتقاويم، والرحمانيّات، و(الناليّات)، والروزنامات وغيرها، فظهر لدينا ربابنة كثر أسهموا فكريًا في تطوير بعض هذه الأدوات وكان لهم إسهامٌ واضح في علم الملاحة أمثال ابن ماطر، وناصر بن علي الخضوري، وجمعة بن مسلم القعدوي، وغيرهم.
ارتبط العمانيون بالبحر والملاحة ارتباطًا كبيرًا، ونمت هذه العلاقة حتى أصبحت الملاحة والتجارة البحرية من المهن الأساسية التي يمارسها العديد من سكان الموانئ العمانية، وكان من الطبيعي أن يصاحب ذلك الاهتمام بعلوم عديدة كالفلك والحساب، وأن يلجأوا إلى استخدام عدد من الأدوات والخرائط والمؤلفات الملاحية التي تعينهم
ومن بينها: الإسطرلاب، وآلة الكمال، والديرة (البوصلة)، والفرجار، والتقاويم، والرحمانيّات، و(الناليّات)، والروزنامات وغيرها، فظهر لدينا ربابنة كثر أسهموا فكريًا في تطوير بعض هذه الأدوات وكان لهم إسهامٌ واضح في علم الملاحة أمثال ابن ماطر، وناصر بن علي الخضوري، وجمعة بن مسلم القعدوي، وغيرهم.
” أثير” تقترب في هذا التقرير من إحدى هذه الأدوات الملاحية الفلكية التي تعد شاهدةً على براعة الملاحين العمانيين في هذا المجال، ونقصد بها (الرحمانيات)، وذلك من خلال المعلومات الواردة في دراسة ماجستير حديثة متخصصة تم مناقشتها بجامعة السلطان قابوس مؤخرًا بعنوان: “مصنفات الملاحة البحرية عند العُمانيين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين: الرحمانيات أنموذجا” للباحث بدر بن ناصر العريمي، لتسليط الضوء على موضوع الرحمانيات من حيث تعريفها، واستخداماتها، وقيمتها العلمية، وأبرز الربابنة الذين امتلكوها.
” أثير” تقترب في هذا التقرير من إحدى هذه الأدوات الملاحية الفلكية التي تعد شاهدةً على براعة الملاحين العمانيين في هذا المجال، ونقصد بها (الرحمانيات)، وذلك من خلال المعلومات الواردة في دراسة ماجستير حديثة متخصصة تم مناقشتها بجامعة السلطان قابوس مؤخرًا
بعنوان: “مصنفات الملاحة البحرية عند العُمانيين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين: الرحمانيات أنموذجا” للباحث بدر بن ناصر العريمي، لتسليط الضوء على موضوع الرحمانيات من حيث تعريفها، واستخداماتها، وقيمتها العلمية، وأبرز الربابنة الذين امتلكوها.

تعريف الرحمانيات
تعريف الرحمانيات
الرحمانيات مصطلح يُطلق على المصنفات الملاحية التي كتبها نواخذة المحيط الهندي، بعد سلسلة من الرحلات البحرية دونوا من خلالها مشاهداتهم الحية وتجاربهم المتنوعة والمتعددة؛ فهي نتاج معرفي تراكمي اعتمد المنهج التجريبي أساسًا في الوصول إلى نتائج محددة وواضحة، والمادة المكونة للرحمانيات هي مادة علمية بحتة في أغلب موضوعاتها، فهي تتناول أسس وأصول الملاحة البحرية بأسلوب إرشادي وتوجيهي يُعين الملاح ويرشده في كيفية الانتقال من ميناء إلى آخر؛ ولذلك يُطلق عليها مرشدات الطريق، ويمكن تقسيم المادة العلمية في الرحمانيات إلى نوعين أساسين من العلوم هما: الفلك والجغرافيا، وهذان العلمان يشكلان العمود الفقري لعلم الملاحة البحرية، بل إنهما يمتزجان في بعضهما البعض ليشكلا ما يُسمى بعلم الجغرافيا الفلكية، فالملاح يعتمد في انتقال سفينته من منطقة إلى أخرى على نجوم الملاحة الظاهرة على خارطة السماء.

