أخبار

مقال يرصد علاقة عُمان بشرق إفريقيا منذ الهجرة الجلندانية حتى الآن

مقال يرصد علاقة عُمان بشرق إفريقيا منذ الهجرة الجلندانية حتى الآن
مقال يرصد علاقة عُمان بشرق إفريقيا منذ الهجرة الجلندانية حتى الآن مقال يرصد علاقة عُمان بشرق إفريقيا منذ الهجرة الجلندانية حتى الآن

مسقط-أثير

إعداد: د. أحلام بنت حمود الجهورية- باحثة وكاتبة في التاريخ، وعضوة مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية

إن الحديث عن العلاقات الحضارية بين عُمان وشرق إفريقيا يلزم تأطيره ببدايات الوجود العُماني في هذا المجال الجغرافي والإقليمي الحيوي، ثم بيان رسوخ هذه العلاقات من خلال الهجرات العُمانية إلى شرقي إفريقيا من خلال الهجرة العُمانية المنظمة الأولى والمتمثلة في الهجرة الجلندانية في القرن (١هــ/ ٧م)، ثم الهجرة العُمانية المنظمة الثانية والمتمثلة في هجرة النباهنة في القرن (٧هـ/ ١٣م. ونستكمل العلاقات الحضارية بين الجانبين بالحديث عن الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة اليعاربة في القرن 11هـ/ 17م، ثم الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة البوسعيد في القرن 12هـ/ 18م.

 

  1. بدايات الوجود العُماني في شرقي إفريقيا:

بدايات الوجود العُماني في شرقي إفريقيا:

إن البداية الفعلية للوجود العُماني في شرق إفريقيا غير موثقة ومؤكدة بالدقة، فيرجعها بعض المؤرخين إلى زهاء الألفي عام أي مع بداية القرن الأول الميلادي، والبعض يرجع ذلك الوجود إلى أبعد من ذلك، موضحين امتداده إلى ما بعد منتصف الألف الأولى قبل الميلاد. ويُشير البعض إلى أن الوثائق القليلة المتوفرة، تؤكد أن البحارة العُمانيين في تلك الحقبة، لعبوا دوراً مهماً في التجارة البحرية في المحيط الهندي، فعملوا على نقل التوابل من سواحل الهند وشرق إفريقيا، إلى سواحل الجزيرة العربية تمهيداً لنقلها إلى مناطق حوض البحر المتوسط. كما يذهب البعض إلى أن تاريخ ارتباط عُمان بسواحل شرق إفريقيا يعود إلى ثلاثة آلاف سنة. وقد أكدت المكتشفات الأثرية على أن ملاحي (ماجان/مجان) عُمان القديمة، كان لهم السيادة على المحيط الهندي منذ الألف الثالث قبل الميلاد. عموماً إن أقدم معلومة عن وصول السفن العُمانية إلى شرق إفريقيا جاءت في كتاب الطواف حول البحر الأرتيري، وهو عبارة عن تقرير لملاح يوناني مجهول يصف سواحل المحيط الهندي وأهم موانيه التجارية، ويورد ذكر تردد المراكب العربية بالتجارة على موانئ ساحل شرق إفريقيا أقصاها (حافون)، وهو يقدم بذلك صورة عن الوجود العربي على ساحل شرق إفريقيا قبل الإسلام بسبعة قرون.

نخلص من ذلك إلى أن جذور التواصل الحضاري بين عُمان وإفريقيا تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، فقد كان البحر الأحمر والمحيط الهندي يشكلان همزتي الوصل بين السواحل الأفريقية وشبه جزيرة العرب، حيث أن التجار العُمانيون والعرب أول من نقل المؤثرات العربية إلى القارة الأفريقية، وازدادت أهمية هذه الهجرات وفاعليتها بظهور الإسلام الذي أعطاها السند الروحي الثقافي والمضمون السياسي، وهذا أدى بدوره لامتزاج الحضارة العربية الإسلامية بثقافات الشعوب الأفريقية. ونختم الحديث عن جذور هذا التواصل بما جاء في إحدى الموسوعات الفارسية: “تُجمع الكتابات التاريخية والآثار أن العرب-وتحديداً العُمانيين- قد بسطوا سيطرتهم على الساحل الشرقي لإفريقيا منذ القرن الأول الميلادي”.

 

  1. الهجرات العُمانية إلى شرقي إفريقيا:

الهجرات العُمانية إلى شرقي إفريقيا:

يذهب بعض المؤرخين أن العلاقات العُمانية الأفريقية، عرفت كوجود بشري عُماني مقيم في شرق إفريقيا بهجرة آل الجلندى (سليمان وسعيد أبناء عباد الجلندي) إلى شرق إفريقيا، إلا أن العلاقة التجارية البحرية بين عُمان وشرق إفريقيا، سبقت تلك الفترة الزمنية بمدة طويلة-كما سبق وأشرنا إليه آنفاً-، فالهجرة العُمانية المنظمة الأولى تتمثل في الهجرة الجلندانية في القرن (١هــ/ ٧م) والتي أدت إلى تأسيس كيان سياسي عُرف بمملكة الجلندايين تحديداً خلال الفترة (٨٠-٥٦٥هـ/ ٦٩٩- ١١٧٠م)، استمر لخمسة قرون. حيث هاجر ملكا عُمان سعيد وسليمان ابني عباد بن عبد بن الجلندى المعولي إلى الساحل الشرقي لإفريقيا، حيث نزلا في جزيرة بات/باتى بأرخبيل لامو، وذلك في أعقاب الحملة الأموية على عُمان في خلال الفترة (75-85هـ/ 694-704م)، ونتيجة للهجرات العُمانية المتتالية توسعت هذه الإمارة الجلندانية، وازداد عدد سكانها من العُمانيين وغيرهم، ومن جزيرة بات انتشروا في بلدان الشرق الأفريقي والتي استوطنها أيضا العُمانيون قبل الإسلام.

