محمد جبار
خسرت السينما العالمية واحد من أشهر مخرجيها ، فقد أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الإثنين عن وفاة المخرج السينمائي الإيراني “عباس كيارستمي” في باريس عن عمر ناهز 76 عاما ، بعد أن قدم للسينما أكثر من 40 فيلما روائياً وقصيراً ووثائقي ، وهو المخرج الإيراني الوحيد الذي حاز على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1997 عن فيلم “طعم الكرز” الذي يتحدث عن رجل تتلخص أزمته في من يدفنه بعد إنتحاره، لذلك يلجأ من خلال صورة عميقة ،ومعبرة عن مأساته ،وحوار مليء بالشجون إلى مجند كردي، وشاب أفغاني، ورجل تركي عجوز له محاولة سابقة في الإنتحار،ويبحث الفيلم في التوجهات الإجتماعية والدينية في إيران باسلوب إنتقادي موضوعي،كما عرضت أفلام عدة له في مهرجان كان، من بينها خمسة رشحت رسميا للفوز بسعفة المهرجان الذهبية هي “عبر أشجار الزيتون” (1994) و”طعم الكرز” الذي نال السعفة الذهبية سنة 1997 و”عشرة” (2002) و”نسخة طبق الأصل” (2010) و”كشخص واقع في الغرام” (2012).
وكان كيارستمي يتمتع بنفوذ كبير في عالم السينما، إذ قال عنه المخرج الفرنسي السويسري الكبير جان لوك غودار “السينما تبدأ عند دي دبليو غريفيث وتنتهي عند عباس كيارستمي”.
وينتمي كيارستمي إلى ثلة السينمائيين – مثل ريدي سكوت، جان جاك روسو، باولو بازوليني، وديريك جارمان الذين استطاعوا إستعمال أشكال تعبيرية أخرى كالشعر، السينوغرافيا، الرسم، والفوتوغرافيا حتى يقدموا نظرتهم للعالم من زوايا مختلفة ، وفضلاً عن كونه مخرج سينمائي كبير، فإن “كيارستمي” مصور فوتوغرافي، موسيقي، رسام، وشاعر، فقد أصدر سنة 2002 مجموعة شعرية تحت عنوان:” رفقة الريح”، ثم في سنة 2008 أصدر مجموعة شعرية أخرى بعنوان” ذئب في حالة تربص” ثم “مرافئ” 2010
كنت قد التقيته في مهرجان الخليج السينمائي الرابع عام 2011 ، فقد حضر ليقيم دورة إخراجية للمخرجين الخليجيين ، وكانت النكتة عنده حاضرة حتى في لقاءآته الصحفية فقد سألته حينها عن كيفية وصوله الى العالمية ، فأجابني مازحاً أنه إستخرج جواز سفر ، وحصل على تأشيرة ! لكنه إستطرد “إنه سؤال صعب لكن هنالك عالماً شاسعاً خارج بلدي” ، وأنه كان يبعث أفلامه الى أصدقائه لتشارك في المسابقات ، وليستلموا الجوائز بدلاً عنه ، وأنه حصل بهذه الطريقة على 27 جائزة ، وأردف أن هناك كلمة معجب بها جداً ، وساعدته في مسيرته الفنية وهي ” إذا أردت أن تكون عالمياً فكن محلياً ” وأجاب عن سؤالي هل تُعدّ اللغة عائق؟ بقوله “أن السينما لغة كونية ونحن نتواصل من خلال الصورة واللغة السينمائية دون أن ننسى الشعر الذي يشكل العمود الفقري لبنية الفيلم “
كان بسيطاً جداً في ملبسه وتعامله مع الآخرين لكنه كان يشعر أن هناك مسافة كبيرة بين مخيلته ومايريد أن يقوله وبين جمهوره ، فبعد عرض ثلاث أفلام قصيرة له في المهرجان سأل الحضور عن أي إستفسار ، وقد كانت الأفلام صعبة الفهم بحيث كان الجمهور صامتاً تماماً فقال مازحاً “جيد هذا معناه أن الجميع فهم أفلامي ” فضحك جميع الحاضرين .