فضاءات

المختار الهنائي يكتب: شارع مسقط السريع ليس سريعًا

المختار الهنائي يكتب: شارع مسقط السريع ليس سريعًا
المختار الهنائي يكتب: شارع مسقط السريع ليس سريعًا المختار الهنائي يكتب: شارع مسقط السريع ليس سريعًا

أثير- المختار الهنائي

منذ عام 2011م استبشرنا بافتتاح شارع مسقط السريع رسميًا الذي استطاع أن يخرج مسقط من عنق الزجاجة التي كانت ضيقة جدا على محيط المحافظة، وما زلت أذكر تفاصيل الحديث الطويل الذي دار في تلك الفترة استشرف فيه البعض مستقبل هذا الشارع، بأنه سيكون عقب سنوات خطًا تعبر فيه السلاحف ليطمس الهدف الذي وضع له في أن يكون شارعًا سريعًا هو الأول من نوعه في السلطنة.

عندما نتحدث عن شارع سريع فهو بمثابة الشارع الذي لا يتوقف؛ إلا في حالة الطوارئ القصوى وهي بالطبع حالات ليست يومية، كما أنه أنشئ بثلاث حارات في ذلك الوقت، وهي قد تكون حلا وقتيا لتلك السنوات العابرة، وهذا الشارع يمكن أن نعده شارعًا حديثا كونه أكمل العشر سنوات منذ عدة أشهر وذلك بالمقارنة مع شوارع أخرى ليست سريعة لكنها أكملت أكثر من أربعين عامًا ولا تزال حتى اليوم مهيأة لازدياد الكثافة السكانية، التي بدورها لم ترفع نسبة الازدحام ليست في مسقط وحدها بل في عموم المحافظات.

لا يمكن أن نبكي على اللبن المسكوب وسوء تقدير تخطيط هذا الشارع الذي ما زال بعض مهندسيه على رأس عملهم حتى الآن، ولا يمكن أن نحاسبهم على هذا التخطيط الذي أثبت بعد سنوات قليلة من إنشائه بأنه يفتقر للتخطيط السليم وقراءة المشهد للنمو السكاني وارتفاع أعداد المركبات بشكل كبير.

وإذا ما افترضنا بأن التخطيط السليم كان موجودًا خلال تخطيط هذا الشارع فإن أغلب الجهات الحكومية التي شاركت في تخطيط هذا الشارع وتنفيذه، هي اليوم ذاتها تشاهد بأم عينها هذا الاختناق المروري الذي صنع عنقًا آخر للزجاج وعدنا إلى ما كنا عليه قبل عشر سنوات، وتأخر موظفيها اليومي عن العمل خير شاهد، وبالرغم من ذلك لم نرَ أي حلول حقيقية والجميع يشاهد الشكاوى التي يتناقلها المواطنون منذ لا يقل عن 5 سنوات.

وهذا الازدحام لم يشمل عابري هذا الخط الذي أصبح بطيئًا جدًا بل شل الحركة المرورية في مختلف الطرق من وإلى هذه العاصمة المغلوب على أمر قاطنيها أو العابرين منها بشكلٍ يومي، وفور ما يتوقف هذا الشارع وتكتظ حاراته الثلاث، تتبعه فورًا المداخل والمخارج المؤدية إلى الشوارع الأخرى وأولها شارع السلطان قابوس.

ما ينبغي على الجهات المعنية أن تسارع فورًا بإعادة تخطيط هذا الشارع، وعدم الانتظار أكثر من ذلك، خصوصًا وأننا اعتدنا على بطء تنفيذ المشاريع بين الفكرة والتخطيط والتنفيذ، كما يجب أولًا وحتى ذلك الوقت وضع حلول مؤقتة للمداخل والمخارج وتوسعتها وأخص بالذكر تلك المرتبطة بالشوارع الرئيسية، خصوصًا أن أغلبها غير مزدوج ، ثم الإسراع في توسعة الشارع الذي من المفترض أن يكون مهيئا لهذه التوسعة، عبر مضاعفة عدد الحارات من ثلاث إلى ست حارات واستشراف المستقبل الذي لم نستشرفه سابقا لهذا اليوم، بالرغم من يقيني بأن الشارع ليس مهيئا بالكامل للتوسعة خاصة في الجسور والأنفاق، وأيضا في تخطيط الخدمات على جوانب الشوارع مثل محطات الوقود والمرافق والمباني والتي من بينها مبانٍ حكومية.

كما ندعوها إلى التعجيل في هذا الأمر نظرا لتكرار مشهد الشارع السلحفاة بشكل يومي في بداية الصباح عند ذهاب الموظفين إلى أعمالهم وأيضًا عند عودتهم، فتخيل معي أن تستغرق ساعة وربعا لعبور خمسة وعشرين كيلومترًا في عاصمة لا يصل عدد سكانها إلى 1.5 مليون نسمة.

وتخيل أن تقضي ساعة كاملة حتى تغادر حدود العاصمة نهاية كل أسبوع وأنت في طريقك إلى البلد، وتخيل أن كل ذلك بسبب شارع لم يمر على إنشائه سوى عشرة أعوام، وتخيل أيضا بأن الشارع ذاته هو الشارع الوحيد الذي أُنشئ من أجل الهروب من الازدحام.

كما أن مجلس الشورى مطالب أيضا بالوقوف على هذا الموضوع باعتباره موضوعا يخص عمان بأكملها، وعليه رفع مقترحات منها توقيت العمل الموحد لجميع موظفي الدولة والقطاع الخاص وطلبة المدارس والجامعات والكليات، مضيفًا عليه المراجعين للمؤسسات الحكومية والقادمين من الولايات، خاصة مع استمرار المركزية في كثير من مؤسسات الدولة والتي هي الأخرى تُعد سببًا في تدفق المواطنين للعاصمة خلال فترة الدوام الرسمي، في ظل عدم تحقيق أهداف عمان الرقمية في تفعيل الحكومة الإلكترونية كما هو مخطط لها.

أكتب هذا المقال، وأنا أقضي نصف ساعتي الثانية في منطقة لا تتجاوز الخمسة كيلومترات، مع كامل استهجاني لتكرار هذا المشهد أسبوعيًا.

Your Page Title