مسقط – أثير
تعد أشجار القرم من أهم السمات البيئية التي تتميز بها البيئة البحرية في السلطنة، وذلك لكونها من الموارد الطبيعية المهمة في حفظ التوازن البيئي ومناطق حضانة للعديد من الأسماك ذات القيمة التجارية والكائنات البحرية الأخرى، إضافة إلى كونها مناطق ذات مناظر طبيعية وخلابة.

وفي هذا الجانب أكد المهندس سليمان بن ناصر الأخزمي مدير عام صون الطبيعة بوزارة البيئة والشؤون المناخية بأن هناك فائدة عظمى لغابات أشجار القرم، حيث إنها عامل أساسي للتخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فتمتص غابات أشجار القرم غاز CO2 وتخزنه في التربة أكثر من أي غابة مطرية ويسود في سلطنة عمان نوع واحد من تلك الأشجار والمعروف بـ (Avicennia marina )، والذي استطاع التأقلم مع البيئة العمانية ذات الطقس الحار وشح المياه العذبة، ويتوزع هذا النوع في عدة مناطق ساحلية امتدادا من الباطنة شمالا مرورا بمسقط والشرقية وجزيرة محوت وظفار جنوبا، إذ تبلغ المساحة الكلية التي تغطيها أشجار القرم في السلطنة ما يقارب من (1030 هكتارا).

وأضاف الأخزمي بأن الوزارة قامت وبالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا ) بتنفيذ مشروع استزراع وصون أشجار القرم وإعادة تأهيل الأخوار بدءًا من عام 2001م، وذلك للقضاء على الأخطار التي تهدد أشجار القرم في السلطنة منها:
– الاستخدام والاستغلال الزائد للأشجار في بعض مناطق السلطنة مع عدم الوعي بأهمية تلك الأشجار.
– استعمال أشجـار القــرم في بعض المناطق للرعـي إذ تعد مناطق جذب للمواشي لغنائها بالموارد الغذائية .
– تأثر الحياة الطبيعية في بيئة أشجار القرم نظرا لاستخدام بعض مناطق أشجار القرم كمتنزهات عامة والسماح للعامة بدخولها والاقتراب منها وعدم المحافظة عليها هذا بالإضافة إلى إلقاء المخلفات ومحاولة صيد بعض أنواع الحيوانات البحرية التي تعيش في بيئة أشجار القرم.

كما أشار المهندس سليمان الأخزمي خلال حديثه إلى أن مشروع استزراع مليون شتلة من أشجار القرم، بدأ العمل عليه في أبريل عام 2000م، وذلك من خلال انتداب خبير الاستزراع من قبل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا)، وبعد إعداد خطة العمل تم في يوليو إنشاء أول مشتل دائم لأشجار القرم بمحمية حديقة القرم الطبيعية بمسقط باعتبارها أغنى المناطق بهذه الأشجار هذا بالإضافة إلى موقعها كمنطقة جذب للسياح ومرتادي الشاطئ ، وبعد تجهيز المشتل تمت عملية جمع البذور من المحمية وزراعتها وذلك خلال شهر أغسطس من العام نفسه.

وأضاف الأخزمي بأنه وبعد مضي 6 أشهر من غرس البذور بالمشتل تم نقل (17,250 ) ألف شتلة لإعادة استزراعها في خور السوادي بالباطنة كخطوة أولى للمشروع وذلك في مارس 2001م ، وعلى الرغم من أن أرض السوادي تبدو جدباء ولا توجد فيها أشجار القرم قبل عملية إعادة الزراعة إلا أن الأشجار نمت بسرعة، وتم التخطيط على أن يتم توسيع موقع السوادي في كل عام، وفي نوفمبر 2001م أنشأت الوزارة بمحمية حديقة القرم بمسقط مشتلا دائما جديدا (يسقى بالمد والجزر) وبدأ بتنفيذ المشروع فـيه في يوليو 2003 بقدرة إنتاجية بلغت ( 22,500) ألف شتلة سنويا .

وبعد نجاح عملية الاستزراع بمنطقة السوادي تم تنفيذ المرحلة الثانية للاستزراع بولاية صور في نوفمبر 2001 من خلال استزراع ( 16,500 ) ألف شتلة، وفي مايو 2002 تم إنشاء مشتل جديد في صور بخور البطح ( يسقى بالمد والجزر ) ويعمل بنفس القدرة الإنتاجية لمشتل القرم ، وفي يوليو 2002 تم إنشاء آخر مشتل في محافظة ظفار بخور القرم الكبير (يسقى بالمضخة ) وتعمل جميع هذه المشاتل حاليا بنفس القدرة الإنتاجية ويتوقع أن تنتج حوالي(48.000) ألف شجرة سنويا .


وحول الوضع الحالي لمشروع استزراع أشجار القرم في المواقع المستزرعة أكد الأخزمي بأن المختصين بوزارة البيئة والشؤون المناخية يقومون ومن خلال برامج المتابعة البيئية الموضوعة بمتابعة الأخوار التي تم استزراعها بأشجار القرم بشكل مستمر، وذلك للتأكد من نمو الأشجار في وضعها الطبيعي، وعدم تعرضها لأية من التأثيرات السلبية التي قد تؤدي إلى تدهور النباتات المزروعة ، ومن خلال برامج المتابعة تتم دراسة توسعة الاستزراع من خلال ملاحظة مدى قابلية البيئة للشتلات المستزرعة لنمو تلك الشتلات وعدم تعرضها للتدهور .
كما يقوم المختصون بالوزارة بتنظيم حملات استزراع لطلاب المدارس والصيادين وجمعيات المرأة العمانية بجميع محافظات السلطنة وذلك لزيادة الوعي ولتعريفهم عن قرب بأشجار القرم وأهمية المحافظة عليها .