أخبار

أدباء وشعراء عرب يوضحون تأثير الشاشات الذكية في الابتعاد عن الكتاب؛ فهل تتفق معهم؟

أدباء وشعراء عرب يوضحون تأثير الشاشات الذكية في الابتعاد عن الكتاب؛ فهل تتفق معهم؟
أدباء وشعراء عرب يوضحون تأثير الشاشات الذكية في الابتعاد عن الكتاب؛ فهل تتفق معهم؟ أدباء وشعراء عرب يوضحون تأثير الشاشات الذكية في الابتعاد عن الكتاب؛ فهل تتفق معهم؟

خاص-أثير
أعد التحقيق: الإعلامي السوري زياد ميمان


في ظل انغماسنا وانشغالنا في الكثير من أمور حياتنا، وعلى الرغم من ابتعادنا عن الكتاب ، لكن ما إن يتم الإعلان عن انطلاق معرض للكتاب حتى يسبقنا الشغف للتعرف على الجديد من المنشورات والجديد من الإصدارت، ومع هذا نحن في زمن ابتعدنا فيه عن الكتاب وحل تصفح مواقع التواصل مكانه.

أين نحن من الكتاب، أين نحن من خير جليس في الأنام كتاب، وهل للقاعدة شواذ، سؤال طرحته على من يمتلك زمام الحرف والكلمة حول هذه الظاهرة وهي الابتعاد عن الكتاب وانغماسنا بالشاشات الذكية

أول ضيوفي في هذا الاستطلاع كان الشاعر العماني حسن المطروشي الذي قال:
لا يمكننا أن ننكر أن حياتنا بعد الشاشات الذكية الخلابة لم تعد مثل ما كانت قبل ذلك. لقد قلبت هذه الشاشات موازين الحياة وقيمها عقبا على رأس، وفعلت ما هو أشد فتكا وتأثيرا من السحر. قبل سنوات لم يكن أمامنا سوى الكتاب الورقي، الذي كان بالفعل خير جليس وأصدق أنيس في خلواتنا. ذلك الزمن الذي كان فيه الكتاب الورقي هو البطل الأوحد ولى إلى غير رجعة، وعلينا أن نتقبل الأمر ونتعايش معه بكل تحولاته وانقلاباته الكبرى.


واكد المطروشي على أن التكنولوجيا فتحت فضاءات أخرى أمام أعيننا وقدمت لنا خيارات كثيرة لم تكن لتخطر لنا على بال. وكما فتحت لنا الباب أمام السيل الجارف من التفاهة والغث، فقد قدمت لنا خيارات ثقافية ومعرفية جديدة أيضا. ربما أصبح الكتاب أكثر وفرة وفي متناول الجميع، وبات بالمقدور الحصول عليه بضغة زر، وبصيَغٍ مقروءة أو مسموعة أو مرئية أحيانا. ولكنها إلى جانب ذلك سرقت منا الكثير عبر ملهياتها وسبلت الكثير من وقتنا في اللهاث لمتابعة هذا التدفق الهائل من المعلومات التي تضخها في الثانية الواحدة. ويبقى الرهان على الوعي للذهاب باتجاه الخيار الأكثر فائدة في ما تقدمة الشاشات الذكية.

أما الدكتور والشاعر الإماراتي طلال الجنيبي فقال:

“الكتاب هو الحاضر الغائب الحاضر عند من يعرف قيمته ومعناه الحقيقي ودلالاته الراسخة الغائب عند من لايقدر مكانته وتأثيره المعنوي وارتباطه بحنين القراءة الورقية وما يرافقها من تفاصيل حسية كملمس الورق ورائحته وشعور حمله وتصفحه وثني صفحاته وتدوين الملاحظات على الهوامش بالقلم على سبيل المثال لا الحصر.
الكتاب هو الصديق الصدوق الذي نهلنا منه معارفنا منذ الصغر، يكفينا في التداول مع الكتاب والتعامل معه إحساسنا العميق أن هناك من بذل من عمره وجهده وعطاءه الكبير سنوات ليهدينا عصارة جهده في هيئة كتاب ملموس محسوس يقدم لنا مضمونه في ساعات قليلة.”
ويضيف الجنيبي :”هو الرفيق الذي لايملنا ولايشعر بالغضاضة إن تركناه لانشغال وعدنا إليه لاحقا، لايحتاج لإعادة شحن بطارية أو أجهزة حديثة كما هو الحال مع برامج التواصل الحديثة التي تتطلب بعض الاشتراطات مثل الجهاز المناسب من حيث المواصفات فضلا عن الطاقة المحركة كالكهرباء أو الانترنت وماشابه، رغم كل ذلك فإن الواقع اليوم همش الكتاب وأبتعد الناس عنه واستبدلوه بمواقع التواصل ووسائل الاتصال الإلكتروني بسبب طبيعة العصر ومتطلبات الحياة التي جمعت لنا احتياجاتنا وخدماتنا في هذه الأجهزة المحمولة التي حلت محل الكتاب عند الكثير لأسباب تتعلق بالسهولة والمواكبة وقدرة التداول الكلي والجزئي للمحتوى الإلكتروني، رغم كل هذا واعترافنا بتراجع الاهتمام بالكتاب وسطوة مواقع التواصل التي جمعت لنا الغث والسمين وأتاحت لكل من يريد أن يقدم محتواه العملي أو الإبداعي بغض النظر عن جودة المنتج واستحقاقه للنشر، رغم كل هذا يبقى للكتاب، في صيغته الورقية التقليدية، عند من يعرف حقيقته مكانة لايمكن أن يعوضها أي بديل مهما كانت مزاياه التي لاينكرها أي منصف. ”