ومصطلح الرحمانيات هو جمع لمفرد رحماني وهو تصحيف لكلمة رهمانج أو رهماني أو راهنامج، ويذكر الفقيه اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس أن “الراهنامج” مصطلح استعمله العرب وهو ذو أصل فارسي يتكون من مقطعين “راه” وتعني الطريق و”نامة” وتعني الكتاب، فعند تعريبه يصبح كتاب الطريق، وقد استعمله العرب للإشارة إلى الكتاب الذي يسلك به الربابنة البحر ويهتدون به في معرفة المراسي والشعب وغيرها.
الموضوعات التي تتضمنها الرحمانيات
الموضوعات التي تتضمنها الرحمانيات
معظم الرحمانيات تتضمن عرضًا للبروج السماوية، ومنازل القمر، ونجوم الملاحة البحرية الموقعة على الديرة البحرية (البوصلة)، وميل الشمس اليومي عن خط الاستواء وحركتها السنوية في البروج، وشرحًا مفصلًا لحركة النجوم في مداراتها، كما تتضمن الرحمانيات عرضًا لأسماء المواقع الجغرافية الواقعة على خط الرحلة البحرية كالرؤوس البحرية، والبنادر، والمرافئ، والجزر، والجبال، والسمات الجغرافية لتلك المواقع من حيث مدى تعرضها للرياح، وأعماق موانئها، والمعوقات الملاحية حولها، كما تتضمن إحداثيات تلك المواقع على خطوط الطول ودوائر العرض والمسافات الفاصلة بينها، كما تضمنت الرحمانيات شروحات لقواعد رياضية ثابتة يستخدمها النواخذة لاستخراج العديد من المعلومات التي قد يحتاجها النوخذا خلال رحلته البحرية، كمقدار جري السفينة، وتحديد موقع السفينة الفلكي، ومعرفة التقويم الهجري بمعرفة النيروز أو معرفة النيروز باستخدام التقويم الهجري، ومعرفة منازل القمر، وموقع الشمس من البروج وغيرها من المعلومات.

كما تضمنت الرحمانيات نصائح وإرشادات يوجهها كاتبها لعموم النواخذة خصوصا المبتدئين منهم، وتأخذ تلك النصائح أحيانًا طابعًا ماديًا كالتحذير من النزول بالسفن للمياه الضحلة، وتحديث قراءات الأعماق باستمرار عند الاقتراب من السواحل أو الجزر، وعدم الاعتماد الكلي على الرؤية المباشرة لنجوم الملاحة بل اعتماد اتجاهات البوصلة البحرية في ذلك، والانتباه للرؤوس البحرية والنتوءات الصخرية البارزة فوق سطح البحر، وأحيانا تأخذ تلك الإرشادات الجانب المعنوي للربان كالإيمان بالله والتوكل عليه، وعدم الإكثار من الحديث والجدال، والحفاظ على هيبته وضبط انفعالاته أمام بحارته، وترك الغفلة وكثرة النوم واليقظة والانتباه لأرواح الناس وأموالهم.
تصنيف الرحمانيات
تصنيف الرحمانيات
يُمكن تصنيف الرحمانيات الملاحية إلى نوعين أساسين هما: الرحمانيات القديمة، والرحمانيات الحديثة، وكل تلك الرحمانيات التي وصلت إلينا قد كُتبت في العصر الحديث إلا أن تقسيمها إلى قديم وحديث يعود لاختلاف أساليب الإبحار وطرق القياس ونوعية أجهزة الرصد والقياس الفلكي المستخدمة، وأبرز تلك المتغيرات التي نستطيع أن نفرق من خلالها بين الرحمانيات القديمة والرحمانيات الحديثة هو القياس المعتمد في تحديد خط العرض لموقع السفينة، فبينما اعتمدت الرحمانيات القديمة نجم القطب الشمالي (الجاه) ومنازل القمر، اعتمدت الرحمانيات الحديثة على ميل الشمس اليومي من خط الاستواء.