وقد استقر الأخوان في جزيرة باتى (الجزيرة تضم ٣ مدن تاريخية: سييو، باتى، شانجا) في أرخبيل لامو، ثم توسع نفوذهم على طول الساحل الكيني (جيدي: تقع بين ممباسا ولامو)، ثم امتدوا إلى جنوب الصومال، زمبابوي، موزمبيق، جزر القمر، تنزانيا (كلوة/زنجبار/بمبا). وأسهمت مملكة الجلندانيين في انتشار الإسلام في ساحل شرق إفريقيا في أواخر القرن الهجري الأول بسبب نفوذ الجلندايين الممتد من مقديشو شمالاً، حتى جزر القمر ومدغشقر جنوباً. وكان لها دور مهم في التجارة والملاحة من خلال تحويل المراكز التجارية الصغيرة إلى مدن عمرانية وتجارية.

أما الهجرة العُمانية المنظمة الثانية متمثلة في هجرة النباهنة في القرن (٧هـ/ ١٣م)، مؤسسة لكيان سياسي آخر عُرف بالسلطنة النبهانية خلال الفترة (٥٩٩-٩١١هـ/ ١٢٠٣-١٥٠٦م)، واستمر لثلاثة قرون. فبعد النجاح الذي حققه كل من الحرث بالساحل الصومالي وآل الجلندى في أرخبيل لامو، هاجر قوم من العتيك من أزد عُمان يعرفون بالنباهنة، إلى الساحل الشرقي لإفريقيا، وبالتحديد هاجر السلطان سليمان النبهاني إلى شرق إفريقيا (باتي) قبل عام ٥٥٩هـ/ ١٢٠٣م، ثم تزوج من ابنة حاكم الجزيرة الأميرة بتاوينا بنت إسحاق بن محمد البتاوي الذي تنازل عن الحكم لصهره النبهاني عام ٥٥٩هـ/ ١٢٠٣م، حيث جاء قوله: “بزواجك أصبح لك نصيب في مملكة باتى”، ليصبح بذلك سليمان أول حاكم عُماني لجزيرة باتي الواقعة في الطرف الجنوبي من ساحل كينيا. بلغ عدد سلاطين السلطنة النبهانية: ٣٢ سلطاناً. وأبرز سلاطينهم: السلطان محمد بن سليمان النبهاني (٦٢٥-٦٥٠هـ). والسلطان أحمد بن محمد بن سليمان النبهاني (٦٥٠ – ٦٩٠هـ). والسلطان الفاتح محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان النبهاني (٦٩٠ – ٧٤٠هـ). والسلطان عمر بن محمد بن أحمد النبهاني (٧٤٠ – ٧٩٥هـ). واتخذ سلاطين النباهنة من باتى مركزاً لحكمهم وتمكنوا من التوسع شمالاً إلى مقديشو وجنوباً إلى سفالة، حيث أصبحت كل المدن الساحلية تحت رعاية سلطنة باتى وأصبحت الحركة التجارية في عهد النباهنة العُمانيين مزدهرة، وقد أدى ذلك الازدهار إلى قدوم العديد من الهجرات العُمانية، وانعكس ذلك الرخاء الاقتصادي والتسامح الديني على أهل الساحل الشرقي لإفريقيا بشكل عام.

وعموما يمكن تلخيص أهم عوامل ازدهار النشاط التجاري للمهاجرين العُمانيين إلى شرق إفريقيا خلال القرن (2-8هـ/ 8-14م): الأسطول العُماني وسيادته على منطقة المحيط الهندي منذ القرن ٢-٦هـ/ ٨-١١م. وازدهار الموانئ العُمانية (صحار، دبا، قلهات، مسقط، مرباط)، وازدهار موانئ شرق إفريقيا: مقديشو، باتى، جَيْدي (قَيْد)، ملندي (ملندة)، ممباسة (منبسي، ممبسة، منبسة، منفسة). وجزر إقليم الرانج: زنجبار (الأنجية، أنجوجا)، كلوة. وجزر ومدن الإقليم السفالي: جزيرة قنبلو (مدغشقر)، جزر القمر، سفالة (موزمبيق).

وتنوعت البضائع والسلع الصادرة والواردة بين الموانئ العُمانية وموانئ شرق إفريقيا، فكانت الواردات من: شبه الجزيرة العربية والعراق وفارس والشام والهند والصين والملايو. فالبضائع العربية: الموز العُماني، التمر، الشعير العراقي، زيت الزيتون الشامي، السكر، الفواكه المجففة، الزعفران، النيلة، الكتان، الأواني الزجاجية، السيوف. وبضائع فارس: ماء الورد، الزعفران، الثياب. وبضائع الهند: القنا والسيوف، الأسهم والدروع، الكافور، المسك، الصندل، الأحذية، الزنجبيل، القطن الهندي، القرفة، البقم والعود، التوابل، خشب الساج، الفواكه. وبضائع سرنديب (سيلان/ سريلانكا): الأحجار الكريمة الماس والياقوت، البلو الذي تصنع منه الأواني الزجاجية، الرصاص. وبضائع أرخبيل الملايو: أواني البورسلين. وبضائع الصين: الكافور، القرنفل، المسك، الديباج، العود، التوابل، البقول، الأرز. أما الصادرات من: شرق إفريقيا، فكان الرقيق، الذهب، العاج، الحديد، العنبر، الفيلة والزراف، النمور، القرود، الأخشاب، التوابل.

ويمكن إجمال التأثيرات الحضارية للمهاجرين العُمانيين؛ في الدعوة إلى الإسلام في شرق إفريقيا. وتأثير المهاجرين العُمانيين في مجال نظام الحكم والألقاب الحكومية والوظائف. وتأثير المهاجرين العُمانيين في اللغة والثقافة السواحيلية. وتأثير المهاجرين العُمانيين في مجال العمران. وتأثير المهاجرين العُمانيين في مجال الحرف: (الزراعة والماشية/الملاحة وصناعة السفن).

