أبجد

العالم بعيون امرأة (١)

العالم بعيون امرأة (١)
العالم بعيون امرأة (١) العالم بعيون امرأة (١)

سعدية مفرح

كرسي للبوح تحت لافتة “العالم بعيون امرأة “؟

يا له من إغراء يفضي بالمرء لأن يتخيل نفسه ممدداعلى ذلك الكرسي المريح الذي كنا نشاهده في غرفة الطبيب النفسي في الأفلام العربية، حيث تستلقي عليه البطلة لتحكي للطبيب من بين دموعها السخية حكايات مستمدة من عالم الطفولة في الغالب ، ليقول لها الطبيب ذي النظارات السميكة، “قومي يا هانم .. انت خلاص خفيتي”، ولا نعرف طبعا كيف “خفتالهانم”، ولكننا نؤمن بأن مجرد الحكي و”الفضفضة”، بلغة الأفلام أيضا، هي علاج من كل عقدنا المستمدة من عوالم الطفولة أو المكتسبة من عوالم ما بعد الطفولة.

شخصيا، لا أعتقد أنني أمثل نموذجا صادقا لصورة الكتاب المفتوح، والتي يتباهي بها الكثيرون وهم يدللون من خلالها على ما تتميز به شخصياتهم من وضوح قد لا يكون حقيقيا، ولكنه على الأقل يمثل الصورة الذاتية المشتهاة.

ولأنني أريد أن أكون صادقة معكم منذ البداية، فسأتجاوز الكثير من محطات حياتي في الطفولة والصبا ليس لأنني لا أتذكر الكثير منها إلا مشوشا ومزدحما بوجوه لا أريد أن أتذكرها الآن وحسب، بل لأنني لست قادرة على البوح بها بهذه البساطة المشاعة على صفحات المجلات والمواقع الإلكترونية.

فبماذا أبوح إذن ؟!

سأبوح لكم بما يشبه التداعي الحر، وحتى أكون أمينة معكم سأعترف منذ البداية أنه بوح قديم سبق وأن أعلنته ذات مقال، وها أنذا أكرره، تقريبا، وسأعيد إعلان ذلك البوح حتى أتخلص، ربما،  من عقدة إلكترا التي أشير إليها في النهاية وكأنها حقيقة تتلبس وجودي، ولم أكتشفها إلا في مرحلة متأخرة من عمري .

ف”ما” هو هذا “الرجل”؟

ومن هو هذا الرجل؟

وكيف لي أن أختار أداة الاستفهام المناسبة للاستفهام عن ماهية الرجل من دون أن تخدعني اللغة عبر لذائذها المتناسلة شعرا ونثرا؟ ومن دون أن تقودني هذه اللغة الجميلة، مثل معظم الأشياءالجميلة إلى ما تريده هي بعيدا عما أريده أنا؟ ومن دون أن أنساق وراء ما تقترحه لي من حلول خيالية لمشكلات غير موجودة تاركة مشكلاتي المستحيلة دونحلول حقيقية؟.

النشأة في مجتمع بدوي ظل دائما يمارس بداوته على هامش التحضر المزعوم، والمعبر عنه في سيارات حديثة وبيوت حديثة وشوارع حديثة وسلع استهلاكية حديثة ينبغي استهلاكها وفق سلوك حداثي، لا تقترح الكثير من الأفكار حول الرجل، أي رجل، لدى المرأة، أي امرأة. لكن هذه النشأة على الأقل تتيح للمرأة التي تعيش في خضمها أن تكتشف “رجلها” الخاص وفقا للشروط التي يضعها هذا المجتمع في الرجل النموذج. وهي شروط تبدو في أفضل أحوالها متناقضة مع بعضها البعض!، لكنها تتوافق منسجمة في تفاصيل النموذج الرجولي للمجتمع البدوي الحديث بشكل يدعو للدهشة والعجب لدى كل من يحاول التعرف على هذه التفاصيل، أي على هذا الرجل. ففي هذا النموذج يمكن للرجل نفسه أن يكون كريما وأن يكون بخيلا، أو أن يكون قويا وأن يكون ضعيفا، أو أن يكون عاشقا هائما في التغزل بعيني المحبوبة، وأن يكون رافضا لهذا “الكلام الفارغ الذي يسمونه الحب”، ولكن ليس في نفس الوقت ولا في نفس الظروف، بل وفقا لكل ظرف على حده.

فأي مجهر يمكن أن يسبر أغوار رجل متناقض أضافت إليه مقترحات الحياة الحديثة بقيمها الحديثة وأخلاقياتها المتكئة على أرث إنساني مشترك صار من السهل التأثر به ومن الصعب تجاهله، أضافت إليه الكثير من أسباب التناقض ومظاهره؟.

حسناً.. ستبقى الأسئلة صامدة، وسيبقى المقال مفتوحا كجرح حتى يكتمل أو يلتئم.. وله بقية!

Your Page Title