أثير-سيف المعولي
حظي عمل حروفي للدكتور سلمان الحجري – أستاذ مساعد في جامعة السلطان قابوس وفنان تشكيلي – بإعجاب من جلالة السلطان حاج حسن البُلقية، سلطان بروناي دار السلام بعد أن قُدِّم إليه هديةً بمناسبة يوم ميلاد جلالته الـ 73 من قبل رؤساء بعثات السلك الدبلوماسي المعتمد لدى بروناي.

وأوضح الحجري لـ “أثير” بأن العمل الحروفي جاء بعنوان “الأحرف المقطعة” وقد قدمه لسلطان بروناي دار السلام سعادة الشيخ أحمد بن هاشل المسكري، سفير السلطنة.
وأوضح الدكتور بأن عمله تم استلهامه من القرآن الكريم ويجسد “الأحرف النورانية” أو “الحروف المقطعة” ذات الأسرار العظيمة والدلالات الإعجازية للقرآن الكريم، حيث يحتوي المصحف على 114 سورة ووردتْ الأحرف النورانية في «29» سورة من سور القرآن الكريم، هي: الـم: في سُوَرِ (البقرة، آلِ عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة) الـر: في سُوَرِ (يونس، هود، يوسف، إبراهيـم، الحِـجْر) الـمص: في سُـورَةِ (الأعـراف) حم: في سُوَرِ (غافِرْ، فُصِّلَتْ، الشورى، الزُخْرُف، الدُخان، الجاثية، الأحْقاف) المر: في سُورَةِ (الرَعـد) طسم: في سُورَتَيْ (الشعراء، القصَص) طس: في سُورَةِ (النـمل) طـه: في سُورَةِ (طـه) يس: في سُورَةِ (يـس) كهيعص: في سُورَةِ (مريم) ن: في سُورَةِ (القلـم) ق: في سُـورَةِ (ق) ص: في سُـورةِ (ص) عسق: في سُـورَةِ (الشُورى) نُلاحِـظُ على هذِهِ الأحْرفِ أنَّ عَدَدَهـا 14 حَرْفـاً، وَهيَ نِصْفُ حروفِ اللغَةِ العَرَبيّةِ أيْ 28 /2 =14 وَهوَ الحَدُّ الأدْنى لِتكوينِ أيِّ لُغَةٍ، وَتُشَكِّلُ عِبارَة: (نـصٌّ حَكيـمٌ قاطِـعٌ لَـهُ سِـرّ).



وعن مكونات العمل الفني أوضح الدكتور لـ “أثير” : تم تصميم هذا العمل الحروفي رقميا باستخدام برامج الأدوبي الستريتور والفوتوشوب بلغة الفيكتور التي لها القدرة على المحافظة على جودة العمل حتى بعد طباعته على مساحات كبيرة، وبالفعل فقد تم طباعة العمل على قياس 250 سم في 100 سم باتجاه بانورامي جميل وبألوان ثابتة وبجودة عالية جدا، بحيث أن العمل يستطيع العيش لفترات طويلة جدًا دون أن تتغير ألوانه أو تتأثر سطوحه، والعمل ذو اتجاه بانورامي، وهذا القياس عادة يشكل تحديا لدى الفنان التشكيلي، وذلك لأن بناء التكوين الناجح للعمل ليس بالأمر السهل مع هذا الحجم.
وذكر أيضا: تم بناء العمل الفني بطريقة مبتكرة، ومتوازنة فظهرت خريطة بروناي وكأنها قلبا للعمل أو مصدرا للإشعاع والحروف النورانية تحيط بها وكأن نعم الله تحيط بهذا البلد الطيب، ويظهر الإشعاع وكأنه منطلق من الوسط مضيئا باللون الأصفر، وهو اللون السائد في علم بروناي، وهنا له دلالة على أنه إشعاع الخير والنور والعطاء من بروناي إلى كل العالم. وتم صف الأحرف النورانية بطريقة متوازنة وبعناية فائقة بحيث لا تتأثر من ناحية التوازن وقد تم الحرص على تحجيم بعض الأحرف النورانية بأحكام بين المتوسطة والكبيرة وذلك لأغراض إيجاد التوازن والمحافظة على الإيقاع البصري. ويشير الاتجاه البانورامي للعمل إلى اتساع الأفق والتسامح الذي تتميز به بروناي، دار السلام، وقد خدم ذلك فكرة العمل في أن دولة بروناي دار السلام يعيش شعبها المقيمين بها آفاقا واسعة للتنمية وللحياة الروحية في بلد الذكر والإيمان.
وفي سؤال عن الألوان المستخدمة ودلالاتها أجاب الدكتور بقوله: اللون الطاغي على العمل هو الأزرق ودرجاته، وهو ذو دلالات إيجابية كثيرة، منها السلام والمحبة والإبداع و والعطاء، فهو لون متدرج هنا ومتداخل مع الأصفر الذي يرمز إلى الإشعاع المنطلق من الوسط حيث الخارطة هي مصدر الأشعة النورانية تماما كما هي الحروف النورانية مصدرٌ للخير والإعجاز في القرآن الكريم. واللون الأزرق هو لون بين البنفسجي والأخضر في الطيف الضوئي، ويصل طوله الموجي بين 450 و495 نانومترا، ويصنّف ضمن الألوان الباردة، واللون الأزرق لون محبوب كونه لون الطبيعة أي السماء، والبحار، والمحيطات فيوجد هنالك عدة درجات للون الأزرق منها الفيروزي، أو التركواز، والأزرق الفاتح، والسماوي، والأزرق الداكن، والأزرق الليلي وغيرها من الدرجات. دلالات درجات الأزرق كثيرة ومتعددة. ويُعدّ اللون الأزرق من أكثر الألوان التي لها معانٍ معقّدة ومتناقضة مثل: اللون الأزرق الغامق يدل على: الثقة، والكرامة، والذكاء، والسلطة، والسيطرة. ويدل اللون الأزرق الفاتح على: النظافة، والقوة، والاعتمادية، ورباطة الجأش (وأصل هذه المعاني من صفات المحيطات والمياه الداخلية). واللون الأزرق السماوي يدل على السلام، والصفاء، وأثيري وروحي ولا نهائي (أصل هذه المعاني هي الجوانب غير الملموسة من السماء).
وهناك اللون البرتقالي المتدرج إلى الأصفر، والذي تم استخدامه في تلوين الحروف التي بدت وكانها تتراقص على سطح العمل الفني، وبها كثير من الحياة، باللون البرتقالي لون حيوي ويثير الحياة وهو لون منعش ومتكامل مع اللون الأزرق في الدائرة اللونية البرتقالي يجمع اللون البرتقالي بين طاقة اللون الأحمر وسعادة اللون الأصفر، يرتبط هذا اللون بالبهجة والحماس والسعادة، بالإضافة إلى أنه يمثل الإبداع والجذب والنجاح، والتشجيع والتحفيز للقيام بأمرٍ ما. وأخيرا أتى لون الخارطة باللون الأبيض للدلالة على أن بروناي هي بلد السلام والمحبة.
وأشار الدكتور في حديثه إلى أنه تم توظيف خط الثُلث لكتابة الأحرف النورانية وذلك لقربه من الخط الجاوي، كما تم من الطرفين الأيمن والأيسر توظيف مجموعة من النقاط التي تظهر وكأنها علامة مائية وهي مدرجة من الكبير إلى الصغير، ولها دلالة زخرفية وجمالية عالية.
يُذكر أن العمل الفني تم تداوله بشكل ملحوظ في وسائل الإعلام بسلطنة بروناي دار السلام.