القيمة العلمية للرحمانيات:
يمثل الإنتاج العلمي الملاحي المدون عصارة الجهد الذي قام به الملاحون العمانيون خلال رحلاتهم البحرية والتجارب التي مروا بها فدونوا ملاحظاتهم ومشاهداتهم الأمر الذي أدى إلى توافر مادة معرفية غزيرة ومتنوعة، وقد مثّل إدراج رحمانية “معدن الأسرار في علم البحار” لمؤلفها النوخذا ناصر بن علي بن ناصر الخضوري ضمن برنامج سجل ذاكرة العالم التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” (UNESCO) تأكيدًا على القيمة العلمية والأهمية التاريخية لتلك المدونات.
يمثل الإنتاج العلمي الملاحي المدون عصارة الجهد الذي قام به الملاحون العمانيون خلال رحلاتهم البحرية والتجارب التي مروا بها فدونوا ملاحظاتهم ومشاهداتهم الأمر الذي أدى إلى توافر مادة معرفية غزيرة ومتنوعة، وقد مثّل إدراج رحمانية “معدن الأسرار في علم البحار” لمؤلفها النوخذا ناصر بن علي بن ناصر الخضوري ضمن برنامج سجل ذاكرة العالم التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” (
UNESCO
) تأكيدًا على القيمة العلمية والأهمية التاريخية لتلك المدونات.
أهم الرحمانيات الحديثة في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين
أهم الرحمانيات الحديثة في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين
هناك العديد من الرحمانيات العُمانية التي تعود إلى القرن التاسع عشر ومن بينها: رحمانية سعيد بن أحمد بن خميس بن بريك، وسعيد بن حمد بن ماطر التمامي، ورحمانية نبهة الغافل في حسبة المنازل، وهي مجهولة المؤلف من نسخ النوخذا سعيد بن عمران بن ابراهيم المرزوقي، ورحمانية الدراري في علم المجاري قام بتصنيفها قاضي قضاة زنجبار الشيخ محمد بن علي بن محمد المنذري.
أما في القرن العشرين فقد ظهرت رحمانيات عديدة لعل من بينها: رحمانية معدن الأسرار في علم البحار للنوخذا ناصر بن علي الخضوري، ورحمانية النوخذا علي بن محمد بن خميس الغيلاني، ورحمانية الجامع اللطيف في علم البحر للنوخذا محمد بن ماجد بن سالم المرزوقي، ورحمانية النوخذا محمد بن سالم بن خميس الخمياسي، ورحمانية النوخذا محمد بن ناصر بن محمد ولد مصبح العريمي، ورحمانية النوخذا مبارك بن سالم بن صالح طريفي المخيني.

يُذكر أن الباحث بدر بن ناصر العريمي حاصل على شهادة الماجستير في التاريخ من جامعة السلطان قابوس، ويعمل معلمًا لمادة التاريخ بمدرسة أحمد بن ماجد بصور، وهو عضو في الجمعية التاريخية العمانية، وجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون، وحضر عددًا من المؤتمرات داخل السلطنة وخارجها.
المرجع:
1- العريمي، بدر بن ناصر. “مصنفات الملاحة البحرية عند العمانيين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين: الرحمانيات أنموذجا”، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، 2019.
1-
العريمي، بدر بن ناصر. “مصنفات الملاحة البحرية عند العمانيين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين: الرحمانيات أنموذجا”، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس، 2019.
- الصور من أرشيف الباحث بدر بن ناصر العريمي
الصور من أرشيف الباحث بدر بن ناصر العريمي