 

  1. الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة اليعاربة في القرن 11هـ/ 17م:

الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة اليعاربة في القرن 11هـ/ 17م:

انتقالاً إلى الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة اليعاربة (١٠٣٤- ١١٥٩هـ/ ١٦٢٤-١٧٤٤م)، فقد لبى العُمانيون في عهد دولة اليعاربة طلب المساعدة الذي تقدم به سكان الساحل الشرقي لإفريقيا لتحريرهم من البرتغاليين، واستطاع اليعاربة تحرير الساحل الشرقي لإفريقيا  وإنهاء الاحتلال البرتغالي بشكل كامل وذلك بتحرير قلعة ممباسا (يسوع) في 14 ديسمبر 1698م، وقد ضمت حملات اليعاربة لتحرير شرقي إفريقيا من البرتغاليين العديد من العلماء العُمانيين الذين أسسوا المدارس القرآنية ونشروا من خلالها الدين الإسلامي واللغة العربية، واستطاعوا النهوض بمجتمعات الساحل الشرقي لإفريقيا.

ويمكن توضيح جهود العُمانيين في عهد دولة اليعاربة من خلال بعض الحقائق والمعلومات التاريخية، حيث طلب أهالي زنجبار من الإمام سلطان بن سيف الأول (١٠٥٩-١٠٩٠هـ/١٦٤٩-١٦٧٩م) تخليصهم من الاستعمار البرتغالي، ولبى الإمام النداء وبعث بحملة بحرية إلى شرقي إفريقيا. وشملت الحملات البحرية العُمانية ضد البرتغاليين في شرقي إفريقيا مناطق: (كلوة، موزمبيق، زنجبار، بمبا، بتة). هذا ولم تتوقف الحملات العُمانية على القواعد البرتغالية – من ممباسا شمالاً الى رأس دلجادو جنوباً – طيلة الفترة من سنة (١٦٥٢ الى ١٦٦٢م) وتوجت هذه الحملات بطرد البرتغاليين من ممباسا سنة ١٦٦٥م، وعين الإمام سلطان بن سيف الأول، محمد بن مبارك المزروعي والياً على ممباساً. لكن البرتغاليين استطاعوا استعادة المدينة في ١٦ ديسمبر ١٦٧٨م، ولم يتم الطرد الكلي للبرتغاليين من ممباسا إلا في عهد الإمام سيف بن سلطان الأول قيد الأرض (١١٠٤-١١٢٣هـ/١٦٩٢-١٧١١م) وذلك في صباح السبت ١٣ ديسمبر ١٦٩٨م بعد حصار ٣٣ شهراً (١٥ مارس ١٦٩٦م- ١٣ ديسمبر ١٦٩٨م).

ولعل أوضح إشارة للانتصارات التي حققها العُمانيون في عهد الإمام سلطان بن سيف اليعربي في الساحل الشرقي لإفريقيا، ما أورده الشاعر الشيخ خلف بن سنان الغافري في قصيدة يذكر فيها فتوحات الإمام، مما جاء فيها:

ولدى زنجبار زمجر فيهم     رعد زجر لم ينج منه اعتصام

وببمبى نابهم منه نــــــاب     لم ينبه عن المضي انهتـــــــام

 

  1. الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة البوسعيد في القرن 12هـ/ 18م:

الوجود العُماني في شرقي إفريقيا خلال حكم دولة البوسعيد في القرن 12هـ/ 18م:

أدرك أول حكام البوسعيديون الإمام أحمد بن سعيد، بعد توليه حكم عُمان في عام 1156هـ/ 1744م أهمية استمرار التواصل بين الوطن الأم عُمان والمراكز الحضارية العُمانية في شرقي إفريقيا، واستطاع مواجهة محاولات الانفصال عن عُمان، وتمكن السلطان السيد سعيد بن سلطان من تثبيت الحكم العُماني لأسرة البوسعيد في الساحل الشرقي لإفريقيا، لاسيما بعد نقل العاصمة إلى زنجبار في عام 1247هـ/ 1832م، الأمر الذي عزز من قيام دولة عربية إسلامية لها تاريخها وتراثها فطبعت الساحل الأفريقي بطابعها العربي-الإسلامي المتميز. وقد أدى استقرار السلطان السيد سعيد بن سلطان في زنجبار إلى قيام نهضة حضارية في مختلف الجوانب، ويمكن رؤية التمازج الحضاري للعُمانيين في شرق إفريقيا من خلال فن العمارة، واللباس، والعادات والتقاليد. وأبلغ ما يمكن أن يوجز هذا التأثير والأثر العُماني القول المأثور الشهير: “إن تعالى زامرٌ في زنجبار رقص الناس في البحيرات طرباً”.

ويمكن الاقتراب أكثر من الحضور العُماني في شرق إفريقيا عموماً وزنجبار على وجه التحديد من خلال سلاطين أسرة البوسعيد ونبدأ ذلك الحضور في أوجه من خلال حكم السلطان السيد سعيد بن سلطان، سلطان عُمان وزنجبار وملحقاتها (١٢١٩-١٢٧٣هـ/ ١٨٠٤-١٨٥٦م).، حيث تولى السلطان سعيد الحكم في شعبان ١٢١٩هـ/ ديسمبر ١٨٠٤م، واستطاع بناء امبراطورية مترامية الأطراف هي الأوسع لعُمان في التاريخ الحديث، شملت أراضيها قارتي آسيا وأفريقيا، فامتدت في أفريقيا من مقديشيو شمالاً وحتى رأس دلجادو جنوباً، كما امتد النفوذ العُماني في الشمال الغربي حتى مملكة أوغندا، وغرباً حتى أعالي الكونغو (زائير حالياً). يكاد يُجمع المؤرخون أن فترة السلطان السيد سعيد بن سلطان هي الفترة الذهبية في التاريخ العُماني الحديث لاعتبارات مهمة منها: اتساع النفوذ السياسي لعُمان بشكل لم تشهده قط بين قارتي آسيا وأفريقيا. والمركز المرموق الذي تمتع به السلطان السيد سعيد بن سلطان في المجال الدولي، بالإضافة إلى شعبيته الواسعة بين أفراد شعبه. وقد تميزت فترة حكم السلطان السيد سعيد بن سلطان بتنامي قوة الاقتصاد العُماني، المستند إلى تقدم وتطور التجارة العُمانية التي اعتمدت على أسطول تجاري ضخم (اعتبره الخبراء ثاني أكبر أسطول في المحيط الهندي في ذلك الوقت). كما حقق السلطان سعيد بن سلطان ثورة زراعية عندما أدخل زراعة القرنفل في زنجبار لأول مرة عام 1828م، وأصبح القرنفل الثروة الرئيسية لزنجبار جاعلة منها أول مصدر عالمي للقرنفل. وفي مجال العمارة يعد بيت المتوني وبيت الساحل تحفتين معماريتين بناهما السيد سعيد في زنجبار. توفى السلطان سعيد في ١٩ صفر ١٢٧٣هـ/ ١٩ أكتوبر ١٨٥٦م، في طريق عودته من عُمان إلى زنجبار، على متن فرقاطته كوين فيكتوريا، وله من العمر ٦٥ عاماً، واستمر حكمه لمدة ٥٢ عاماً. وبعد وفاته تم تقسيم الإمبراطورية العُمانية إلى سلطنتين: زنجبار ويحكمها السلطان ماجد بن سعيد، وعُمان ويحكمها السلطان ثويني بن سعيد.

