أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
تُعدّ الشركات من أهم مظاهر التنمية الاقتصادية في العالم، ونظرا لأهميتها في ازدهار اقتصاد البلدان فقد نظمت عدة تشريعات أحكام الشركات في تشريع خاص منفصل عن قانون التجارة، ومن بين الدول التي شرعت قانون الشركات في تشريع خاص هي السلطنة، حيث وضع المشرع العماني قانونا للشركات في عام ١٩٧٤م وبسبب التطور التجاري الكبير، استبدل بقانون جديد في عام 2019م.
عند البدء بفكرة تأسيس شركة، يختار الشركاء نوع الشركة وفقا لما يناسب ظروفها في ذلك الوقت، لكن خلال حياة الشركة تحدث العديد من التطورات الاقتصادية، مما يجعل الشركاء يفكرون في تغيير نوع الشركة إلى شركة أكبر. ونظرا لأهمية تحول الشركات، فقد نظمه المشرع في الفرع الأول من الفصل الثالث في المواد (30-32)
وفي هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” سنسلّط الضوء على أحكام تحول الشركات وفقا لقانون التجارة العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٨/ ٢٠١٩م.
تعريف الشركة:
الشركة هي نظام قانوني يقوم الناس من خلاله بأعمال تجارية. عرّفها المشرع العماني في المادة 3 من قانون الشركات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٨/ ٢٠١٩م بأنها “الشركة التجارية كيان قانوني ينشأ بموجب عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يسهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح، وذلك بتقديم حصة في رأس المال تكون إما حقوقا مادية، وإما معنوية، وإما خدمات أو عملا، لاقتسام أي ربح أو خسارة تنتج عن المشروع.”
واستثنى القانون شركة الشخص الواحد بحيث ذكر أنها يمكن أن تتكون من شخص واحد.
تعريف تحول الشركات:
لم يحدد المشرع العماني تعريفا للتحول، لكنه ذكر فقط في مقدمة المادة 30 أن التحول هو تغيير شكل الشركة إلى شكل آخر من أشكال الشركة. ومع ذلك ، هناك العديد من التعاريف التي وضعها الفقهاء للتحول، وأهمها هو أن تحول الشركات عبارة عن تغيير النظام القانوني للشركة من شكل إلى آخر خلال حياتها دون إنهائها.
الفرق بين التحول والدمج:
ولزيادة توضيح عملية التحول وإزالة اللبس الذي حدث بينها وبين عمليات مماثلة مثل الدمج، سنفرق في هذا القسم بين التحول والدمج. مما سبق، فإن التحول هو تغيير الشكل القانوني للشركة ولا يؤدي إلى زوال الشخصية القانونية لها، بل تكمل عملها في شكلها الجديد. على عكس الاندماج، وهو اتحاد شركتين أو أكثر لتصبح كيانا واحدا حيث يتطلب الاندماج أن تمارس الشركات المندمجة النشاط نفسه.
ويتم الاندماج إما عن طريق الضم: وهو حل شركة أو أكثر ونقل أصولها والتزاماتها إلى شركة قائمة. أو عن طريق المزج: وهو حل شركتين أو أكثر وتأسيس شركة جديدة تنتقل إليها أصول والتزامات كل شركة من الشركات المندمجة.
شروط تحول الشركات:
نص القانون على الشروط التي يجب الوفاء بها قبل تحويل الشركة إلى شكل آخر لضمان صحة التحول، وهي على النحو الآتي:
١- يصدر القرار عن الجهة المختصة بالشركة. ويصدر هذا القرار بعد موافقة جميع الشركاء بالإجماع في جميع أنواع تحول الشركات من شكل إلى آخر. ويستثنى من ذلك تحول الشركة محدودة المسؤولية إلى شركة مساهمة، وفي هذه الحالة يجوز تحويل شكلها بموافقة غالبية الشركاء الذين يمثلون ثلاثة أرباع رأس مال الشركة على الأقل. وهناك استثناء آخر في تحول الشركة المساهمة، ينص قانون الشركات في المادة (١٧٦) على أن قرار تحول شركة المساهمة يجب أن يصدر عن الجمعية العامة غير العادية.
شروط تحول الشركات:
٢- استيفاء شروط التأسيس للشكل المقرر الذي تتحول إليه الشركة. فعلى سبيل المثال، في تحويل شركة محدودة مسوؤلية إلى شركة مساهمة، يجب أن يكون الحد الأدنى لعدد الشركاء في الشركة المساهمة 3 شركاء. ولذلك، إذا كانت الشركة محدودة المسؤولية التي ترغب في التحول تحتوي على شريكين، فعليها أولا أن تضيف شريكا ثالثا للوفاء بشروط إنشاء شركة مساهمة.
ويجب ملاحظة أنه يكون لكل شريك أو مساهم في حالة التحول عدد من الحصص أو الأسهم في الشركة التي تم التحول إليها يعادل قيمة الحصص أو الأسهم التي كانت له فيها قبل التحول.
وإذا كان التحول إلى شركة محدودة المسؤولية وكانت قيمة حصص الشريك أقل من الحد الأدنى لقيمة الحصة في الشركة، وجب على الشريك تكملتها نقدا خلال (٣٠) ثلاثين يوما من تاريخ إخطاره، وإلا عُدِّ منسحبا من الشركة، ويتم الوفاء بقيمة حصته حسب القيمة السوقية في تاريخ التحول.
٣- يجب نشر قرار تحول الشركة. بعد استيفاء شروط التأسيس للشكل المقرر الذي تتحول إليه الشركة، يجب أن يكون قرار التحول مصحوبا ببيان بأصول الشركة وخصومها والقيمة التقديرية لهذه الأصول والخصوم، ويجري التأشير بتحول الشركة لدى المسجل.
وبعدل ذلك يجب نشر قرار التحول خلال (١٥) خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره.
هل يؤثر تحول الشركة من شكل إلى آخر على دائني الشركة؟
اهتم القانون بحماية دائني الشركة حيث نص على أنه لا يترتب على التحول براءة ذمة الشركاء المتضامنين من التزامات الشركة السابقة على التحول إلا إذا قبل الدائنون ذلك، ويفترض هذا القبول إذا لم يعترض الدائن على التحول كتابة خلال (٣٠) ثلاثين يوما من تاريخ إخطاره رسميا بقرار التحول أو نشره وفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة.
وإذا اعترض أي من الدائنين لدى المسجل على تحول الشركة، فلا تستكمل الإجراءات إلا بعد سداد الدين أو قبول الدائنين استمرار الضمانات السابقة المقدمة من الشركاء المتضامنين أو استصدار الشركة قرارا من المحكمة المختصة برفض الاعتراض.