فضاءات

من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية

قرّاء عُمانيون يحكون عن تجربتهم مع القراءة
قرّاء عُمانيون يحكون عن تجربتهم مع القراءة قرّاء عُمانيون يحكون عن تجربتهم مع القراءة

أثير-مكتب أثير في القاهرة
إعداد: محمد الحمامصي


قال د.خالد عزب في دراسته الصادرة أخيرا عن اتحاد الناشرين العرب بعنوان “قراءة القراءة في الوطن العربي.. الاتجاهات والميول” بأن وجود دراسات مسحية يمكن الاعتماد عليها لبناء رؤية لاتجاهات القراءة الرقمية في الوطن العربي أمر مستحيل لأسباب عديدة، وما يمكن أن يكون متاحًا هو مؤشرات تعتمد على استقراء واقع القراءة الرقمية في الوطن العربي، وهذه المؤشرات تحاول الاعتماد على أرقام ومعطيات تؤدي إلى تحليلات قد تقود لفهم أين تتجه العقول العربية وفيما تفكر.

وأضاف: لا شك أن هناك فوضى في الفضاء الرقمي العربي، وهذه الفوضى سمة في كل الثقافات، لكنها في الفضاء العربي أعلى درجة من غيرها بمراحل، إذ يصعب في هذا الفضاء المفتوح وضع قيود أو ضوابط، لكن هناك خللًا مؤسسيًّا عربيًّا جعل من هذه الفوضى تتصاعد، نتيجة الانحسار أو محدودية دور المؤسسات الثقافية العربية في هذا الفضاء، ونستطيع أن نقرر باطمئنان أن 90% من المحتوى الثقافي العربي على شبكة الإنترنت الآن صناعة فردية أو صناعة مجموعات ومراكز خاصة أو صناعة من خارج النطاق العربي.

وتوقف عزب في دراسته مع حالة القراءة في الدول العربية كل دولة على حد، وقد تساءل: ماذا يحدث إذًا في فضاء القراءة العربي؟ مؤكدا أن الدراسات التي تهتم بالقراءة في الوطن العربي واتجاهاتها قليلة جدا، لكن هناك دراسة جيدة قامت بها مؤسسة محمد بن راشد عام 2016، حيث قدمت مؤشرًا للقراءة العربية في عام 2016، اعتمدت على عينة قوامها 145 ألف مواطن، وذهبت الدراسة أيضًا إلى ارتفاع معدل القراءة عن الأرقام السابقة عليها.

من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية
من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية

وقال عزب “إذًا من أين أتت هذه التحولات؟ أتت هذه التحولات من عدة أسباب هي على النحو التالي: أولا انتشار التعليم النظامي في المنطقة العربية منذ الخمسينيات من القرن العشرين، وانتشار التعليم بغض النظر عن جودته في تصاعد مستمر عربيًّا، خاصة مع انتشار الجامعات، فضلًا عن المكتبات العامة. ثانيا نشأة طبقة من المتعلمين والكُتاب والتي صاحبها نمو مطرد في النشر الحكومي / الخاص في المنطقة العربية. ثالثا زيادة أدوات المعرفة، فتلقي المعرفة تعددت أدواته من الإذاعة والتلفاز والإنترنت والصحافة والمجلات، هذه الآفاق المتعددة آتت ثمارها عربيًّا. رابعا مبادرات تشجيع القراءة، ولعل أبرزها عربيًّا مشروع تحدي القراءة العربي الذي أطلقته دبي، ومحليًّا مكتبة الأسرة في مصر والأردن، وعام القراءة 2016م في الإمارات. خامسا تقديم المكتبات الرقمية أوعية جديدة للقراءة أتاحت الكتاب في المناطق المحرومة من المكتبات.