  1. السلطان السيد ماجد بن سعيد البوسعيدي (١٢٧٣-١٢٨٧هـ/ ١٨٥٦-١٨٧٠م):

السلطان السيد ماجد بن سعيد البوسعيدي

(١٢٧٣-١٢٨٧هـ/ ١٨٥٦-١٨٧٠م):

يعد أول سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار بعد تقسيم الإمبراطورية العُمانية. تولى الحكم في ٣ ربيع الأول ١٢٧٣هـ/ ٢ نوفمبر ١٨٥٦م، وكان يبلغ من العمر ٢٢ عاماً. كان السيد ماجد نائباً عن والده السلطان سعيد بن سلطان في زنجبار عند سفره إلى عُمان، وتولى هذا المنصب بعد وفاة أخيه السيد خالد الذي كان ينوب عن والده في زنجبار منذ عام ١٨٢٨م وحتى وفاته في ٢٠ مارس عام ١٨٥٤م. حقق السلطان السيد ماجد الرخاء لسلطنة زنجبار وحافظ على مكتسبات عهد والده السلطان السيد سعيد بن سلطان، وتمتع بمحبة شعب زنجبار. وعلى صعيد الإنجازات التي تفرّد بها السلطان ماجد ادخاله أول مركب بخاري (مركب دخان) إلى زنجبار وسماه ستارة.  كما يعد أول من شرع في تدريب العسكر على الطراز الحديث. وهو أول من اتخذ وسام الكوكب الدري. كما ساهم السلطان ماجد في انتعاش التجارة من خلال تخفيض قيمة الضرائب المفروضة فلم يفرض سوى خمسة في المائة لذلك توافد التجار على زنجبار. توفى السلطان السيد ماجد بن سعيد في ليلة الجمعة ١١ رجب ١٢٨٧هـ/ ٧ أكتوبر ١٨٧٠م، وكان عمره ٣٧ عاماً.

  1. السلطان السيد برغش بن سعيد البوسعيدي (١٢٨٧ـ ١٣٠٥ هـ/ ١٨٧٠-١٨٨٨م):

السلطان السيد برغش بن سعيد البوسعيدي (١٢٨٧ـ ١٣٠٥ هـ/ ١٨٧٠-١٨٨٨م):

الابن السابع للسلطان سعيد بن سلطان. وُلد في عام ١٢٥٢هـ/ ١٨٣٧م، وتولى الحكم في يوم الاثنين ١٤ رجب ١٢٨٧هـ/ ١٠ أكتوبر ١٨٧٠م بعد وفاة أخيه السلطان ماجد بن سعيد، وله من العمر ٣٣ عاماً. هو السلطان الثاني في سلسلة سلاطين البوسعيد في زنجبار، ويذكر المغيري أن السيد برغش هو نادرة سلاطين زنجبار. سك السلطان برغش عملة نقدية عُرفت ب (البيسة البرغشية) في عام ١٢٩٩هـ/ ١٨٨١م، وجاءت في أكثر من معدن؛ بيسة النحاس طبع على وجهها اسم الجلالة مع اسم السلطان، وفي الوجه الآخر رسم ميزان. وبيسة الذهب تعادل خمس عشرة روبية، وبيسة الفضة تعادل ثلاث روبيات. ومن ثمار زيارة السلطان برغش لأوروبا ومصر ادراكه أن بلده بحاجة إلى مطبعة لطباعة الكتب العربية، فأمر بإنشاء مطبعة في عامي ١٨٧٩-١٨٨٠م عرفت باسم المطبعة السلطانية استخدمت فيها الحروف العربية والرومانية القديمة، وكانت الأولى من نوعها في شرق أفريقيا وهي تعد مفخرة بكل المقاييس. قامت المطبعة السلطانية بطباعة الكتب الدينية والأدبية وساهمت في طباعة الكثير من كتب التراث ومنها: كتاب هميان الزاد، وكتاب قاموس الشريعة، ومختصر البسيوي، ومنظومة مدارك الكمال. وقام السلطان برغش بوقف بعض هذه الكتب المطبوعة لعموم المسلمين وطلاب العلم. اهتم السلطان برغش بالجوانب المعمارية وهو ما يظهر من خلال بنائه مختلف الأنماط المعمارية من قصور وحمامات وحدائق. ويُعد قصر العجائب تحفة معمارية، حيث بناه السلطان السيد برغش بن سعيد البوسعيدي في عام ١٨٨٣م وكان من أهم القصور في شرق أفريقيا في القرن التاسع عشر الميلادي. وسُمي ببيت العجائب لأنه كان يعد من أعجب وأجمل التصاميم المعمارية في البناء بشرق أفريقيا في ذلك الوقت. يصف المغيري قصر العجائب: “ومن أعماله الجليلة التي تدل على عظيم همته وقوة سلطانه بناء القصر الفاخر العجيب المعروف الآن ببيت العجائب، وهو من عجائب البناء بأفريقية الشرقية يومئذ”. تُوفى السلطان برغش في الساعة الثامنة والنصف مساء ليلة الخميس ١٤ رجب ١٣٠٥هـ/ ٢٧ مارس ١٨٨٨م في الباخرة في طريق العودة إلى زنجبار، ودُفن بجوار أبيه وأخويه خالد وماجد في المقبرة الملكية (السلطانية) وعمره 51 عاماً، واستمر حكمه ١٨ عاماً.

