فضاءات

(عيون بغداد).. نوافذ مفتوحة على تفاصيل الحياة البغداديّة

(عيون بغداد).. نوافذ  مفتوحة على تفاصيل الحياة البغداديّة
(عيون بغداد).. نوافذ مفتوحة على تفاصيل الحياة البغداديّة (عيون بغداد).. نوافذ مفتوحة على تفاصيل الحياة البغداديّة

عبدالرزّاق الربيعي

عبدالرزّاق الربيعي

 

مجموعة من الرسامين الذين يعملون في مجالات مختلفة، بينهم الأكاديمي، وطبيب الأسنان، والمهندس المعماري ، والتربوي، والمستشار القانوني،والمحاسب، اجتمعوا في قاعة الفنون التشكيليّة بالنادي الثقافي ، ليقيموا معرضا حمل عنوان” عيون بغداد”، بإشراف الفنّانة عالية الفارسي مديرة القاعة ، وهي عيون فتحت على الكثير من تفاصيل الحياة الاجتماعيّة البغدادية، والموروثات العراقيّة، نجحت في نقل حضور افتتاح المعرض إلى بغداد ،وشارع الرشيد ، والسعدون ،ونصب الحريّة ، ودجلة التي جعلوا من بيت الجواهري الخالد عنوانا، ثانويّا للمعرض، فوضعوه على واجهته:

حيّيت سفحك عن بُعد فحيًيني

يا دجلة الخير يا أمّ البساتين

حين دخلت المعرض رأيت الجمهور العماني الحاضر أكثر عددا من العراقيين 

وقد جاء بهم ، كما أخبرني عدد منهم، شغفهم بالفن العراقي، والثقافة العراقيّة التي رأينا مفرداتها حاضرة أينما حللنا ، فكان المعرض تجسيدا حيّا لهذه المفردات التي امتزجت بمفردات المكان العماني ، بقصد ، أو بدون قصد ، وكانت الأعمال تجسيدا لهذه المزاوجة .

 كان العراق، بنخله، وثقافته ، وتاريخه الطويل، حاضرا في المعرض من خلال الأعمال، وصور أبرز معالمه الأثريّة، والوجوه، والشاي العراقي المهيّل ، و”الكليجة” ، والتفاصيل الكثيرة، ووقف الرسّامون كلّ واحد منهم إلى جانب أعماله شارحا لهم ما استغلق عليهم من رموز عراقيّة استحضروها في أعمالهم ، ولم يقف اختلاف مهنهم ، حائلا دون لقائهم، فهم إلى جانب إقامتهم في “مسقط”،  جمعهم حبّ الألوان، وهو حبّ جعلهم لم ينقطعوا عن ممارسة العمليّة الفنيّة رغم أنّهم لم يتفرّغوا لها، إذ أنّ جلّ وقتهم يستنزفه العمل الوظيفي، وهذا جعلهم يدخلون محراب الفن التشكيلي، هواة لا محترفين.

لقد لفت أنظاري في أعمال د. جاسم الشيخ الأكاديمي الذي شغل موقع عميد كليّة البيان لسنوات عديدة، قوّة الألوان التي استخدمها في رسم لوحات تجريديّة دمج بها الطابعين العراقي، والعماني، فحملت أعماله رائحة المكانين : الحاضر الذي يعيشه، والمكان الأوّل الساكن في الذاكرة ،وهو ما لمسته في أعمال الفنانة ظلال شاكر نجلة الفنان العراقي الراحل شاكر الطائي التي تنوّعت في المواضيع، والمواد، والأشكال، ولكنّها اشتركت في توظيف الإشارات، والرموز المستلّة من الموروثات العراقية، والعمانية توظيفا فنيّا واعيا، يشاركها في ذلك طبيب الأسنان د.عمر المعمار الذي شارك بلوحات من الفسيفساء، نقلتنا إلى عوالم شتّى، وكذلك فعلت طبيبة الأسنان د.ظلال الحوراني، في لوحاتها التي أنعشت الذاكرة ،والتربويّة راجحة الجبوري التي رفدت المعرض ، إضافة إلى ما ذكرت، بأعمال يدويّة ، وأخرى أنجزتها عن طريق  الحياكة، بمهارة، ولمسة فنّيّة ،وشاركت التربويّة بسمة قاسم بعدّة أعمال، تنوّعت في الأساليب، والموضوعات، والمواد المستخدمة، بأداء واقعي، وأضفت من مخيلتها عليه  الكثير ، أمّا المهندسة المعماريّة رنا حكمت المحاسبة حنان العاني فقد استخدمت في أعمالها الألوان الزيتيّة، والأكرليك بتقنية ، وحساسيّة عالية ،كما فعلت المحاسبة حنان العاني، فتطرّقتا إلى مختلف الموضوعات عبر أساليب فنيّة تجمع بين الواقعي، والتجريدي ،شأنهما شأن المستشارة القانونيّة أسماء سالم التي جعلت الزجاج مادّة طيّعة لتجسيد ماجادت به المخيّلة ، بأعمال تستقي من الذاكرة تفاصيلها ، كما فعلت  المحاسبة رولا مزهر التي اختارت  الرسم على خامات مختلفة من بينها الزجاج، والخشب ،والكونفاس، فحملت أعمالها نكهة خاصّة، كما فعلت الأكاديميّة فيان البغدادي،التي ركّزت على الزجاج، ونوّعت في الاشتغال عليه، فجاءت أعمالهما لتحلّق بنا في عوالم مدهشة  .

هذه العوالم هي القاسم المشترك الأعظم للأعمال المشاركة في( عيون بغداد) التي جاءت لتكون نوافذ على الحياة العراقيّة في الماضي ،والحاضر ، مطلّة على المستقبل. 

Your Page Title