تاريخ عمان

طيوي .. اسطورة ابن مقرب والأميرة نينوى

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – تاريخ عمان
إعداد- نصر البوسعيدي


 

يحتل التاريخ الشفهي في عمان بالنسبة للأجيال مكانا بارزا لنقل وسرد الأحداث التاريخية والقصص الشعبية التي تعتمد كثيرا على بعض الشواهد والآثار ، وطيوي إحدى تلك المدن التي يملك سكانها الكثير من الفلكلور والمرويات الشفهية الغنية بالمعلومات تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل.

وأهم الأساطير التي تعلقت بطيوي هي تلك التي تروى عن شخصيتين لم يتم حتى الآن التعرف على نظراء لهما في المصادر التاريخية المكتوبة ، وهما ابن مقرب والأميرة نينوى .

ابن مقرب

يربط أهل طيوي برج الحصن المتواجد فوق الجهة الجنوبية لمصب وادي طيوي بابن مقرب وهو الشاعر العربي المعروف الذي يقال بأنه انتقل إلى طيوي بعدما ترك البحرين في مطلع القرن الثالث عشر الميلادي، ويقال أن ضريحه يقع تحت صخرة في قمة الجبل لا يمكن الوصول إليها.

وقد ذكر أس . بي . مايلز الذي زار طيوي عام 1874م ، كالآتي : ” يقع فوق الوادي ضريح ذائع الصيت لابن مقرب وهو شاعر مشهور لجأ إلى هذا المكان وبنى ضريحه الخاص به على الجبل”.

وتذكر بعض المصادر التاريخية التي كتبت عن شخصية ابن مقرّب بأنه من مواليد العيون وهي مستوطنة تتبع الإحساء في البحرين عام 572هـ / 1176م ، وكان أميرا في قومه أي من الأسرة الحاكمة للدولة العيونية ، وبسبب الخلافات التي نشبت بينه وبين أقاربه تم سجنه واضطهاده وحرمانه من ممتلكاته، وفي عام 623هـ / 1226م ، فر إلى العراق وقضى فيها جل حياته قبل أن ينتقل إلى طيوي ويقضي فيها بقية عمره حتى وفاته رغم اختلاف الروايات بتاريخ ومكان وفاته، ولكن المناعي ذكر أن هناك مخطوطا يعود تاريخه إلى القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي كتب فيه إن ابن مقرب مرّ من طيوي في طريقه إلى الهند .

رواية أهل طيوي عن ابن مقرب :

” كان ابن مقرب في عداء مع بعض الناس من أقاربه أو من قبيلة أخرى ، فتمكن من مخادعتهم وقتلهم، إذ قام ببناء قصر رائع تحيط به المياه أو قنوات الري من كل جانب ، وكانت قواعد القصر مصنوعة من الملح، وفور اكتمال البناء ، وجّه دعوة لأعدائه لتناول مأدبة أعدّها لهم لتنفيذ خطته ، وبينما كان الضيوف يتناولون طعامهم، أمر ابن مقرب اتباعه بفتح قنوات المياه المحيطة بالقصر، وخلال وقت قصير ذاب الملح وتهدم القصر فوق روؤس أعدائه ولقي أغلبهم حتفهم .

وبعد هذه الحادثة التي يعتبرها العرب بأنها من الجرائم الفادحة التي تتصف بالغدر والخيانة، اضطر ابن مقرب الهرب من البلاد خشية انتقام من بقى منهم على قيد الحياة في حادثة القصر، فخرج مسافرا إلى عمان حاملا معه كل ممتلكاته متجها إلى طيوي ، ولكنه قبل ذلك توجه إلى عبري، ومن ثم الداخلية، وبعد ذلك إلى صور وقلهات ولكنه لم يستطع التأقلم في تلك المدن حتى وصل إلى طيوي وأعجب بها وبطيبة أهلها فمكث فيهم حتى أصبح ملكاً على طيوي وبنى له حصنا على جبل عال فوق منطقة جريف التي يعتبرها السكان من أقدم الأماكن بطيوي ، وعندما أحس أن حياته قد شارفت على نهايتها وهو لا يزال خائفا من قيام أعدائه السابقين من الثأر والتمثيل بجثمانه ، أمر ببناء ضريحا له في قمة الجبل لا يصل إليه إلا عن طريق سلم حجري، وأمر بوضع تحت كل درجة قطعة نفيسة من الذهب ، وحينما توفي ابن مقرب تم دفنه في الضريح، وما أن انتهى المشيعون من دفنه حتى بدأوا بتكسير السلم من الأعلى إلى الأسفل بغية الحصول على الذهب حتى تم تحطيم السلم بالكامل بعد وقت قصير من وفاته، مما تسبب في فشل الكثير من أعدائه للوصول إلى جثمانه والإستيلاء على رفاته “.

الأميرة نينوى

“يزعم أهل طيوي أن نينوى كانت ساحرة وملكة تحكم طيوي في الوقت الذي استقرّ فيه ابن مقرب بهذه المدينة ، ويعتقد الأهالي أن الأميرة نينوى كانت أخت ملكة تدمر.

ويقول الأهالي أن الأميرة نينوى اشتهرت بذكائها وقدراتها الخارقة كمقدرتها على طرد الفرس عن طريق رميهم بسهام ملتهبة مصنوعة من سعف النخيل حينما اقتربوا من طيوي وغيرها من القصص التي تشير إلى ذكائها وقواها الخارقة”.

“ويقال أن ابن مقرب الشخصية التاريخية للشاعر البحريني قد تزوج من الأميرة نينوى لتفادي الصراع على السلطة في المدينة التي كانت تجمعهما .

وتسرد الأسطورة قصة نهاية الأميرة نينوى كالآتي :

بسبب الأمطار الغزيرة على طيوي أمرت الأميرة نينوى وبإشراف مباشر منها ببناء سد من أطنان التمر لحماية المزروعات في طيوي من خطر الفيضانات التي كانت تتعرض له المدينة بين الوقت والآخر، ولكن في أحد الأيام الماطرة حدث فيضان هائل أسفر عن انهيار السد ليجرف الأميرة نينوى وتلقى حتفها عكس ابن مقرب الذي نجا وظل غير مهزوم حتى بعد وفاته “

المرجع : مجلة الدراسات العمانية – العدد 15 – الترجمة العربية للعدد 13 – وزارة التراث والثقافة – سلطنة عمان

Your Page Title