  1. السلطان السيد خليفة بن سعيد البوسعيدي (١٣٠٥-١٣٠٩هـ/ ١٨٨٨-١٨٩٠م):

السلطان السيد خليفة بن سعيد البوسعيدي (١٣٠٥-١٣٠٩هـ/ ١٨٨٨-١٨٩٠م):

هو الابن السابع عشر من بين أولاد السلطان السيد سعيد بن سلطان، وُلد في بيت المتوني في عام ١٢٦٩هـ/ ١٨٥٢م.  يُعد السلطان السيد خليفة بن سعيد ثالث سلاطين زنجبار.  تولى الحكم في يوم الجمعة ١٧ رجب عام ١٣٠٥هـ/ ٣٠ مارس ١٨٨٨م، بعد وفاة أخيه السلطان برغش. من أهم الصفات التي عُرف بها السيد خليفة أنه كان متسامحاً، مقرباً لعلماء زنجبار وقضاتها. وقد عمل على إعادة القضاة الذين عزلهم أخيه السلطان برغش إلى القضاء؛ ومنهم: القاضي عبد العزيز بن عبد الغني الأموي، والقاضي أحمد سميط.  احتفظ السلطان خليفة بعلاقات سلطنة زنجبار الخارجية الجيدة، فأرسل عدداً من ممثليه العرب إلى كل من المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، والنمسا، وإيطاليا، والدولة العثمانية. وقد قابل أولئك الممثلون الملكة فيكتوريا والقيصر الألماني ولهلم ورئيس جمهورية فرنسا، كما أهدى قيصر ألمانيا ساعة ثمينة مطلية بالذهب، وقد أثمرت تلك الزيارات الرسمية في تعميق علاقات زنجبار بالعالم الخارجي. وتتويجاً لتلك الجهود نال السلطان خليفة بن سعيد وسام فارس الصليب الكبير (وسام القديس مايكل والقديس جورج) من بريطانيا. تُوفى السلطان خليفة بن سعيد في ٢٣ جمادى الثانية ١٣٠٧هـ/ ١٣ فبراير ١٨٩٠م، وكان عمره ٣٨ عاماً ومدة حكمه سنتان إلا أربعة وعشرون يوماً.

  1. السلطان السيد علي بن سعيد البوسعيدي (١٣٠٧-١٣١٠هـ/ ١٨٩٠-١٨٩٣م):

السلطان السيد علي بن سعيد البوسعيدي (١٣٠٧-١٣١٠هـ/ ١٨٩٠-١٨٩٣م):

وهو الابن الثامن عشر من بين الاخوة الاثنين والعشرين المعروفين للسيد سعيد بن سلطان. وُلد في مسقط عام ١٢٧٠هـ/ ١٨٥٤م. يُعد السلطان علي بن سعيد رابع سلاطين زنجبار، وتولى الحكم بعد وفاة أخيه السلطان خليفة بن سعيد في ٢٧ جمادى الثانية ١٣٠٧هـ/ ١٨ فبرابر ١٨٩٠م. من أهم الأحداث التي وقعت في عهد السلطان علي بن سعيد هو توقيعه على اتفاقية الحماية البريطانية في عام ١٨٩٠م؛ إذ أعلنت بريطانيا مع توليه العرش حمايتها على زنجبار بالاتفاق معه، مما مهد الطريق لعقد الاتفاقية الإنجليزية-الألمانية (هليجولاند-زنجبار) في يوليو ١٨٩٠م والتي أقرت فيها ألمانيا بحق بريطانيا في السيطرة على زنجبار مقابل تنازل بريطانيا لها عن جزيرة هليجولاند في بحر الشمال. تُوفى السلطان علي بن سعيد في الساعة الثامنة والنصف ليلة الاثنين ١٦ شعبان ١٣١٠هـ/ ٦ مارس ١٨٩٣م، عن عمر يناهز ٣٩ عاماً، وبلغت مدة حكمه ثلاث سنوات.

  1. السلطان السيد حمد بن ثويني البوسعيدي (١٣١٠-١٣١٤هـ/ ١٨٩٣-١٨٩٦م):

السلطان السيد حمد بن ثويني البوسعيدي (١٣١٠-١٣١٤هـ/ ١٨٩٣-١٨٩٦م):

يعد السلطان حمد بن ثويني خامس حاكم يتولى الحكم في سلطنة زنجبار من أسرة البوسعيد، وُلد السيد حمد في مسقط في عام ١٢٧٣هـ/ ١٨٥٦م، وهو الابن الثالث للسلطان ثويني بن سعيد، سلطان عُمان خلال الفترة (١٢٧٣-١٢٨٢هـ/ ١٨٥٦-١٨٦٦م). وقد تولى السلطان حمد الحكم في١٤ شعبان ١٣١٠هـ/ ١٨٩٣م. كان أولى الإجراءات التي اتخذها السلطان حمد بعد تسليمة الحكم هو الإعلان في جمادى الأولى ١٣١٠ هـ (يوليو ١٨٩٣ م) أن موانئ براوة ومركا ومقديشو ووارشيخ التي تنازل عنها السلطان علي بن سعيد لصالح إيطاليا ستدخل حّيز حكمه. وأعلن أيضاً لوائح وتنظيمات تتعلق بالقناصل الأجانب والنظر في قضايا الرعايا الأجانب ضد رعايا السلطنة، ولوائح تنظم معاملة الحّمالين والعاملين. توفي السلطان السيد حمد بن ثويني في ١٤ ربيع الأول ١٣١٤هـ/ ٢٥ أغسطس ١٨٩٦م. وكانت مدة حكمه ثلاث سنين وستة أشهر وتسعة وعشرين يوماً، ودفن في المقبرة الملكية بزنجبار.