فيما قال الدكتور والشاعر العراقي وليد الصراف:
-هي مصيبة اننا طلّقنا الكتاب وعاشرنا الحاسوب . مزقنا الورقة ولزمنا الشاشة
قلت مرة:
عندما تدخل مكتبة ماذا ترى؟
-رفوفا من الخشب وكتبا من الورق
-أنت أعمى .أما أنا فأرى غلاف كل كتاب في رفوفها بابا تدخل منه الى الملوك في عروشهم والأبطال في ساحاتهم والشعراء في خلواتهم والى أزمان لم تكن فيها شيئا مذكورا وتسمع الى أناس أتى الزمن عليهم وعلى أسمائهم الثلاثية وعلى قبورهم وانقرضوا..أبواب بلا حجّاب ومداخل سرية تفضي الى ممالك وكنوز وأسرار لا أول لها ولا آخر ,كل كتاب باب تفتحه اليد وتدخل منه الروح من لحظتك هذه تستطيع أن تدلف الى ماض تولى وتفتح بابا سريا الى غد .كل كتاب يقف في الرف بانتظارك كثمرة في الغصن بانتظار اليد وإذا كان
الغصن يذوي والثمرة تجف فالرف لا يذوي والكتاب ثمرة لا تجف ثمرة عمرها أطول من عمر اليد التي تقطفها وهي في قطفتها الثانية انضج وألذ من الأولى
الورقة تفتح الباب لخيالك فينطلق حيث شاء له المكتوب فيها في الزمان والمكان بينما الشاشة توصد الباب على خيالك وتفرض عليك أن تتلقى بعينيك وحدهما كالفرق بين الصورة الفوتوغرافية واللوحة الفنية ونحن جيل مخضرم أدرك الكتاب ثم أدرك الحاسوب ووعى الفرق بينهما فنحن نفهم جيدا تشبث الجيل الذي سبقنا بالكتاب وتشبث الجيل الذي أعقبنا بالشاشة ونقف على مسافة واحدة من الفريقين نرى منها أننا أمة لا تحسن التعامل مع الحضارة ولا تحسن التصرف فيما لديها فبدلا أن تكون الشاشة في خدمة الورقة استعملناها لقتل الورقة فضيّعنا المشيتين.”
ويضيف الصراف :”ولكني أتحسس التفاؤل من جهة سأصفها لكم:أن أي ظاهرة جديدة تأتي ومعها متطرفوها مع وضد وبعد زمن ينحسر التطرف وينجلي الغبار وتتضح الصورة ويومها سنرى الكتاب استعاد دوره ونرى المكتبة والشاشة قد تصالحتا.”





