أبجد

نعم ..الحرية أولاً!

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

سعدية مفرح

أوافق تماما على أن ”الحرية أولا.. والحرية أخيرا” ليس بالنسبة للشاعر وحسب وإنما بالنسبة للإنسان في محضه الإنساني الخالص.

غايتي هي حريتي، وحريتي هي غايتي، ولا أراهن على سنتمتر واحد من مساحة حريتي المشتهاة حتى لو كانت حتى الآن مجرد حلم مستحيل، ولكن أحلامنا المستحيلة هي أحلامنا وحدها.

ورغم أنني لا أتذكر أول وعي حقيقي لي بالحرية كقيمة أولى أو كحلم أخير، لكن أتذكر أنني عندما درست” الوجودية” لأول مرة في حياتي في المرحلة الثانوية أعجبت بها ذهابا للحرية في أقصى جغرافياتها الحلمية. وما زلت أحفظ عبارة سارتر التي تقول: ”أن المرء حر في كل شيء الا في الا يكون حرا” تلخيصا لقيمة الدرس وقيمة الحرية.. حتى أنني كتبت تلك العبارة على كراستي المدرسية شعارا لعمر يحتاج شعاره الخاص.

ورغم أنني أتمنى، وأحاول، وأجتهد في سبيل، ألا يكون للحجب مكان في وعيي الكتابي، فإنني أعترف أن أمنياتي ومحاولاتي واجتهاداتي ما زالت في طور التحقق النهائي، وهذا ما قد يفسر احتيالي اللغوي المكشوف لاستدراج لحظة حرية هاربة من هيمنة الأنساق القيمية السائدة.

وإذا كانت بعض القراءات لنصوص “تحيل إلى سطوعٍ جسديّ باذخ في نصوصك

إضافة إلى هتكك الفني للمقدس ، لكن هذا السطوع يحتجب بقوة وراء اللغة ومكرها الدلالي في لعبة مكشوفة تحيل إلى هيمنة الأنساق القيمية السائدة عليه”، كما عبر عن ذلك  حرفياً صديق شاعر وهو بصدد سؤالي عن سبب اهتمامنا “بوضع الخطوط الحمراء أمام الحرية مع ان هدف الشاعر ومطلقه: الحرية أولا وأخيرا”، فإنني أعتبر ذلك، في إجابتي على السؤال، إشارة في طريقي الشعري، ولكنها إشارة غير مقصودة، فأحاول وأنا منغمسة في لحظة الكتابة أن أخلص ذاتي الشاعرة من كل سيطرة لكل نسق قيمي سائد، وأنسى أي رقيب داخلي يمكن أن يزعج تلك الذات، ويسبب افسادا عارما للكتابة، بل إنني في تدريب مستمر لذاكرتي على ذلك النوع من النسيان، وغالبا ما تنجح محاولاتي خاصة وأن لحظة الكتابة تخلف عن قرار النشر، فتكون النتيجة نصوصا قد لا تصلح للنشر ضمن المتاح لنا من هامش الحرية المشتهاة الآن، ولكن هذا لا يهم ما دامت تلك النصوص قد تحققت بالفعل.

بقى أن أشير إلى أنني في خضم الكتابة والنشر وما بينهما وما قبلهما وما بعدهما أجتهد ألا يكون جهادي في سبيل حريتي في لحظة الكتابة سببا لوقوعي في شرك افتعال تلك الحرية عبر إنتاج نصوص أيروتيكية أو جريئة في مقاربتها للمقدس لمجرد خلقها كدليل على لحظة الحرية أو أيقونة لانتصار موهوم على الرقيب.

أنا باختصار ضد الافتعال حتى لو أدى لتقيم صورة مثالية لحرية الكتابة لأن الافتعال ببساطة ضد الشعر وضد الفن وضد الحياة في جمالها المطلق.

Your Page Title