  1. السلطان السيد خالد بن برغش البوسعيدي (١٣١٤-١٣١٤هـ/ ١٨٩٦-١٨٩٦م):

السلطان السيد خالد بن برغش البوسعيدي (١٣١٤-١٣١٤هـ/ ١٨٩٦-١٨٩٦م)

:

سادس سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار. لم يحكم غير ثلاثة أيام لعدم موافقة سلطة الحماية البريطانية عليه حاكماً، فقد اعتلى عرش زنجبار بعد وفاة السلطان حمد بن ثويني دونما الالتفات إلى إدارة سلطة الحماية المعنية بتعيين سلاطين زنجبار بموجب اتفاقية الحماية الموقعة عام ١٨٩٠م بين السلطان علي بن سعيد والحكومة البريطانية. خاض السلطان خالد ضمن ما يُعرف تاريخياً بأقصر حرب في التاريخ- حيث نصّب السيد خالد بن برغش نفسه سلطاناً على البلاد مستنداً إلى تأييد الزعماء العرب والأعيان في زنجبار، ووقوف الحرس السلطاني إلى جانبه تنفيذاً لوصية السلطان السيد حمد بن ثويني، فتولى الحكم لمدة ثلاثة أيام، وبعد تدمير القصر من قبل القوات الإنجليزية، وحصول السيد خالد على الحماية الألمانية، تم بذلك إنهاء حكم السيد خالد وتنصيب السيد حمود بن محمد سلطاناً على عرش زنجبار. نُفي السيد خالد إلى دار السلام منذ عام ١٨٩٦م تحت الحماية الألمانية حتى الحرب العالمية الأولى (١٩١٤-١٩١٨م) وتحديداً عام ١٩١٧م عندما خسر الألمان الحرب؛ فعرضت عليه الإدارة الألمانية – قبيل خروجها من دار السلام – الانتقال إلى برلين والعيش فيها؛ لكنه آثر البقاء في ممباسا. بعد خروج الألمان ألقى البريطانيون القبض عليه، ونفوه إلى جزيرة سانت هيلانة ثم جزيرة سيشل عام ١٩٢١م. سمحت الإدارة البريطانية عام ١٩٢٢م للسيد خالد بالعودة إلى شرق إفريقيا، ولكن إلى ممباسا وليس زنجبار، بعد أن أخذت منه تعهداً بعدم المطالبة بعرش زنجبار نتيجة تدحل والي ممباسا السيد علي بن سالم البوسعيدي. بقي السيد خالد بن برغش في ممباسا إلى وفاته بتاريخ ١٤ رمضان ١٣٤٥ هـ/ ١٩٢٧م.

  1. السلطان السيد حمود بن محمد البوسعيدي (١٣١٤-١٣٢٠هـ/ ١٨٩٦-١٩٠٢م):

السلطان السيد حمود بن محمد البوسعيدي (١٣١٤-١٣٢٠هـ/ ١٨٩٦-١٩٠٢م):

سابع سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار، والده السيد محمد الابن الرابع للسيد سعيد بن سلطان. وُلد السيد حمود في مسقط عام ١٢٧٠هـ/ ١٨٥٣م، وسافر من مسقط إلى زنجبار في أيام حكم السلطان السيد ماجد بن سعيد (١٢٧٣-١٢٨٧هـ/ ١٨٥٦-١٨٧٠م). تولى السيد حمود بن محمد عرش زنجبار في يوم ١٧ ربيع الأول ١٣١٤هـ/ ٢٧ أغسطس ١٨٩٦م. وجاء تنصيب السيد حمود سلطاناً بعد إخراج السيد خالد بن برغش (٢٥ أغسطس ١٨٩٦-٢٧ أغسطس ١٨٩٦م) من القصر -ضمن ما يُعرف تاريخياً بأقصر حرب في التاريخ-. قام السلطان السيد حمود بن محمد ببعض الإجراءات لإصلاح وتنظيم عمل المحاكم في زنجبار وبمبا (الجزيرة الخضراء)، وتضمن إنشاء: المحكمة العظمى لجلالة السلطان حمود في زنجبار، ومحكمة زنجبار ومحكمة بمبا، وتم نشر ذلك من خلال إعلان صادر من السلطان حمود إلى العموم يتضمن أربع وثلاثون بنداً ينظم العمل في سلك القضاء. اهتم السلطان حمود بالشؤون الثقافية، وهو يظهر من خلال اشتراكه السنوي في العديد من المجلات والجرائد، كما يتأتى من خلال دعمه للمثقفين من كتّاب وشعراء وأُدباء، وهو ما عبّر عنه هؤلاء المثقفين بقصائد المدح والثناء، والكتب المُهداة التي تم إرسالها للسلطان حمود بن محمد.   تُوفى السلطان حمود بن محمد في ١٢ ربيع الآخر ١٣٢٠هـ/ ٢٠ يوليو ١٩٠٢م، وبلغت فترة حكمه ست سنين وستة أشهر. وبعد وفاته تم استدعاء ابنه السيد علي- الذي كان متواجداً في إنجلترا- ووصل السيد علي إلى ميناء زنجبار بتاريخ ٢٧ يوليو ١٩٠٢م على متن سفينة فرنسية، واستقبله في القصر عمه السيد خالد بن محمد؛ لتهنئته بتسلم الحكم خلفاً لوالده السلطان حمود بن محمد.

  1. السلطان السيد علي بن حمود البوسعيدي (١٣٢٠-١٣٢٩هـ/ ١٩٠٢-١٩١١م):

السلطان السيد علي بن حمود البوسعيدي (١٣٢٠-١٣٢٩هـ/ ١٩٠٢-١٩١١م):

