خاص-أثير
كشف المخرج السوري القدير نجدت أنزور بأن هناك اتجاها لإنتاج عمل تاريخي ضخم جدا بالتعاون مع تلفزيون سلطنة عمان، مشيرا إلى أن هذا العمل سوف يؤرخ لتاريخ السلطنة العريق “التي كانت وما تزال منارة فكرية وثقافية غنية بالآثار، وبالشعب الذي يتفوق على كل شعوب العالم بأخلاقه المميزة” على حد تعبيره.
وتطرق أنزور في حديث شامل ومطول مع “أثير” إلى الدور الذي لعبته السينما في رصد واقع تطورات الأوضاع والأحداث التي شهدتها سوريا، والصعوبات التي واجهها العمل الدرامي السوري في نقل حقيقة هذه الصورة وتوثيقها، ناهيك عن المشاكل التي يواجهها في التسويق.
وقال بأن فيلم “دم النخل” كان له صدى كبير لدى الجمهور السوري والعربي عندما عُرِض في عدة بلدان عربية، مشيرا إلى أن التسويق الآن مستحيل خصوصا أن أي عمل وطني فيه العلم السوري والجيش السوري لا يتم تسويقه بشكل تجاري، فهذا من ضمن الحصار الفكري والاقتصادي المفروض على سوريا.
وأضاف قائلا “هذا العمل شاهده الآلاف من المشاهدين بكل المحافظات السورية، ونجاحه يعود إلى موضوعية الطرح. “نحن نعلم أن انتصارنا في المعركة لا يقضي على الفكر إطلاقا، فهي معركة طويلة ومستمرة، وبحاجة إلى طرح فكر بديل، فعليك أن تكون جاهزا لطرح كل الأفكار البديلة لكي تتخلص من هذا الفكر التخريبي الظلامي، آثار تُدمّر لم تعنِ لهؤلاء الإرهابيين شيئًا فدمروها، وسرقوا القطع التي يستطيعون حملها، أما الأشياء الضخمة الكبيرة، فقاموا بإتلافها وتفجيرها” مؤكدًا أن الفن يستطيع توثيق هذه المراحل التي يمر بها أي بلد في العالم، فالأوروبيون أيضا وثقوا لكل الحروب التي مرت في بلدانهم.
وأكد المخرج السوري بأن هذا التوثيق مهم للأجيال القادمة، وأن السينما وثيقة مهمة جدا إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح. مشيرا إلى أنه تم إنتاج أفلام في هذه المرحلة رغم صعوبة العمل تحت القصف والظروف العسكرية التي مرت في سوريا، حيث كان هناك دافع داخلي لتقديم موضوعات جدلية، والتركيز على آثار الحرب على المجتمع السوري.
وقال أيضا: أنتجنا أيضا عملا عن حصار سجن حلب وهو فيلم “رد القضاء”، وتم عرضه على شاشات التليفزيون لعدة سنوات، مشيرا إلى أن هذا الفيلم تميز بأنه تناول حصارا قاسيًا جدا حيث منعوا عنهم الأكل والشرب، وكل متطلبات الحياة، وتشارك المساجين مع الحامية التي تحمي السجن، وحملوا البندقية للدفاع عن السجن وكأنه الوطن، وهذه هي الرسالة الكبيرة التي حاولوا إيصالها من خلال الفيلم.
وأوضح في حديثه لـ “أثير”: تنظيم الدولة الإسلامية كان لديه شعار يفتخر فيه ونحن طرحنا اسم فيلم معاكس تماما “فانية وتتبدد” بدلا من”راقية وتتمدد” وهو شعارهم. وأيضا استطعنا تقديم الكثير من الأفكار التي تفرق بين الإسلام الصحيح والإسلام المتطرف الذي يحاول النيل من سيادة أي بلد. وبالفعل التنظيم حارب بالكاميرا، وصور إعدامات بشكل هوليودي، لكن كاميرا السينمائي السوري وقفت وربحت المواجهة، وكان لدى التنظيم دعم غربي ومخرجين ساعدوهم لكن بالنهاية، لا يصح إلا الصحيح، فنحن أنتجنا قصصا لم تأت من فراغ أو خيال ولجأنا إلى الواقع، ونقله بحذافيره بدون أي إضافات أو رتوش.
وذكر أيضا ” لقد أنتجنا دراما أقرب إلى الوثيقة، وتم الاستعانة بالكثير من المعلومات من خالد أسعد عالم الآثار السوري- رحمه الله – الذي كان الوحيد يتكلم ويكتب اللغة التدمرية، ونحن استطعنا أن ننتج هذا الفيلم بإمكاناتها المتواضعة وذلك كان له أثره الكثير على العمل ،وشاركنا به في الكثير من المهرجانات، ولم يلاقِ أي رفض لأنه كان يحتوي على قيمة، والغرب يقدر أيضا قيمة الآثار والتاريخ.