من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية
من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية من بينها سلطنة عمان: دراسة تتبع حالة القراءة في الدول العربية

ولفت عزب إلى أن معوّقات نمو القراءة عربيًّا تتمثل أولا في عدم وجود سياسات تزويد مستدامة واضحة من المكتبات العامة في الوطن العربي. ثانيا عدم كفاءة العاملين في المكتبات العامة في الوطن العربي فلا نجد لهم دورًا في جذب القراء ومتابعتهم. ثالثا تراجع برامج الكتب ونقدها في محطات التلفاز والإذاعات العربية بصورة كبيرة، وأكبر مؤشراتها إلغاء قناة الجزيرة برنامج “الكتاب خير جليس”. رابعا تدني المحفزات والمشاريع الوطنية للقراءة، وإلغاء حصة المطالعة والقراءة في معظم المدارس العربية. وعلى الرغم من هذه المعوقات فإن العديد من المؤشرات تقودنا إلى فهم واقع القراءة في الوطن العربي ومن هنا سنذهب إلى حالة القراءة في بعض الدول العربية، حيث سيتم التركيز على الكتاب الورقي وقراءته، وسنفرد لاحقًا قسمًا للقراءة الرقمية، إذ لا يخضع ذلك لمعطيات التعليم والرسوخ الثقافي للدولة فضلاً عن توافر البيانات التي تقدم لنا معطيات يمكن من خلالها إعطاء مؤشرات حول القراءة.

وحول القراءة في سلطنة عمان قال عزب “في عام 2015 قام الكاتب العُماني سلطان بن خميس الخروصي بالتعاون مع صحيفة الرؤية باستطلاع رأي حول القراءة في عُمان، من خلال عينة من 603 مواطنين ومواطنات، %70.2 من الذكور و29.8 من الإناث، 4 % منهم أقل من 18 %، ومن أعمارهم بين 19 – 49 نسبتهم كانت 94.3%، وأكبر من 50 سنة بنسبة 7.1%، وجاءت محاور الاستطلاع كما يلي: أولا حب القراءة: 87.2 % أجابوا بنعم، و10 % بلا، بينما امتنع 2.8 % عن الإجابة. ثانيا هل تتبع برنامجًا قرائيًّا منتظمًا “يوميًّا، الصحف، الكتب… إلخ”: أجاب 32% بنعم 66 % بلا، بينما امتنع 1.8% عن الإجابة. ثالثا معدل القراءة السنوي: أقل من ساعة 15.3%، ومعدل 1 – 2 ساعة بنسبة 15.5%، ومعدل من 3-4 ساعات بنسبة 9%، ومعدل 5-6 ساعات بنسبة 7.7%، ومعدل 7-8 ساعات بنسبة 5.2%، ومعدل 9-10 ساعات بنسبة 6.4%، ومعدل أكثر من 10 ساعات بنسبة 40.6%. رابعا الدافع نحو القراءة: جاء عامل الاطلاع واكتساب المعرفة بنسبة 2.7%، وعامل الاستمتاع والتسلية بنسبة 42.1%، وجاء عامل القراءة بسبب التخصص في العمل بنسبة 34.6%، وجاء عامل كسب مكانة بين الزملاء والمجتمع بنسبة %13.1، وأتت عوامل أخرى بنسبة 20.8%. خامسا مكان القراءة: المنزل بنسبة %83.2، في العمل بنسبة 45.1%، في المواصلات بنسبة 12.1%، في المكتبات العامة بنسبة 4.8%، في مكتبة المسجد والمدرسة والكلية بنسبة 21%.

ورأى عزب أن هذا الاستطلاع بالرغم من مرور سنوات عليه إلا أنه يعكس واقعًا لم يختلف كثيرًا سوى بإضافة القراءة الرقمية التي هي فعل منتشر نسبيًّا في سلطنة عُمان، فالقراءة الرقمية حاليًّا تزاحم الورقية، بحيث يكاد أكثر من نصف القارئين في السلطنة يتجهون لها بنسب متزايدة، لكن من مصادر غير عُمانية.

وأكد أن تعدد الجامعات في سلطنة عُمان وبالتالي ارتفاع نسبة التعليم أدى إلى حالة قراءة معقولة، لكن ضعف حركة النشر في السلطنة بما لا يتناسب مع حركة التأليف والإبداع العُماني مع عدم توافر شبكات قوية لتوزيع الكتاب من أكبر معوقات القراءة.

Your Page Title