ثامن سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار، وُلد في ٧ يونيو ١٨٨٤م. قام والده السلطان حمود بن محمد بتهيئته ليكون خليفته في الحكم، فأرسله إلى مدرسة هارو الشهيرة في لندن في عام ١٨٩٨م، وتم إعداده من جميع النواحي لخلافة والده، فمن الناحية التعليمية، تلقى السيد علي علومه في أهم مدرسة انجليزية وتعد مدرسة الصفوة في المجتمع الإنجليزي (مدرسة هارو). ومن الناحية الثقافية، عاش السيد علي بن حمود في المجتمع الإنجليزي قرابة ٤ سنوات، فكان على معرفة ودراية بأسلوب الحياة الأوروبية. أما من الناحية الدبلوماسية فتم اعداده من خلال إسناد بعض المهام الدبلوماسية له: كحضور حفل تنصيب الملك إدوارد السابع في لندن في مطلع سنة ١٩٠٢م نيابة عن والده السلطان حمود بن محمد، وزيارة عدد من الدول الأوربية التي ترتبط بعلاقة تجارية مع زنجبار، وذلك خلال فترة تواجده في لندن للدراسة، والدول التي زارها: إيطاليا، وألمانيا، والنمسا، وفرنسا. تولى السلطان علي بن حمود الحكم بعد وفاة والده السلطان حمود بن محمد ١٢ ربيع الآخر ١٣٢٠هـ/ ٢٠ يوليو ١٩٠٢م، حيث تم استدعاءه من لندن إلى زنجبار لتنصيبه سلطاناً، وتم ذلك في قصر العجائب بجزيرة أنغوجا في زنجبار، حيث وصل السلطان علي بن حمود إلى ميناء زنجبار بتاريخ ٢٧ يوليو ١٩٠٢م. ومن أهم الزيارات التي قام بها السلطان علي بن حمود خلال فترة حكمه زيارته للدولة العثمانية في عام ١٩٠٧م، حيث قابل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (١٨٧٦-١٩٠٩م) في إسطنبول. وتم استقباله بحفاوة تليق بمقامه ومكانته كسلطان. كما تم تكريمه من قبل السلطان العثماني بمنحه أعلى وسام في الدولة العثمانية المُسمى بـــ (العثماني الأعظم). يذكر المغيري أبرز الإنجازات التي تحققت في عهده، منها: أول من أنشأ مدرسة تدرس العلوم العصرية في زنجبار، في عام ١٩٠٨م. وكل مصاريفها من جيبه الخاص. وإنشاء المحاكم القانونية (محكمة جلالة السلطان في زنجبار”His Highness The Sultan’s Court for Zanzibar”). واستبدال العملة المحلية الريال الزنجباري، بالعملة الجديدة: روبية زنجبارية، في عام ١٩٠٨م. وجلب أول ماكينة كهربائية لإنارة البلاد والبيوت في زنجبار، وكان مركزها في حارة مليندي فرضاني. وتأسيس سكة حديد طولها سبعة أميال من زنجبار إلى بوبوبو، وزودت بقطار، وكان ذلك في عام ١٩٠٥م من قبل الأمريكان، وفي عام ١٩١١م صارت ملكاً لحكومة زنجبار، ولاحقاً صدر أمر بتوقفها في عام ١٩٢٨م بسبب كثرة استعمال السيارات في البلاد لذلك تم ايقافها من قبل الشركة المؤسسة. استمر حكم السلطان السيد علي بن حمود حتى ٩ ديسمبر ١٩١١م، وهو التاريخ الذي أُعلن فيه تنازله عن الحكم. عاش السلطان علي بن حمود في باريس، ويذكر المغيري وفاته في ١٥ ربيع الأول ١٣٣٧هـ/ ١٨ ديسمبر ١٩١٨م، عن عمر يناهز ٣٤ سنة.

  1. السلطان السيد خليفة بن حارب البوسعيدي (١٣٢٩-١٣٨٠ هـ/ ١٩١١-١٩٦٠م):

السلطان السيد خليفة بن حارب

البوسعيدي

(١٣٢٩-١٣٨٠ هـ/ ١٩١١-١٩٦٠م):

تاسع سلاطين سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار، ولد السيد خليفة بمسقط في ٢٦ أغسطس ١٨٧٩م، لأبوين ينتميان لأسرة البوسعيد الحاكمة في عُمان، فأبوه السيد حارب ابن السلطان ثويني بن سعيد بن سلطان الذي حكم عُمان في الفترة من (١٢٧٣-١٢٨٢هـ/ ١٨٥٦-١٨٦٦م).  تم تتويج السلطان خليفة رسمياً في ٩/١٢/١٩١١م في بيت العجائب. كان السلطان خليفة بن حارب من أكثر سلاطين زنجبار حكمة وبصيرة وتواضعا، وكان مضرب المثل في الأخلاق الرفيعة التي جعلته محبوبا جدا لدى أهل زنجبار، واستطاع خلال فترة حكمه التي شارفت على الخمسين سنة أن يسوس البلاد بحكمة بالغة جنبتها الكثير من الفتن والاضطرابات التي كانت تعصف بالعالم في تلك الفترة، كان أبرزها نشوب الحربين العالميتين، وانتشار الفكر الشيوعي.  شهد عهد السلطان خليفة بن حارب العديد من الأحداث، واتسم في أغلب فتراته بسيادة السلم والأمن. وعلى المستوى الحضاري، شهدت المؤسسات الإدارية الحكومية في عهد السلطان خليفة بن حارب توسعا وتنظيما كبيرا، في المجالات المختلفة، كالتعليم والصحة والقضاء والإدارة العامة، وغيرها. فقد اهتم السلطان خليفة بن حارب بالجوانب التعليمية فتم في عهده إنشاء العديد من المدارس، ومن ذلك قيام مدرسة لتدريب المعلمين، وتأسيس المدارس في المقاطعات، كما افتتحت المدرسة الأولى للبنات بمدينة زنجبار في عام ١٣٤٥هـ/ ١٩٢٧م. وقد شملت المدارس جزيرة بمبا (الجزيرة الخضراء) إذ افتتحت المدرسة الأولى بها بمدينة ويته في ٦يناير ١٩٤٢م. كما قام السلطان خليفة في ٣١ أكتوبر ١٩٥٤م بوضع حجر الأساس لمدرسة السلطان سعيد بن سلطان بويته بالجزيرة الخضراء التي بنيت من تبرعات سكان الجزيرة. كما تم الاهتمام بتقديم الخدمات العامة كبناء المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير ما تلزم من خدمات، وتشييد الطرق، وتوفير الكهرباء وإمدادات المياه وشبكة الصرف الصحي، وخطوط الهاتف، وصيانة الموانئ والجسور، وإنشاء مراكز الشرطة وغيرها من الخدمات. تُوفى السلطان خليفة بن حارب بن ثويني في قصره ببيت العجائب في٩أكتوبر ١٩٦٠م، ودُفن في المقبرة الملكية. وخلفه في الحكم ابنه السيد عبد الله بن خليفة (١٩٦٠-١٩٦٣م).

