أثير – موسى الفرعي
بدعوة كريمة من سعادة السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي ومكتب تنفيذ إستراتيجية مسندم وبرفقة مجموعة من الزملاء، تشرفنا بزيارة محافظة مسندم في اليوم التالي من استحداث منصب وزير الدولة ومحافظ مسندم، ولا شك أن كل زوايا هذا الوطن العظيم تقتسم حب جلالة القائد -حفظه الله- بعدالة كاملة، وكل زاوية في عُمان لها خصوصيتها التي تمتاز بها عن أخرى، لذلك نجد كل هذه المميزات العمانية تتضافر وتتآزر على تكوين العظمة العمانية، وهناك من الأوراق الرابحة ما يكفي على طاولة جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- القادرة على بسط المنفعة والصلاح تحت أقدام أبناء هذا الوطن الكبير، ولكل شيء وقته الملائم، هذا ما تعلمناه من قائدنا ووالدنا، وقد جاء دور الورقة الرابحة الخاصة بمسندم لما لها من انعكاس اقتصادي وسياسي واجتماعي على المنطقة، كما أنها تلقى اهتمامًا خاصًا من لدن جلالة السلطان لما حباها الله من نعمه الكثيرة، فإن كانت الدقم قاطرة الاقتصاد العماني فإن مسندم قاطرة السياحة العمانية، وقد شهدنا ذلك بأنفسنا خلال زيارتنا للخيران والمناطق التابعة للمحافظة ولقاءاتنا الكثيرة، حيث كان من الواضح وجود تحديات كثيرة في الأيام القابلة ولكن الفرص أكثر، ومعادلة النجاح هي السعي الحقيقي لترجمة هذا الاهتمام السامي، لا سيما بوجود وزير دولة ومحافظ لمسندم، وأرى أنه من الضرورة بمكان أن تكون هناك لامركزية إلى حد كبير في اتخاذ القرارات التي من شأنها تطوير مسندم سياحيًا واقتصاديًا.
إن ما تشهده محافظة مسندم بعد الأوامر السامية يعد نقطة مفصلية ومرحلة تحول إيجابي على كل الأصعدة، وأرى أن أبناء المحافظة عليهم المشاركة في هذا الانتقال وأن يمنحوا الفرصة لتتقلد الكفاءات منهم –وما أكثرهم- بعض المناصب كنائب للمحافظ، أو رئيسا للبلدية إن كان ذلك سيحدث أو بعض القطاعات الأخرى التي يكون مرجعها مكتب وزير الدولة ومحافظ مسندم ليشاركوا جميعا في صناعة هذا التحول، فقد أثبتت التجارب والمعرفة أن أبناء مسندم من الكفاءات العالية التي يمكن أن يعوّل عليها، إضافة إلى أهمية مسندم سياسيا كونها مقبض الخنجر العماني الذي يزهو بأناقته وجماله، وقد يغري البعض هذا التأنق فيظنون فيه الضعف، ولكن الإنسان العماني هنا في مسندم ممتلئ بالشفافية والطيبة ونقاء القلب وكرمه السمح، ومسكون بالسكينة والطيبة واللطف، ولكن ما أن يُمسَّ طرف ثوبه يتحول إلى وحش مخيف لأعداء الوطن والمتربصين به، محاط هنا الإنسان بسلسلة جبال شامخة صلبة عالية انعكست على ثبات مبادئه والدفاع عن القيم العمانية الإنسانية الأصيلة، ومحاط هنا الإنسان بالبحر الذي يغري المحبين إغراء المُحب بالهدوء والاستقرار، ولكنه يثور فلا يبقي ولا يذر شيئا ممن يحاول المساس بعُمان، عمان التي شكلت هويته الأصيلة، وكانت تربة صالحة لتجذره وانتمائه، لا شيء في مسندم يمكن أن يخشى عليه، أناس مؤمنون بعمانيتهم متمسكون بها لا يرضون عنها بديلا، ومن ذا الذي يمكن أن يستبدل أصالة الأشياء بمستحدثاتها، حيث يضع جلالة القائد -حفظه الله ورعاه- ثقته بمكان ما في وقت ما نعلم علم اليقين أنها ثقة مصانة من قبل أبنائه وأنه حكيم هذا العصر لأنه يعرف متى وكيف ومن يمكن أن يحمل ثقته، كل زاوية من عمان هي درع لأختها هذا هو أسلوب عمان وآلية عملها. بعد ساعات قليلة نستقل الطائرة من مطار خصب عائدين إلى مسقط مسكونين بعظمة الإنسان والمكان في مسندم، إنها عمان أيها الأحبة التي لا تنتج غير النبلاء منذ تكوينهم الأول من جبال مسندم إلى ظفار، ومن شذ ّعن تكوينه وفطرته فقد خسر خسرانا كبيرا لأنه استبدل الضوء بالظلمة، والعافية بالداء العضال.