الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن

الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن
الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن

أثير – مكتب أثير في تونس
حاورها: محمد الهادي الجزيري


احترت في تقديمها ولم أجد لها إطارا جامعا، فهي شعلة متّقدة حماسا ومعرفة وأدبا، زد على ذلك انتمائها إلى بلدين من أعرق بلدان العرب والإنسانية، فهي متحصلة منذ أشهر قليلة على الجنسية العُمانية وهي منحدرة من أمجاد اليمن السعيد، دون أن أنسى مناقشتها لأطروحة دكتوراه مؤخّرا، أيّ يوم 26 يناير 2023 في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ونيلها لها، ضيفتنا اليوم الدكتورة غالية عيسى:

– أتسمحي لي بأن أقدّم التهنئة على حصولك الجنسية العُمانية سنة 2022، أي قبل أشهر قليلة، بعد عشرين سنة من الإقامة في عُمان، ما هو شعورك بهذا التشريف؟

الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن
الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن


بخصوص اليمن الغالي فهو المهد الأول الذي سيبقى في حنايا الروح، هو طفولتي وتاريخي وذاكرتي وجذوري، ولا تُثمر الأوراق إلاَّ بالجذور، فأنا “شجرةٌ وظلٌ ممدود” من اليمن إلى عُمان، وكما أقول دائمًا:

عُمان واليمن عيناي لا تتضح لي رؤية الحياة إلا بهما معًا، لطالما أشبههما دائما بقوله تعالى: “ذريةٌ بعضها من بعض”. فالارتباط بين اليمن وعُمان في شخصية غالية عيسى ليس إلَّا امتدادا للَّتاريخ المشترك بينهما: الأحقاف، حضارة أرض الُّلبان، قبائل الإزد التي هاجرت بعد انهيار سد مأرب، وسلسلة الجبال الممتدة جغرافياً من ظفار إلى حضرموت.

كما أن وجودي وانتمائي لا يقتصر على اليمن وعُمان فحسب؛ فكل بلاد العُربِ أوطاني، حبٌ ممتدٌ من المحيط إلى الخليج، لطالما تربينا على القومية العربية، والإيمان بالقضية الفلسطينية ومناصرتها وأحلام الوحدة العربية.

الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن
الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن


بخصوص الدكتوراه، فأنا -بفضل الله- تخرجت وناقشت أطروحتي بتاريخ 26 يناير 2023 بعد أربع سنوات بالتمام والكمال من يوم تسجيلي للدراسة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وعنوان أطروحتي :(الخطاب الوجداني في القرآن الكريم دراسة تحليلية أسلوبية) وإن كنت بعد المناقشة والتداول مع أساتذتي المناقشين للأطروحة، سأقوم بتعديل العنوان إلى: (البناء الأسلوبي ودلالاته في الخطاب الوجداني للقرآن الكريم)، وبفضل الله وتوفيقه أُجيزت الأطروحة مع ترشيحها للجائزة.

الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن
الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن

تعيّنتُ معيدة في جامعة عدن عام 2000م، بعد انتقالي إلى عمان توقفت عن العمل لسنوات طويلة، تفرغت فيها لدور الأمومة وتربية أطفالي، ثم عدت إلى مقاعد العمل، في سلطنة عُمان من خلال التحاقي بالتَّدريس في بعض مدارس محافظة مسقط التابعة لوزارة التربية والتعليم. إلى أن قررت العودة إلى مقعد الدراسة من جديد، واستكمال برنامج الدراسات العليا، وكانت الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا هي وجهتي.

– خبرة طويلة قضيتها معيدة في كليات ومعلمة في مدارس، مع إضافة مشاغلك العلمية، فكيف وفّقت في هذا الإنجاز؟، هل لك أن تحدّثينا عن الصعوبات التي واجهتها في طريقك؟

بالنسبة للصعوبات فهي طبيعية لكلّ من يقرّر أن يكون باحثًا، خاصة إذا كان البحث في كتاب الله (القرآن الكريم) ليس لصعوبة القرآن؛ ولكن بسبب الوعي بالمسؤولية تجاه هذا الكتاب العظيم وقدسيته التي تتطلب الحرص الشديد بحيث لا تدوَّن أي معلومة إلاَّ بعد فحصها وتمحيصها والتأكد من دقتها واليقين التام بصحتها.

وقد واجهت صعوبات أخرى عند السفر إلى ماليزيا كوني امرأة وأم عاملة أيضًا، لكن كلّها كانت بمثابة تحديات يجب مواجهتها واجتيازها، بل والانتصار عليها، والآن صارت كلّها ذكريات من الماضي، وبقي أثرها التعليمي في حياتي، فالعقبات والعثرات بكل متاعبها محطات صحية ورائعة تعطينا القوة وتمنحنا دروساً تفيدنا خلال مسيرة بقائنا على الأرض.