  1. السلطان السيد عبد الله بن خليفة البوسعيدي (١٣٨٠-١٣٨٣هـ/ ١٩٦٠-١٩٦٣م):

السلطان السيد عبد الله بن خليفة البوسعيدي (١٣٨٠-١٣٨٣هـ/ ١٩٦٠-١٩٦٣م):

عاشر سلاطين سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار، ولد في زنجبار في ١٢ فبراير ١٩١٠م.  عين وليًا للعهد في عهد والده السلطان خليفة بن حارب. ثم صار حاكماً في أكتوبر ١٩٦٠م خلفا لوالده السيد خليفة. شهد عهده الكثير من الأحداث التي كان لها أثر كبير في تغيير الحياة السياسية والاجتماعية في زنجبار من ذلك زيادة نفوذ الاستعمار وزيادة حدة التوتر بين العرب وحزبهم الحزب الوطني وبين الأفارقة وحزبهم الحزب الإفروشيرازي. توفى السلطان عبد الله بن خليفة البوسعيدي في ٥ يوليو ١٩٦٣م، وخلفه في الحكم ابنه الأكبر السيد جمشيد.

  1. السلطان السيد جمشيد بن عبد الله البوسعيدي (١٣٨٣-١٣٨٣هـ/ ١٩٦٣-١٩٦٤م):

السلطان السيد جمشيد بن عبد الله البوسعيدي (١٣٨٣-١٣٨٣هـ/ ١٩٦٣-١٩٦٤م):

آخر سلاطين سلاطين أسرة البوسعيد في سلطنة زنجبار، وُلد في زنجبار بتاريخ ١٦ سبتمبر ١٩٢٩م. تخرّج من المدرسة الثانوية الحكومية في زنجبار، ثم التحق بكلية فكتوريا العريقة في الاسكندرية، فالجامعة الأمريكية في بيروت، ثم خدم في البحرية الملكية البريطانية لمدّة سنتين تقريبًا. درس بعد ذلك الإدارة العامة في بريطانيا؛ وعند عودته إلى زنجبار، ألحقه جدّه، السلطان خليفة بن حارب، إلى بعض مؤسسات الدولة لاكتساب الخبرة الإدارية العملية.  تولى السلطنة في زنجبار خلال الفترة من 1 يوليو 1963م إلى 12 يناير 1964م.  حصلت زنجبار في عهده على استقلالها من المملكة المتحدة في 19 ديسمبر 1963م كدولة ملكية دستورية مستقلة.  وفي 12 يناير عام 1964م أطاحت ثورة زنجبار بحكمه. انتقل إلى المنفى في مدينة بورتسموث في المملكة المتحدة من ٢٠ يناير ١٩٦٤م حتى ١٥ سبتمبر ٢٠٢٠م حيث يسقر حالياً في العاصمة العُمانية مسقط.

واليوم تشهد العلاقات العُمانية بدول شرق إفريقيا آفاقاً اقتصادية وأخرى ثقافية مستندة إلى الأساس التاريخي والحضاري والإنساني الذي يميز العلاقات بين الجانبين.

 

لمزيد من التفاصيل حول الموضوع يُنظر قائمة المصادر والمراجع:

  1. ابن رُزيق، حميد بن حمد (ت: 1290هـ/ 1873م). الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين. تحقيق: محمد حبيب صالح ومحمود بن مبارك السليمي، ج2، ط6، وزارة التراث والثقافة مسقط: 2016م.
  2. المغيري، سعيد بن علي. جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار. تحقيق: محمد الصليبي، ط5، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2017م.
  3. الفارسي، عبد الله بن صالح (ت: 1402هـ/ 1982م). البوسعيديون حكام زنجبار. ترجمة: محمد أمين، ط2، سلسلة تراثنا، وزارة التراث القومي والثقافة، مسقط: 1982م.
  4. الريامي، ناصر بن عبد الله. زنجبار شخصيات وأحداث. ط3، بيت الغشَّام، مسقط: 2016م.
  5. المعمري، أحمد بن حمود. عُمان وشرقي إفريقيا. ترجمة: محمد أمين عبد الله، ط3، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2016م.
  6. النعُماني، سعيد بن سالم. الهجرات العُمانية إلى شرق إفريقيا ما بين القرنين الأول والسابع الهجريين. ط1، دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق: 2012م.

  • ابن رُزيق، حميد بن حمد (ت: 1290هـ/ 1873م). الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين. تحقيق: محمد حبيب صالح ومحمود بن مبارك السليمي، ج2، ط6، وزارة التراث والثقافة مسقط: 2016م.
  • الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين

  • المغيري، سعيد بن علي. جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار. تحقيق: محمد الصليبي، ط5، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2017م.
  • جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار

  • الفارسي، عبد الله بن صالح (ت: 1402هـ/ 1982م). البوسعيديون حكام زنجبار. ترجمة: محمد أمين، ط2، سلسلة تراثنا، وزارة التراث القومي والثقافة، مسقط: 1982م.
  • البوسعيديون حكام زنجبار

  • الريامي، ناصر بن عبد الله. زنجبار شخصيات وأحداث. ط3، بيت الغشَّام، مسقط: 2016م.
  • زنجبار شخصيات وأحداث

  • المعمري، أحمد بن حمود. عُمان وشرقي إفريقيا. ترجمة: محمد أمين عبد الله، ط3، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2016م.
  • عُمان وشرقي إفريقيا

  • النعُماني، سعيد بن سالم. الهجرات العُمانية إلى شرق إفريقيا ما بين القرنين الأول والسابع الهجريين. ط1، دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق: 2012م.
  • الهجرات العُمانية إلى شرق إفريقيا ما بين القرنين الأول والسابع الهجريين

     

    Your Page Title