وحول مستقبل الدراما السورية قال لـ “أثير”: تربعنا على عرش الدراما لعشر سنوات لكن الظروف هي التي فرضت التراجع الآن على مستوى الإنتاج، وعلى المستوى النوعي ما زال هناك أعمال سورية مميزة، وهناك حصار ثقافي وإعلامي واقتصادي، بالإضافة إلى الحصار السياسي، وللأسف بعض الدول الشقيقة حاولت تخريب الدراما السورية من خلال أعمال مدبلجة تركية ومكسيكية، وأعمال هجينة يأتون من خلالها ببطل سوري ولبناني وممثل خليجي ومصري، ليبدأ بعمل هذه الأعمال الهجينة التي تفتقد في الأساس إلى الروح القومية التي كانت تميز الدراما السورية، لكن رغم كل الحصار ما زلنا ننتج ونحن بانتظار أن تتغير الظروف السياسية، وتعود الدراما السورية مرة أخرى.
وحول دوره كعضو في مجلس الشعب السوري قال: في سوريا كلنا متأثرون بما حدث والسياسة جزء من حياتنا، ومصير البلد أيضا، ولقد اخترت الدخول إلى مجلس الشعب كي أستطيع أن أعبر ليس فقط بالأدوات السياسية، ولكن بطرح أفكار جديدة، وتوفقنا في ذلك خاصة في عملنا في الدبلوماسية البرلمانية، في مؤتمرات دولية تحدثنا فيها بحرية أكبر عن مشاكل مجتمعنا، وما يعانيه نتيجة هذه الحرب على الإرهاب، وكانت تجربة ناجحة جدا ومستمرة إلى الآن، وما زلت مستمرا في عضوية مجلس الشعب، كي أؤدي دوري، ونأمل أن تتحسن هذه الظروف، كي نستطيع أيضا أن نعيد العلاقة للدراما السورية، والسياسة اليوم جزء أساسي من حياة المواطن السوري.
وحول حال الدراما العربية بعد انتشار مقاطع الفيديو اليوتيوب وهل يمكن أن يكون ذلك بديلا عن التليفزيون أجاب: “هي فورة” ستنتهي، والدراما العربية لا يمكن أن نقول بأن كلها سيئة، هناك بعض الأعمال الجيدة التي توفر لها الإنتاج الصحيح، بعض الأعمال المصرية خلال العامين الماضيين كانت مميزة، ونتطلع إلى إنتاج قيمة إنتاجية كبيرة نعبر من خلالها عن تقديم أفكار جديدة، لكن ما في شك الدراما العربية تطورت، ودخل إليها جيل من الشباب يستطيع أن يستوعب هذا المخاض، وأن يأتي بشكل جديد للدراما العربية.
وأعرب المخرج الكبير عن سروره البالغ بوجوده في سلطنة عمان، مشيرا إلى أنه التقى بالعديد من السينمائيين العمانيين، وأكد أهمية أن يكون هناك سينما موجودة بشكل دائم، وأهمية دور الشباب فيها، قائلا: أنا أؤمن بالشباب وطاقتهم، ومن خلال عملي في المعهد العالي للسينما في سوريا اكتشفت أن جيل الشباب متعطش ولدينا جيل شباب سوري وفتيات متميزون.
وقال إن الكاميرا هي الأداة التى يعبر من خلالها المخرج وأي سينمائي فهي مثل الريشة بالنسبة للتشكيلي. وأضاف “الإضاءة والكاميرا هي أدواتنا في التعبير، لذلك يجب أن تحتل المرتبة الأولى، وأحيانا أستغني عن الحوار من خلال اللقطة المعبرة، فأنا أؤمن بأن اللغة السينمائية أي اللقطة، هي أرقى اللغات في العالم، وهي اللغة التعبيرية التي من خلالها تستطيع أن تعرض فيلمك في كل أنحاء العالم، ولكل اللغات، فالكاميرا في هذه الحالة هي التي تتكلم، وتقوم بإيصال الفكرة المطلوبة.
وختم أنزور حديثه المطول مع “أثير” بالحديث عن مستقبل الدراما الخليجية والعمانية قائلا: “هي تتطور، ولو عملنا مقارنة قبل عشر سنوات سوف نجد أن الفرق كبير جدا، ونوعية الأعمال يحكم عليها المشاهد الخليجي، فهو أقرب للموضوع، وأرى أن هناك تطورًا وإيمانًا من المسؤولين بأهمية الدراما، فهي تبني ولا تهدم، وطالما أن هناك اهتمامًا فهذا أمر جيد، ويجعلني متأكدا أن الأمور ستكون ممتازة”.
#أثير| السينما كانت أهم وسائل توثيق الواقع السوري مع المخرج السوري القدير #نجدت_أنزور وتفاصيل عن عمل تاريخي عماني ضخمhttps://t.co/PyTohJQfEc
— أثيـر | Atheer.om (@Atheer_Oman) October 20, 2022
#أثير| السينما كانت أهم وسائل توثيق الواقع السوري مع المخرج السوري القدير #نجدت_أنزور وتفاصيل عن عمل تاريخي عماني ضخمhttps://t.co/PyTohJQfEc
— أثيـر | Atheer.om (@Atheer_Oman) October 20, 2022