الحكواتي أحمد الراشدي- باحث متخصص في أدب الأطفال والناشئة
«كتب أدب الأطفال أهمّ الموارد لتشجيع الأطفال والناشئة على تعلّم القراءة، وغرس حبّ المطالعة، واكتساب المعرفة، وهي تعرّف القيم الإنسانيّة، والانفتاح على الثقافات الأخرى». إيفان كوزما منسقة مشروع عربي21
بعد اليوم لن تكون في حيرة وأنت تزور معرض مسقط الدولي للكتاب لتشتري لأطفالك كتبـًا، كما أني أجزم أن مكتبات المدارس ستكون مزارا يوميا للطلاب وهم يحملون في جيوب قلوبهم شغفا بالقراءة ربما أكثر من شغفهم بتسالي الألعاب.
فقد أصدرت مؤسسة الفكر العربي عام 2013م دليلا لأدب الأطفال سعيًا إلى تحقيق أهداف مشروعها (عربي 21 ) وهو ” مشروع الإسهام في تطوير تعلّم اللغة العربية، الذي تنفّذه بدعم سَخِّي من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية إلى تعميم ثقافة القراءة وحب المطالعة باللغة العربية في الوطن العربي” (الدليل ص5)، يضم هذا الدليل 1021 كتابـًا مصنفا للأطفال والناشئة في 371 صفحة ؛ ويهدف إلى بناء المكتبات الصفية المصنفة – كما جاء في عنوان الكتاب- حشد لإعداده وتأليفه خبراء تربويون وممثلون لعدد من وزارات التربية العربية من بينها السلطنة ومصر والسعودية ولبنان والأردن والجمعيات الأهلية الناشطة في مجال تشجيع القراءة في الوطن العربي منها مجموعة اقرأ وجمعية أصدقاء القراءة وعدد من المشرفين على برامج اللغة العربية ومعلمي اللغة العربية وأمناء وأمينات مكتبات مدرسية وعامة منها مكتبة الملك عبدالعزيز- واستغرق العمل فيه أكثر من سنتين.
ومما يدعوني للاستئناس بهذا الدليل أنَّ المشروع عَقَدَ 10 ورشات عمل خلال ثلاث سنوات ضمن إطار حملته «بالعربي»، تمَّ في هذه الورشات تعديل معايير تصنيف كتب الدليل بصفة دورية، وكذلك تطويرها «لتتلاءم وخصائص لغتنا العربية المميزة» (ص 7) هذا التطوير جاء بطلب من 11 دار نشر عربية متخصصة في كتب الأطفال عقدت شراكة مع مشروع «عربي 21» وسعت إلى اعتماد وتطبيق هذه المعايير في كتبها؛ كي تضمن لها مضمونا وإخراجا ومستوى جيدا لانقرائية النص يتماشى مع الاتجاه العالمي «الذي يؤكد فيه الباحثون التربويون على ضرورة اتباع منهج علمي لاختيار الكتب المناسبة لكل طفل» (ص 6) كما قامت لجنة تصنيف كتب المشروع باختبار صدق المعايير وثباتها.
واللافت في هذه الكتب البالغ عددها (1021 ) أن اختيارها وتصنيفها تم على حسب مستوى الطفل أو التلميذ وليس بحسب عمره أو صفه كما هو منتشر في تصنيف كتب الأطفال، والذي أحيانا لا يكون علميا؛ فخبرات الأطفال الحياتية ومهاراتهم اللغوية تختلف وتتفاوت، إذ أحيانا تجد طفلا يقرأ نصا بصعوبة وطفلا آخر في نفس سنه يقرأه بسهولة ويفهمه بيسر، لهذا تدرجت مستويات معايير عربي 21 من مستوى القارئ الأدنى إلى مستوى القارئ المتقن الأعلى بحسب 28 مستوى يشار إليها بالحروف الأبجدية .
كما أن هذا الدليل أُعدّه رافدا للكاتب المتخصص في أدب الطفل أن يتعرّف على الخصائص اللغوية التي يحتاجها الطفل حسب كل مستوى ثم يتقن بناء كلماته وجمله وكتابه؛ فمصنِّفو الدليل وضعوا بجانب كل كتاب المسوغات لتصنيفه ضمن مستوى ما أو بما سمّوه انقرائية النص من حيث سهولة المادة المقروءة أو صعوبتها؛ فمثلا (المبتدئ الأدنى 1) تتشارك الكتب المنتقاة فيه حول الآتي «الجملة: كلمة واحدة وصورة – الاسم : مفرد- الأفعال: لا أفعال – الضمائر المتصلة: لا ضمائر متصلة – الهمزة: لا همزة وسط – حجم الخط : كبيروواضح – الرسوم: واضحة – (يتضمن قصة تربوية عن حروف الأبجدية تُقرأ من قبل المعلم) » هذه المسوغات تم رصدها في كتاب (داني والعم أبجد) عن دار المؤلف وكتاب (ألبسُ) عن دار أصالة وكتاب (أقرأ )عن دار أكاديميًّا وهكذا ستجد في كل مستوى مسوغات علمية مشتركة.
كل هذا الدليل/ الحديقة كان بسخاء ودعم يستحق كل الورد من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وشركة أرامكو السعودية اللذين سطرا عددا من الإنجازات الباهية بكل الأمل في مجال التشجيع على القراءة وتطوير تعليم اللغة العربية، وليست بعيدة عن الوجدان العربي والنجاح والنجوم تلك المشاريع الثقافية التي رعتها بعض المؤسسات الخاصة والعامة في وطننا العربي وسقتها بماء الإخلاص وجدية التخطيط وعرفت بحكمة الفلاح متى تكون مواسم الحصاد ، وأمثّل هنا بمؤسسة عبدالحميد شومان في الأردن، وساقية عبدالمنعم الصاوي في مصر، ومركز عبد الرحمن كانو الثقافي في البحرين ولك أن تكمل الفراغ ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
* تم نشر هذا المقال في مجلة أكثر من حياة الإلكترونية سابقا.