أثير – ريـمـا الشـيخ
أن كنت من رعاة تربية المواشي والأغنام، أو تمتلك كلبًا في منزلك، فعليك الانتباه عزيزنا القارئ، قد تصاب بمرض البروسيلا، الذي لوحظ انتشاره في الآونة الأخيرة بولاية صحم.
وفي سطورنا القادمة سنتعرف عن سبب هذا المرض وأعراضه.
حول هذا الجانب قال الدكتور إبراهيم خلف البوسعيدي ،استشاري أول أمراض معدية بمستشفى جامعة السلطان قابوس، خلال حديثه مع ”أثير“ بأن مرض البروسيلات أو البروسيلا هو مرض حيواني سببه بكتيريا تسمى البروسيلا التي تنتقل من الحيوان للإنسان بعدة طرق من ضمنها تناول منتجات حيوانية من حيوان مصاب كالألبان والاجبان والحليب، وفي بعض الحالات النادرة يتم انتقال هذا المرض عن طريق الاتصال المباشر مع الحيوان المريض أو استنشاق جزيئات البكتيريا المتطايرة في الغبار أو الهواء أثناء التعامل مع الحيوانات المصابة.
وقد انتشر هذا المرض في القديم أيضًا، حيث حمل عدة مسميات كالحمى الشرق أوسطية أو الحمى المالطية أو مرض الحيوان، ويعد من مشاكل الصحة العامة في الدول اللتي ينتشر فيها المرض مثل إيران وتركيا وبعض المناطق في الشرق الأوسط و شرق أوروبا وغيرها من دول العالم.
وأضاف: البكتيريا المسببة لمرض البروسيلا عبارة عن بكتيريا تتواجد في الأعضاء التناسلية للحيوان، مسببة عدة أعراض للحيوان المصاب من ضمنها الإجهاض وعدم الإنجاب حيث تُفرز هذه البكتيريا في الحيوان المصاب بنسبة كبيرة جدًا في الحليب وفي البول وأيضًا في الأغشية والأنسجة المشيمية .
وأوضح الدكتور بأن هناك ما يقارب 8 أنواع من من فصائل هذه البكتيريا، ولكن هناك أربع أنواع شائعة وتسبب التهاب ومرض شديد للإنسان وهي البروسيلا المالطية ”مليتنسيس“، وغالبًا يكون مصدرها الخروف أو الماعز وهي أكثر نوع شائع في سلطنة عمان، البروسيلا المجهضة ”أبورتوس“ ويكون مصدرها الأبقار، البروسيلا الخنزيرية ”سويس“ وسببها الاختلاط مع حيوان الخنزير، أما الرابعة فهي البروسيلا الكلبية ”كانيس“ ومصدرها الكلاب، وهناك أنواع كثيرة من الحيوانات في الحياة البرية مثلًا بعض أنواع الدببة والخنازير البرية قد تكون مصدر لهذه البكتيريا، ولكن بالطبع لا تتواجد هذه الحيوانات بكثرة في بلدنا وليس لنا تعامل مباشر معها.
وأكد الدكتور بأن السبب الرئيسي لانتشار هذا المرض في سلطنة عمان هو شرب الحليب أو تناول الأجبان ومنتجاتها مصدره حيوان مصاب الغير مطبوخة أو مغلية جيدًا أو بدون بسترة هذه المنتجات، وبالتالي فإن البكتيريا قد تعيش في هذه المنتجات لفترة طويلة، وعندما يتناولها المريض ستكون هناك فترة حضانة بين دخول البكتيريا للجسم وظهور الأعراض و التي تتفاوت مدتها من خمس أيام إلى ستين يومًا، وأحيانًا تطول فترة الحضانة إلى أشهر في بعض الحالات، أي أن المريض قد يتناول الحليب أو الأجبان أو أي منتجات حيوانية غير مبسترة أو مطبوخة جيدا وتظهر الأعراض بعد أشهر، حيث تم تسجيل حالات أصيبت بالمرض بعد أشهر من تناول المواد الحيوانية الملوثة.