الكاتب المغربي عبد اللطيف الوراري قال :
“لست متفائلا بخصوص الكتاب الورقي إلى حد حالة العمى والاطمئنان الساذج؛ فرغم أن الكتاب الورقي ما زال يغري قرّاءه ويمارس فتنته عليهم برائحة الورق وطباع الوصال والحميمية، إلا أن النشر الرقمي بكلّ توابعه مثل تيسير النشر والاقتناء وسرعة الانتشار، عدا أروقة المكتبات الإلكترونية الضخمة، يمثّل تهديدًا حقيقيّاً ومتنامياً للورقيّ، وإلا لما علت شكاوى دور النشر في الآونة الأخيرة، وشكاوى المبدعين من أعمال القرصنة قبل أن تنزل الكتب نفسها إلى السوق. ولهذا، لا بدّ من دعم الكتاب الورقي من الجهات المسؤولة على قطاع الثقافة ومواكبته في كلّ مراحل نشره وتداوله، ومن تشريعات عاملة تحترم جهد المبدعين وتُجرّم مثل تلك الأعمال المشينة التي تنتشر مثل بقع الزيت التي تحدّ تدفق النهر، ومثل نيران المفرقعات الصينية التي تريد أن تحجب ضوء الشمس.”
فيما قالت الدكتورة والشاعرة السعودية مها العتيبي:
“أثرت وسائل التواصل عبر شاشاتها الذكية في جذب المتابعين لها ، تأثيرًا كبيرًا على القراءة من الكتب الورقية ، وهذا بلا شك ناتج عن تغير طبيعة الحياة ، ومجاراة مستحدثاتها، حيث أن الابتعاد عن مصادر الكتب والاكتفاء بما تبثه وسائل التواصل في أي مجال من مجالات التي تستهوي القارئ ، وإن كان فيها نوع من العمومية والشمول‘ وسرعة في الوصول إلى المعلومة هو نوع من تسطيح المعرفة الذي يؤثر على البناء المعرفي والثقافي للفرد. لكن قد يحد من هذا الأثر الكبير أن الكتاب أصبح ضمن الشاشات الذكية ، كثير من الكتب والروايات ، والمؤلفات الخاصة بالمؤلفين والشعراء يتم قراءتها على هيئة كتب الكترونية من داخل الشاشات الذكية ، ولعل هذا من الاستجابة لتغير نمط الحياة اليومية ، مع الاحتفاظ بأهمية القراءة والاطلاع على الأدب والثقافة والمراجعة والقراءة الرصينة والواعية ، ولعل تخصيص ساعات أسبوعية محددة للقراءة وإن قلت فهي تساعد الفرد على الاحتفاظ بلياقته القرائية ، وبناء وعيه الثقافي . على جانب آخر أظهرت وسائل التواصل عدة مواقع لشعراء وكتاب وأدباء تواصلهم اليومي كإنتاج شعري أو نثري يساهم في خلق نوع من القراءة الجديدة والتي يعتمدها البعض كبديل جيد لقراءة الكتب الحديثة والإنتاج الجديد لعدم توفر هذا الإنتاج على هيئة كتب ورقية في كثير من الأحيان.”
وقال الشاعر المصري حسن شهاب الدين:
“يظل الكتاب هو الوسيلة الأولى والأهم لتحصيل الثقافة بل إن حاجتنا إلى الكتاب في عصرنا الحالي تحديدا أكثر من أي عصر مصر رغم وجود وسائل معرفية أخرى وذلك لأن مواقع التواصل الاجتماعي التي تحتشد بالمعلومات تختلط فيها الآراء ويكثر فيها الخطأ ومعظمها يحتاج إلى توثيق هذا من حيث مصدر المعرفة ولكن للكتاب نواحي أخرى لا تقل أهمية عن كونه مصدر أساسي وضروري لتحصيل الثقافة والمعرفة فهو لعاشق القراءة الصاحب الذي لا يمل فأنت مع الكتاب في فردوسك الخاص حيث تنبض فيه الكلمات بالحياة وحيث تتواصل روحك مع الكاتب ويحاور عقلك عقل المؤلف ولكن يجب علينا التعامل مع منجزات العصر أيضا فقد أصبح للكتاب أكثر من شكل ولم تعد الصورة النمطية للكتاب الورقي هي الوحيدة بل إن الكتاب الالكتروني صار يزاحم الورقي وأنا أتحدث عن نفسي صار الكتاب الالكتروني على هاتفي أو على التابلت في أهمية الورقي وذلك لأن برنامجا صغيرا يستطيع أن يجمع لك عشرات بل مئات الكتب بين يديك تتنقل بينها في ترف عقلي لم ينل منه القدماء شيئا وأذكرك بخبر الصاحب بن عباد الذي كان لا يرحل إلا ومعه خزانة كتبه على أربعمائة بعير والآن يستطيع كل شخص أن يحمل خزانة كتب الصاحب بن عباد على هاتفه الشخصي لذا سوف تظل للكتاب مكانته الرائدة وكل ما في الأمر أن شكله فقط هو الذي سيتغير ويتبدل ولكن جوهر الكتاب سيظل للأبد لكل عاشق جاد للقراءة والعلم والمعرفة.”




Your Page Title