د.نسيمة بنت محمد المشيخية -مشرف أول تربوي في وزارة التربية والتعليم
وللعام الثاني على التوالي رمضان ليس كما تعودنا، وبينما لا يزال تفشي فيروس كورونا متواصلا ويغير من شكل الحياة، عاش الناس في ظل هذا الوباء حالة جديدة، ابتعدوا فيها عن طقوس نعرفها في رمضان، فلم يتمكنوا بسببه من الخروج للمصليات او المساجد لدواع صحية ، وامتنع الناس كذلك عن زيارة الأرحام ولمة الأقارب ، ومنع التجمعات والأعراس ومجالس العزاء ولم يتمكن أحد من ضم الاخر سواء ترحيبا به او توديعه أو مواساته.
وكما مر شهر رمضان على نحو غير معتاد ، سيكون الاحتفال بعيد الفطر لهذا العام بالتأكيد في غياب كثير من الطقوس الدينية والتقاليد المحلية التي ترسم أجواء العيد وتنشر روح الفرح بين المحتفلين، ومع كل هذه الظروف التي نعيشها اختلطت مشاعرنا بمزيج نادر في حياتنا الوجدانية والإيمانية فلا ندري كيف لنا أن نفرح بقدوم العيد وتوجد بداخل كل واحد فينا غصة عميقة وذاكرة مملوءة بالحزن لفقد عزيز أو لغربة الأهل والأحباب أو حتى لأحوال المسلمين في الأقصى والقدس وفلسطين وسائر بلاد المسلمين التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، فكيف نفرح بالعيد وقد حرمنا من الصلاة في المساجد، وكيف نفرح بالعيد وكل بيت فينا فقد عزيزا عليه بسبب هذا المرض! وكيف نفرح بالعيد والمسجد الأقصى أسيرا تحت نار الاحتلال الصهيوني! وكيف نحتفل بالعيد ودماء المسلمين تراق في عدة أماكن؟
صحيح أن الفرحة صعبة، والتهنئة مرة، والسعادة مزيفة لكن الفرح بالأعياد هي سنة إلهية مشروعة لقوله صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان: فرحه حين يفطر، و فرحة حين يلقى ربه» [رواه مسلم] وقوله تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]
فأعياد المسلمين ليست لمجرد الفرح واللعب والتزاور، لكنها من شعائر الدين وعباداته، يقول ابن حجر: (إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين) [فتح الباري] والسنة أن يُظهرها المسلمون ويفرحوا بها فهي من العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله.
“فالعيد فرحة”.. ليست مجرد كلمات تغنت بها صفاء أبو السعود وتذيعها القنوات التلفزيونية ومحطات الراديو كل عيد، لكنها شريعة إسلامية يقتضي على كل مسلم أن يستشعر بها في قلبه، فهكذا شرع الإسلام الفرح في العيد على تمام الطاعة، وإدخال السرور والفرح على الأبناء وأهل البيت.
فلنظهر صبرا وجلدا وتماسكا وقدرة على التعايش مع الواقع حتى ولو كان مُرا
افرحوا مهما كانت أوجاعكم !
طاعة لله وتعظيم شعائره واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
دامتْ عليّكم ايامكم أعياد
وكل عام والأمتين العربية والإسلامية إلى الله أقرب
وكل عام والأبطال في أرض الملاحم منتصرون يقاتلون لدحر الظلم والدفاع عن الأوطان، فنصركم عيدنا الحقيقي وفرحنا المؤكد