أثير- موسى الفرعي
من حيث لا تدري تهبط عليك أخبار الموت كالصواعق دون أن تطرق عليك الباب أو تشعرك بذلك، كم هو مؤلم هذا الرحيل الأبدي عن هذا العالم المادي، والذي قد لا يشكل وجعا للراحلين غير أن الذكريات التي يخلفونها في دواخلنا أشبه ما تكون بمئات الخناجر التي تتراقص بداخلنا.
رحل عبدالعزيز الخروصي بإخوته وإنسانيته ووطنيته العالية، رحل وترك الكثير من المشاهد التي تؤكد وجع الرحيل، قبل رحيله كان دائما ما يخبرني بتفاصيل مرضه وسفره ومراحل علاجه، وكان آخر ما قاله لي بأنه نجا بفضل الله من الجلطة التي أصابته ورقد على إثرها في العناية المركزة، وكان يحدث نفسه بحديث منبعه الولاء والحب الخالص للسلطان قابوس بن سعيد رحمه الله وجلالة السلطان هيثم بن طارق أبقاه الله وأنا على حد تعبيره كنت ضمن ذلك المشهد، وقال سأخبرك بالقصة حين نلتقي، لكن عبدالعزيز الخروصي رحل ليترك للغيب بتراجيدية كاملة فصول القصة التي كان ينوي أن يرويها، تاركا كل الاحتمالات مفتوحة لتخييل ما كان يمكن أن يكون من حديثه بناءً على معرفتي العميقة بولائه ووفائه لهذا البلد العظيم وقيادته.
كل شيء يمكن أن أتخيله إلا غيابه وفقده العظيم؛ فهو الواقع المعاش والأكثر إيلاما، فليس في هذا الغياب شيء أكثر قسوة من رحيلك الأبدي أيها الصديق، لا يمكن أن نتقبل فجأة غياب ابتسامتك الدائمة وحديثك الوطني العالي، إننا لا نتقن فن النسيان حين نكون في حضرة ما يتركه إنسان مثلك، ولست أدري إن كانت الكتابات تسهم في تكوين العزاء رغم أن العزاء الأكبر فقط هو أنك الآن في عالم أفضل من عالمنا وفي جوار خير من جوارنا، هل نقول وداعا إذًا؟ إذا كان المحبة أبسط من هذه الحياة وتعقيداتها، لأن من نحب يظل بعد الغياب ساكنا في حواسنا، ومرتبطا بالمكان والإنسان، لذلك كي ننساك علينا أن نتخلص من كل شيء، إذًا لا معنى لأن نقول وداعا، بل نسأل الله جل في علاه أن يجمعنا على خير بمحبته وعفوه الكامل.