د.شريفة بنت عبدالله بن علي اليافعي – مديرة مساعدة بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار
كثيرًا ما نسمع عن تشكيل الفرق واللجان التي تضم بين أعضائها نخبة من الخبراء وذوي الكفاءة والمهارات التخطيطية، والذين يسند لهم وضع الخطط الإستراتيجية وتخطيط المشاريع التنموية، وما أن تمضي السنوات المخصصة لتنفيذ هذه الخطط حتى تتبخر المشاريع والمبادرات التي طال انتظار تحقيقها. فهل يعزى هذا الإخفاق إلى القصور في عملية التخطيط أم هناك مسببات أخرى؟
يتهم التخطيط دومًا بالفشل في مثل هذه الإخفاقات، ومن الخطأ الحكم على فشل التخطيط قبل التحقق من سلامة بقية العمليات الإدارية التي تعقب عملية التخطيط، فالتخطيط هو عملية ذهنية تسبق أي عمل، وهو نتاج فكري ملهم يبحر في أفكار المخطط وإبداعاته الفكرية، ليتجسد هذا الفكر في خطة متقنة تحمل في طياتها جملة من الأهداف والأنشطة والمبادرات التي تحقق هذه الأفكار الإبداعية في إطار ما يتوفر من الإمكانيات المالية والمادية والبشرية، وتترجم هذه الخطة إلى مجموعة من الإجراءات التنفيذية القابلة للقياس والتقويم في مدة زمنية محددة.
هنا أصبحت الخطة جاهزة للتنفيذ، ويبدأ دور العمليات الإدارية الأخرى في تقسيم العمل وتوزيع الأدوار، والإشراف على سير الخطة، وتقويم مدى التقدم في تحقيق الأهداف، وتقديم التغذية الراجعة للقيادات العليا حول سير العمل؛ للمساعدة في تصحيح المسارات أو التعديل أو الإضافة.
كل هذه العمليات تترابط فيما بينها في حلقة متصلة، تعمل على تحقيق الخطط الموضوعة، وعند إهمال أي عملية من هذه العمليات أو عدم قيام المعنيين بأدوارهم بالشكل المطلوب يظهر الخلل، وتفشل الخطط وتصبح حبرًا على ورق، ويهدر المال والوقت والجهد، وتعلو الأصوات “تخطيط فاشل”.
ربما قد يكون بالفعل التخطيط فاشلًا، وهذا يعني أن الخطة الموضوعة ذات أهداف غير واقعية وغير متوافقة مع الاحتياجات والإمكانيات المالية والمادية والبشرية، ومن الخطأ في هذه الحالة السير في تنفيذ الخطة قبل إعادة النظر لعملية التخطيط وتوجيهها إلى مسارها الصحيح. وإذا كانت عملية التخطيط سليمة فحتمًا هناك مسببات أخرى أدت إلى ظهور هذا الخلل، وقد تتمثل في أحد أو كل الأسباب التالية:
• الانتهاء من وضع الخطة والاحتفاظ بها في الأدراج المغلقة بعيدًا عن الموظفين، والارتجالية في العمل.
• عدم اشراك الفئات المعنية في وضع الخطة.
• إسناد المهام وتوزيع الأدوار لأشخاص غير أكفاء أو غير متخصصين بالمجال المطلوب تحقيقه.
• الإخفاق الإداري في الإشراف والمتابعة لسير العمل.
• الإخفاق في إدارة الإمكانيات المالية والمادية والبشرية.
• البيروقراطية الإدارية والاستحواذ على جميع الصلاحيات.
• التقويم الخاطئ للأهداف، وعدم تقديم التغذية الراجعة وإخفاء الحقائق بهدف تحسين الصورة أمام المسئولين.
وخلاصة القول فإن العمليات الإدارية عمليات مترابطة تبدأ من التخطيط ولا تنتهي عند تقديم التغذية الراجعة، بل تعود دورتها الإدارية إلى التخطيط مرة أخرى ليستمر العمل في تتحقق الأهداف والغايات المستقبلية، ويستمر التخطيط للمستقبل من أجل التطوير والتنمية المستدامة للرقي بالمجتمعات والنهوض بها.