فضاءات

“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة

“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة
“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة “شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة

أثير- محمد بن علي الوهيبي، كاتب عماني

يُعّرف الطريق على أنه هو شريط أرضي به مسار واحد أو أكثر من مسار لحركة السيارات والمركبات.
ويدرك الجميع بأن للطرق أهمية حيوية قصوى لحياة الناس تعبرها وسائل النقل لمختلف الأغراض النفعية والترفيهية ولغيرها من الخدمات فندخل المدن بأسماء شوارعها، ومن خلال هذه الأسماء نصل إلى مقاصدنا سواء كانت محلات تجارية أو منازل أو مدارس أو جامعات أو مستشفيات وعيادات خاصة..إلخ.


“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة
“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة “شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة


ما أثار انتباهي هو عندما سألت الجالسين في ذلك المجلس: هل تعرفون سبب تسمية الشارع باسم هوندا؟!
كنت أتوقع أن أغلبهم سيجيب عن هذا الاستفهام!! لكنني تفاجأت بأنهم يعرفونه ويحفظونه بهذا المسمى فعلا لكنهم لا يعرفون سبب التسمية!! أوضح للقارئ الكريم بأنه لا يعنيني ذكر اسم هذا النوع من السيارات بأي حال من الأحوال حتى لا يفهم أو يبدو حديثي هنا وكأنه دعاية مقصودة، لكن ما يعنيني أن هذا الاسم تم التعارف عليه بين كثير من أهل البلاد والمقيمين باعتباره ذاكرة لهذا المكان تناقلوها فيما بينهم للاستدلال عليه وربما دون أن يعرف أغلبهم سبب التسمية.


“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة
“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة “شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة

وفي حقيقة الأمر أن هذه الوكالة لهذا النوع من المركبات كانت هنا على مدخل هذا الشارع منذ أكثر من أربعين عاما، وبطبيعة الحال انتقلت الوكالة إلى مكان آخر لكن اسمها بقي في الإشارة والاستدلال على الشارع إلى يومنا هذا.

وما استرعى انتباهي وجود لافتة على مدخل الطريق مكتوب عليها شارع “البلدية”!!.
الأمر الذي يُوجِد ازدواجية في التسمية بين ما ألفه وتعارف عليه الناس وبين التسمية التي وضعتها الجهة المختصة وكأن اختصاصها فقط وضع أي اسم كان على أي لوحة معدنية يراها سالكو هذا الطريق، ولا يعني هذه الجهة التمعن في الذاكرة ولا اهتمامات بني البشر ولا الالتفات لما تعارفوا عليه عبر عقود من الزمن.
وربما توجد أمثلة مشابهة لأماكن أخرى يعرفها القارئ الكريم.


“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة
“شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة “شارع هوندا”؛ عندما تكون أسماء الشوارع ذاكرة للأمكنة


لذا فإننا حينما نضع ونستحدث مسمى جديدا لشارع عُرف وحُفظَ اسمه القديم ولصق وامتزج في الذاكرة الجمعية فهذا يُعدّ بمثابة ازدراء واستنقاص لذاكرة الناس.
وعليه لا ينبغي تغيير اسم توارثته أجيال لشارع أو مدينة أو قرية أو حارة واستبدالها باسم آخر فقد يكون لتلك الأسماء أسباب ودلالات وعاها وفهمها من وضعها.


واستشهد هنا باسمين لشارعين في جمهورية مصر العربية احتفظا باسميهما حتى وقتنا الحاضر رغم غياب من كانوا سببًا للتسمية وصناعاتهم.

“المغربلين” كان يسكنه ويعمل فيه العطارون الذين كانوا يغربلون عطارتهم حتى تخلو من الشوائب لذلك سمي بالمغربلين.

والشارع الآخر “السروجية” الذي كان معروفًا بصناعة كل ما يخص الخيول من الحدوات والسروج، ولذلك سمي بالسروجية.

أما إذا استدعى الأمر واستوجب تعديل اسم من الأسماء لكونها لا تحمل معنى ولا ذاكرة للمكان ولا قيمة ولا تاريخا فلا بأس أن يُرجع لأهل المنطقة أولًا للتأكد من أصل التسمية وكيف جاءت، كما يمكن الاستعانة بنخبة من الأكاديميين والمؤرخين والأدباء لاختيار الاسم المناسب وهذا هو الإجراء الصائب.

Your Page Title