– كيف تقيّمين طبيعة العمانيين بعد 20 سنة من الاحتكاك بهم؟ وهل تشتاقين إلى اليمن لماما، وتذكرين أيام الشباب والطفولة؟

عمان صباحات السُفن على تنغيمةِ البحر، رفيف أجنحة النوارس على الشواطئ، أسواق الزخارف والحُلي، عبق الُّلبان، رائحة الزعفران، سحر الأصالة، أبواب القلاع، شموخ الجبال، عطاء النخيل، ابتسامة الصيَّادين، حديثُ الشِباك، قوارب الفجر، سفر الغروب. عمان الثقافة والفن والجمال، سمفونية الأوركسترا السلطانية، دار الأوبرا، جمعية هواة العود، ومركز الموسيقي العمانية التقليدية، جمعية الكتاب والأدباء العمانيين، النادي الثقافي، الصالونات الأدبية، ومراكز التعليم والتأهيل والتدريب، الجامعات والمعالم والموروثات ، وجامع السلطان قابوس الأكبر، عمان مجلة نزوى، جريدة عُمان، صحيفة أثير، جريدة الوطن، جريدة الرؤية والمواقع الثقافية الأخرى.

الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن
الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن الدكتورة غالية عيسى.. نهرٌ يَربط بين عُمان واليمن

عمان تعني لي عشرين عامًا من حياتي الهانئة والمستقرة، تعني زوجي وأبنائي الأربعة، وأهل زوجي الطيبين، تعني ابتسامة طالباتي وتعاون زميلاتي في العمل، وتعني لي صديقتي المقربة الدكتورة إسمهان الجرو.

أما اليمن  فهي تلك الجنية المتمردة التي تمزقني شوقًا، وكلما بخرتها باللبان نفخت في روحي جمر الحنين. هي من تعثرت بضوئها وعثرت على ظلي، وحين أطلقت الحرب صفارتها اختنق ضوؤها وضاع ظلي.

اليمن ذاكرتي وتاريخي، أهلي وجيراني وأصدقاء الطفولة والصِّبا، هي بداية تأسيس شخصيتي وهي الريشة التي رسمت بالحب ملامحي حتى أنني أتذكرها وأقبلها كلما نظرت إلى مرآتي بفرحٍ تارة، وتارةً بحزنٍ وبكاءٍ شديدٍ.

– مسقط وعُمان حافلتان بالمناظر الطبيعية المريحة، فهل بحت لنا ببعض الجهات التي تأوين إليها للاستجمام وراحة البال؟

عمان بلد ثرية جدًا بالطبيعة الخلابة، ساحرة، متعددة ومتجددة، ولأنني أقيم في مسقط؛ فالبحر صديقي القريب، حين تتجلّى ثنائية الزرقة بين البحر والسماء تغمض مسقط عينيها ويسكت الضجيج في الطرقات، على شاطئ البحر في مطرح، ترى السفن الراسيات بشموخهن وأشرعتهن التي تسافر مع الريح في ثبات، سفنٌ ضخمة وجميلة أبدع في صنعها العمانيون منذُ القِدم، وحين نذهب إلى القرية أفرغ ذاكرة الألم وكل ما يوجع روحي بين النخل الباسقات وهنّ يطاولن أعنان السحاب، وهناك الجبل الأخضر، وجبل شمس، وخريف ظفار، والرمال الكثيرة البديعة، والمزارع والواحات الغناء.

– ونحن في حضرة شاعرة وأديبة وناشطة اجتماعية، نودّ أن نحظى بفقرة من آخر ما كتبت من شعر؟

مقطع من قصيدة (ابنة الفلاح)

أنا ابنةُ الفلاّح
الذي ماتَ بلا أرضٍ
أنا التفاحةُ
التي تركها الفلاَّح
على أرضٍ بورٍ
ينخرها الدود
وتسكنها الرِّياح
أنا المطرٌ الذي يستعصمُ
في زلاَّتِ الليلِ
يحبس قطراته
في غيمته المجنونة
يبقى قرب القمر وحيداً
ناسكةٌ أنا
ولكنني أتجول
في طرقات الليل
أشمُّ رائحة المتسولين
المشردين
والعراةٍ النائمين
قرب أوجاعهم










– هل لديك كتاب جديد، وهل ستنشرين بحث الدكتوراه قريبا؟

لدي مجموعة قصصية قيد الطباعة، وأطمح بأن أطبع أطروحة الدكتوراه وأنشرها؛ ليستفيد منها القرَّاء والمهتمين في أقرب فرصة ممكنة بإذن الله وتعالى.

Your Page Title