موسى الفرعي يكتب: معالي عبد العزيز الرواس كما أعرفه

موسى الفرعي يكتب: معالي عبد العزيز الرواس كما أعرفه
موسى الفرعي يكتب: معالي عبد العزيز الرواس كما أعرفه موسى الفرعي يكتب: معالي عبد العزيز الرواس كما أعرفه (228384174003102)

أثير- موسى الفرعي

معالي عبد العزيز بن محمد الرواس اسم لم يكن عابرا في تاريخي الشخصي، فقد كنت أستشعر أبوة جارفة تجري في داخله كلما التقيت به، وحتى في غيابه كنت أشعر بعبارات التشجيع والدفع بي نحو الإنتاج والاستمرارية، وكأني بصوته يلاحقني دائما، أو لأقل يحرسني كي يكون المعنى أكثر دقة وأفضل دلالة، فقد عرفته إنسانًا حاد الذكاء، سريع البديهة، طيب القلب، إضافة إلى سماحته العالية وتواضعه الكبير، وما يزال كذلك، وسيظل، فمن الصعب جدا تصديق أن الكبار تنازلوا عن صفاتهم العالية، وإن صح هذا الأمر كاستثناء لدى البعض، فلن يقدر على القاعدة، وإني أرى معالي عبدالعزيز الرواس ثابت الصفات وفي حالة امتداد وتطور إنساني قل نظيره.

أحاول الآن المرور على الأوقات التي منحني شرف الجلوس والحديث معه، لكنها كثيرة جدا، فلم يبخل ذات يوم علي بوقته رغم انشغالاته الكثيرة، فإما أن يتحدث فأنصتُ وأستقي الكثير من معارفه الجامعة، وإما أن يشدَّ على رأيي ويدفع بي نحو الأفضل، وإما أن أخطئ فيقوّم اعوجاج الرأي والخطى.

لم يكن معاليه بالنسبة لي رجل دولة فقط أو إنسانا قريبا من العقل والقلب، بل كان عالما متكامل المعارف والإنسانية والأحاسيس المقنعة بحضوره الأبوي، إضافة إلى التأثير النفسي وقدرته على ترميم ما يمكن أن يتكسر في داخلي إثر توتر نفسي ما، أو شحذ الهمة حتى لأكاد أشعر أني قادر على فعل المستحيلات.

لقد كان معالي عبدالعزيز الرواس رفيق درب لجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وشاهدا مشاركا في بناء عمان العصرية، فقد شهد العام السادس من عمر النهضة المباركة تعيين معاليه وكيلا لوزارة الشؤون الإعلامية، وفي عام 79 عين وزيرا للإعلام وشؤون الشباب، مرورا بعام 1993 الذي تولى فيه كوزير للإعلام تسيير أعمال الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية إلى أن يتم تعيين رئيس للهيئة، وصولا لعام 2002 الذي عيّن فيه مستشارا لجلالة السلطان للشؤون الثقافية.

إن مجرد التأمل في التواريخ والأحداث المرافقة لها وظروف كل مرحلة يؤكد لنا مقدار الثقة السامية التي كان يوليها جلالة السلطان -رحمه الله- لمعالي عبدالعزيز الرواس، ويبين لنا مدى قدرة معاليه على قيادة ذلك الأمر.

كم أفخر بكل لحظات اللقاء معه، وسأظل أفاخر بمعرفة هذا الإنسان الكبير حتى آخر العمر، فإن أعمارنا تكبر وتتكون معها علاقات كثيرة عابرة وقليلة خالدة، وقد كانت لحظة المعرفة الأولى بمعاليه لحظة خالدة ستظل منقوشة في الروح، وسيكون النيل منها أمرا عصيا على النسيان، ها أنا أصل الآن إلى حرج اللغة ومشكلتها إذ أتصادم بيقين تام من أن الكلمات رغم قدرتها واتساعها لا يمكنها أن تقول ما نشعر به، ولا يمكنها توصيف رجل كمعالي عبدالعزيز الرواس؛ إنسان مسكون دائما بالمعرفة والإنسانية وتتجلى عمان في جميع أقواله وأفعاله، ذلك هو معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس كما أعرفه.

Your Page Title