أخبار محلية

حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية

حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية
حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية

خاص – مكتب أثير في تونس
حاوره: محمد الهادي الجزيري


بارع في الكلام، خفيف الوطء، حافظ المدوّنة الإسلامية والعربية عن ظهر قلب، أو يكاد، إنّه شاب مصري ممتزج بالخليط الاجتماعي العُماني، قادتني الصدفة ربّما أو الحكمة لكي أتعرف عليه وأتجاذب أطراف الحديث معه، فكان هذا الحوار الممتع الصريح الملمّ بشتّى النواحي الدراسية والمعيشية والحياتية في صلالة مع الأستاذ إبراهيم عباس.

ـ أوّل الأسئلة المطروحة… نودّ أن تحدّثنا عن طبيعة عملك بمعهد العلوم الإسلامية بصلالة ومتى كانت البداية؟

في البداية أرحب بك وبالقائمين على صحيفة أثير، وتشرفت بهذا الحديث الودي، وبتلك المساحة الطيبة..

‎أنا معلم للعلوم الإسلامية، بمعهد العلوم الإسلامية بصلالة، وجذبني مع بداية عملي فيه –قبل ثلاثة أعوام- الفكرة التي تقوم عليها معاهد العلوم الإسلامية بالسلطنة، أعني: ذلك التكثيف في العلوم الثلاثة التي تُعنى مباشرة بالهوية الإسلامية والعربية والوطنية، أعني المواد الشرعية واللغة العربية والدراسات الاجتماعية.. وهو أمر عظيم في قيمته ورسالته..
وحقيقة كما أجد متعتي في التدريس، وأجد –كمربٍ- مسؤولية مهمة وثقيلة في بناء هُوية أبنائنا وأفكارهم وشخصياتهم –وتلك أمور يُقدِّر قيمتها من يرى أن دور المعلم أكبر من مجرد تدريس المعلومة وحدها- فقد وجدت الإفادة العلمية لنفسي في المناهج التي أُعلّمُها؛ خاصة ونحن أمام خمسة أصول شرعية هي القرآن الكريم، والحديث النبوي، والسيرة النبوية، والفقه، والعقيدة.


حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية
حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية

ـ هل وجدت فرقا بين التدريس المصري والعماني أم العكس تماما؟

هذا سؤال مهم، أشكرك عليه.. وإجابته أعمق مما قد تبدو عليه.. فأما عن الاختلافات فهي بالطبع موجودة، سواء في النظم التعليمية، أو طبيعة الشعوب واختلاف عاداتها وتقاليدها.. ومختلفة حتى على مستوى خصائص وسلوكيات الطلاب في المراحل العمرية، وما يلزمها من أساليب تربوية وتعليمية.

الذي يختلف فيه مجتمع معهد العلوم الإسلامية عن باقي التجارب التربوية التي كنت جزءا منها، هو أن المعهد يستقطب المميزين من الطلاب، ولا نبالغ إذا شبهناه بمعسكر طويل لرعاية الموهوبين.

 ولك أن تتخيل ذلك -كمُربٍ ومعلم- أن بين يديك (صفوة العقول والشباب).. لا شك أن ذلك يدفعني دفعا لاستخراج أفضل ما لديّ، كيلا أهدر هذا العدد من كنوز هذا البلد، وكنوز الأمتين الإسلامية والعربية… إن حدث هذا، فتلك جناية كبيرة، ولا أحب أبدا أن يخرج الشباب من بين يدي دون أن يمتلئوا علما وفكرا.

حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية
حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية

هل تأقلمت سريعا مع الزملاء والتلاميذ في بداية عملك في المعهد؟

أما عن زملائي، فالحق أقول، لقد أكرموني أيما كرم، واحتفوا بقدومي احتفاء لم ينقطع مذ وطئت باب المعهد حتى الآن.. والحق أشهد أنني لم أشعر بينهم بساعة غربة ولا اغتراب. وبيننا مناشط عديدة (رياضية وثقافية وترفيهية) داخل العمل وخارجه.

وعن طلابنا، فسأعترف أنني قد واجهت -في البداية- قليلا مما يترتب على اختلاف اللهجات والعادات. خاصة وأننا أمام لهجة تكاد تكون لغة مستقلة، أقصد اللهجة الشحرية (الجبالية).

ومن أطرف ما واجهت في بداية عملي، أنني حين كنت أمزح أثناء الدرس –وأفعل ذلك كثيرا، تحبيبا لهم في الأجواء الدراسية- كنت لا أجد استجابة للمزاح، فلم أدرِ هل الأمر عائد إلى ثقل ظل المعلم أم أن مزاحي لم يكن مفهوما.. لكن سرعان ما تآلفنا، ومن وقتها لم يغلق باب المزاح بينهم وبيني.

حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية
حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية

ـ هل وجدت صعوبة ما في اختلاطك بالناس وعاداتهم.. أصار لك أصدقاء منهم يزورنك وتزورهم من حين إلى حين؟

الآن انتقلنا إلى جانب في الحوار له متعة مختلفة (الأسئلة المجتمعية)، وأشكرك مجددا على سؤالك هذا..
يسعني أن أقول: يا سيدي أنت بين شعب لا يتركك -حتى في لقائك الأول– دون أن يسألك عن نفسك وأهلك وأبنائك وعائلتك التي هنا والتي بمصر، وإن كان البعض قد يعتبر هذا شيئا سلبيا، وخوضا في الخصوصيات، إلا إنني أعتبره رأس المزايا والإيجابيات اقتناعا أن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف.
يكفي أنك إذا أكلت وشربت معهم أو شاركتهم بعض أعراسهم ومناسباتهم العامة والخاصة، رأيت كرما سابغا، وإكراما واضحا.. ترى -بما لا يحتمل شكا- أنك أمام نمط الأخلاق العربية الأصيلة، وأنا منحاز تماما لأخلاقنا العربية، وأفتخر بها، وأرى أنها ميزتنا الأولى في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى حتفه بيديه وتمزيق نسيجه المجتمعي بتغليب الفردية والأثرة.


اندمجتُ في أهل ظفارَ كليا… أكلتُ مَشاكِيكَهُم ومَعَاجِينَهُم وعَصِيدَتَهُم، وشربت نَرْجِيلَهُم وقهوتهم، وتعلمت –قليلا– من هُبُّوتِهِم وبَرْعَتِهِم. وأحيي بتحيهم: (خُبُورْ)، وأجيب حين يحيوني: (خُبُورْ خِيرْ وعافية)..
ولا تنس أن اختلاف جنسياتنا لا يعني إلا أننا وُلدنا في بقع جغرافية مختلفة من (نفس الأرض) التي يجمعها دين ولغة وتاريخ واحد. وما عداه لا أؤمن به حتى ولو أُريد لنا أن نختلف أو أن نتعامل على أساس قومي أو عنصري.


ـ كيف تقضي وقت فراغك.. هل استهوتك المناطق الجميلة المحيطة بصلالة؟ وهل ثمّة أماكن راقت لك؟ أم لك هواجس أخرى؟

حقيقة؛ هذا سؤال يلعب على وتر المشاعر عندي. وكل من حولي يعرفون مدى حبي لصلالة وأماكنها وأهلها. لذلك دعني أستبدل كلمة (استهوتك) بكلمة (أحببت)، وأجيبك: نعم أحببت، وأحببت جدا..

‎في صلالة شوارع بعينها، أجوبها حين أغضب، وأخرى حين أحزن، وثالثة حين أكتب، ورابعة حين أشتاق… ولا أبالغ إن قلت: إن هناك أماكن بصلالة تربط بيني وبين عدد من أحبابي بمصر، رغم أنهم لم يزوروها… فقط أفتح كاميرا الهاتف وأشاركهم… وقريبا أخبرت أحد أحبابي أن شارعا بعينه كلما مررت فيه أتذكره…

حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية
حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية حوار مع معلم جذبته الفكرة التي قامت عليها معاهد العلوم الإسلامية

ـ بما أنّك عضو الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، ومختبر السرد، منظم ومشارك في العديد من المناشط الثقافية والاجتماعية..، هل لك أن تقدّم لنا لمحة عن هذه الأنشطة واللقاءات الأدبية؟

بُعد جديد من الأسئلة، ووتر ذو مقام مختلف.. شكرا جزيلا لهذا التنوع..

دعني أرتبها ترتيبا زمانيا.. فقد شاركت في ورشة القصة القصيرة، المقامة من خلال مجلس إشراقات ثقافية، وبرعاية طيبة من وزارة الثقافة والرياضة والشباب (حسب المسمى الجديد) في بدايات 2020م، وتعلمت بين أهلها كيف أكتب القصة القصيرة، وكيف أغوص في المجال الأدبي.. ثم شاركت في فعاليات عدد من المناشط والمجالس الأدبية والثقافية.. ثم أصبحت عضوا في الجمعية العمانية للكتاب والأدباء فرع محافظة ظفار..
وكلها نوافذ مهتمة بالثقافة الأدبية والمجتمعية، حضرت وعاونت في تنظيم العديد منها، والذي يُعنى بالكتابة والأدب من زاوية، وباللسانيات من زاوية أخرى، وبالعادات والتقاليد الحاضرة والموروثة من زاوية ثالثة…


ـ مبروك انكبابك على إصدار أول مجموعة قصصية، نريد أن نعرف عنوانها وأهمّ المواضيع والهواجس المطروحة فيها…

موضوعات القصص هي ذاتها هواجسي الخاصة التي تربطني بالمجتمع الإنساني عموما، وبالمجتمع الشرقي خصوصا.. فسيجد القارئ الكريم فيها موضوعات تتعلق بمظاهر العدالة الاجتماعية، والتعقيدات النفسانية الإنسانية، والرؤية الكلية للعالم، والعالم الغربي تحديدا ومعاييره ومقاييسه، وما يراد لنا أن نتشربه أو ما يراد منا أن نهمله..

باختصار، تشغلني فكرة الإنسانية عموما، وفكرة استقلالية عقولنا في تفكيرها، ومجتمعاتنا في ممارساتها وسلوكها خصوصا…

ويؤسفني أن أرى ذلك السباق المحموم في تبني معايير ورؤى لا تمثلنا، وهذا أيضا أكتبه، وأتناوله في المعالجات القصصية.

وأرجو أن ترى المجموعة القصصية النور قريبا، وأن تليق بما أستهدفه، وبذائقة القارئ الكريم في ذات الوقت.

Your Page Title