أثير – ريما الشيخ
شدنا الخط العربي بحروفه الجميلة ورسمها، ومخطوطاته في آية قرآنية أو في لوحة لحكمة رائعة، ولا يزال الخط العربي رمزًا من رموز حضارتنا الإسلامية ولا يزال منفردًا بنوعيته وأسلوبه.
وكثير من الخطاطين يرون في رسم الحرف أوجهًا كثيرة، فهو كجناح الطير وحدود الزهرة وحركة الموج وعمقها، إنه إبداع الخطاط وروعته عندما يصيغه ويخطه على الورقة.
ومن هؤلاء الخطاطين بدر بن عبد العزيز بن أحمد المغربي، الذي شدته الخطوط ، وألهمه الحرف وحركته، وأصبح عاشقًا للخط العربي منذُ الصغر، بدأ مشواره لتعلم الخط العربي خلال أيام دراسته، ولم يظهر موهبته على الوجود بسبب الخجل، لكن في عام 2016م، كسر بدر هذا الحاجز، والتحق بالورش لتعلم فن الخط العربي والخط الديواني مع الأستاذ محمد الريامي، ومن هنا بدأ مشواره في كتابة بعض المخطوطات لتنال إعجاب العامة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تواصل دخول التقنية الحديثة بشتى مناحي الحياة حتى في مجال فنون الخطوط العربية، يقف الخط العربي أمام سيطرة الخطوط الحاسوبية، وقد يرى البعض منا بأنه موقف عصيب وغامض، بينما يرى آخرون أنه قادر على تخطي هذه السيطرة أو قد يكون مكملًا لها، وهذا ما أكده الخطاط بدر خلال حديثه مع “أثير” بقوله: ما يزال الخط العربي ذا قيمة عالية في أعمال التصميم التكنولوجي، فهما مكملان لبعضهما.

ومع وجود هذه التقنيات الحديثة في بلادنا، يؤكد الخطاط بدر أن الخط العربي في السلطنة اليوم في حالة انتشار وتوسع كبير جدًا، ويرجع ذلك لما يبذله الخطاطون بإقامة الورش والدورات لنشره في ربوع البلاد.

أما الحديث عن أنواع الخطوط العربية، فلن ينتهي أبدًا، وأنواعها كثيرة، أشهرها : الكوفي ، الرقعة، الديواني، الثلث والسنبلي، وقد أبدع الخطاطون قديمًا وحديثًا في أنواع الخطوط العربية، فالخطاط بدر يجيد الكتابة بالخط الديواني مع ميوله لخط النسخ والثلث، ولكل نوعية خط هناك طرق إبداعية في المد والاستدارة والتشابك والتداخل والتركيب يتخذها الخطاط أثناء عمله.

حدثنا الخطاط بدر أيضًا عن الصعوبات التي واجهها في بداية مشواره بتعلم الخط العربي، فقال: سابقًا كانت الصعوبات كثيرة جدًا لعدم توفر البيئة المناسبة للتعلّم وقلة الخطاطين، لكن الآن توجد الجمعية العمانية للفنون التشكيلية بإشراف الأستاذ سلطان الراشدي الذي يقدم حصصًا تدريبية للرجال والنساء، وفي اعتقادي أنّ الصعوبات تكمُن في الشخص نفسه، فمثلًا الخط يحتاج إلى الصبر، والتمرين اليومي بالساعات، وبحاجة أيضًا إلى شغف التعلم للخط، فإذا لم تتوفر هذه الصفات في المتعلم فهو أكبر عائق له.

“قليلًا من الخيال، أو رسمة على ورق” هكذا تبدأ رحلة أي لوحة من لوحات الخطاط بدر، حيث أوضح بقوله: يجب على الخطاط أن يرسم الشكل المراد تنفيذه على ورقة أو حتى في خياله، ويعمل على تركيب الحروف والجمل المراد كتابتها حتى ينتهي من الشكل المبدئي للوحة، وهنا يجب حساب كل حرف وكلمة في السطر حتى تكون في تناسق تام، كما يجب توفر الورق المخصص والأقلام أو القصبات مع الحبر المناسب للكتابة.

وأضاف : المتعلم للخط العربي يجب أن يكون شغوفًا، صبورًا وجريئًا في الكتابة ، ولا يخجل من مستواه أبدًا، وأن يقارن خطه اليوم بخطه غدًا، ولا يقارنه بأحد غيره.

يذكر أن الخطاط بدر المغربي بدأ بتقديم ورش أساسيات الخط الديواني في بعض الفعاليات، وعمل بعض المعارض الصغيرة في المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى مشاركته في معرض مسقط الدولي للكتاب وبعض الأمسيات الاحتفائية بالكتاب والشعراء، كما قام بكتابة بعض سور القرآن الكريم مثل الفاتحة والمعوذات والإخلاص، وتشكيل بعض المجسمات بالحروف منها آلة العود ومجسم حصن سلّوت الأثري وشكل الخيل وغيرها من الأشكال، مؤمنًا بأن الخط هو هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية.