أما عن أعراض المرض فقال: من أهم أعراض مرض البروسيلا هي الحمى الشديدة التي تأتي بطريقة تدريجية للإنسان ويصاحبها تعرق خاصة في الليل، وأيضًا آلام في العضلات، صداع، تعب وإرهاق، فقدان الشهية، وفقدان شديد للوزن في بعض الحالات، وهناك مضاعفات وتعقيدات قد تحدث لهؤلاء المرضى حيث أن الالتهاب ينتقل إلى المفاصل أو العمود الفقري، وفي بعض الحالات يصاب المريض بالتهاب في السحايا وقد يتكون صديد في بعض المناطق في الجسم، وقد يصاحب هذه الأعراض التهاب في الخصية عند الرجال، والتهاب في صمام القلب، وتضخم في الطحال والكبد، وهذا يحدث في الحالات التي لم يتم علاجها مبكرا.
وذكر الدكتور بأن كل الفئات العمرية معرضة لهذا المرض، وليس هناك استثناء، ولكن المرضى كبار السن أو ذوي نقص المناعة قد يكونوا أكثر عرضة لهذا المرض ومضاعفاته.
وتطرق الدكتور بالحديث عن تشخيص المرض، فأوضح بقوله: يتم تشخيص مرض البروسيلا عن طريق التاريخ المرضي وفحص المريض، وهناك أكثر من فحص قد يمر به المريض لتأكيد تشخيص الإصابة به، مثل فحص ”مزرعة الدم“ والذي تظهر نتائجه خلال خمسة أيام من تجميع العينة، كذلك فحص فحص ”الاليزا“ وهو فحص دقيق جدا، والفحص الأخر هو الفحص الـ ”بي سي آر“ أو فحص البلمرة، وهو فحص متخصص يؤخذ من الدم أو من أنسجة الأعضاء المتأثرة بالمرض ويتميز هذا الفحص بدقة عالية جدا في تشخيص المرض.
وأضاف: عندما يتم تشخيص أي مريض في السلطنة بمرض البروسيلا يتم إصدار تقرير عن الحالة بحيث يتم اتخاذ الإجراءات عن طريق وزارة الزراعة والثروة السمكية والحيوانية وموارد المياه ووزارة الصحة؛ لتتبع الحالات وزيارة المناطق التي يتم فيها إعلان الحالة، بحيث يتم زيارة البيت أو المزرعة أو المنشأة لفحص الحيوانات عن مرض البروسيلا، وإذا أصيبت هذه الحيوانات يتم اتخاذ إجراءات معينة لحماية الأفراد والحيوانات الأخرى من هذا المرض.
أما عن العلاج، فقال الدكتور: يتم علاج البروسيلا بمضادات حيوية مثل دوكسيسايكلين ورفامبيسين وفي بعض الحالات الشديدة والمعقدة يضاف مضاد وريدي وهو جنتاميسين، ونادرا تتطلب بعض التهابات المفاصل العمود الفقري تدخل جراحي مع المضاد الحيوي وهذا يتوقف على طبيعة الالتهاب والحالة المرضية للمريض.
وأضاف: تتراوح مدة علاج البروسيلا من 6 أسابيع إلى 3 أشهر وأكثر في بعض الحالات، ويتم علاج هذه الحالات إشراف طييب متخصص في الأمراض المعدية أو الطب الباطني.
ولكي تحمي نفسك عزيزنا القارئ من مرض البروسيلا، كل ما عليك فعله هو اتباع ما قاله الدكتور إبراهيم البوسعيدي، في ختام حديثه مع ”أثير“: يجب القيام بالتحصينات اللازمة للحيوانات لمنع إصابتها بهذا المرض، كذلك أخذ الاحترازات عند التعامل مع الحيوانات المصابة وذلك بعدم تناول أي منتج حيواني سواء من الأغنام أو الأبقار أو غيرها بدون طبخ أو غلي منتجاتها جيدًا أو بسترتها، وأيضًا لبس القفازات والكمامات أثناء فحص الحيوانات.