خصصت المجلة الأدبية الفرنسية الشهيرة “مغازين ليتيريرmagazine littéraire » لشهر مارس، ملفا كاملا حول الفليسوف الفرنسي الشهير ميشيل فوكو ( 1926- 1984) ، الذي يعتبر من أهم فلاسفة النصف الأخير من القرن العشرين ، لأنه تأثر بالبنيويين، وحلل مسأة الجنون في كتابه “تاريخ الجنون”, وعالج مواضيع مثل الإجرام والعقوبات والممارسات الاجتماعية في السجون. ابتكر مصطلح “أركيولوجية ( حفريات) المعرفة”. وهو صاحب كتاب “الكلمات والأشياء”، ومؤلفات أخرى أثارت نقاشات كثيرة، بل وأصبحت مرجعا مهما للكتابات الفلسفية في فرنسا. أيفسلسلة الأحداث التي انتمي إليها الكتاب. فبالإضافة إلى هذه الكتب المعروفة، تجدر الإشارة إلى أن المكتبة الوطنية الفرنسية حصلت على حقوق ملكية أرشيفات لاتحصى لهذا الكاتب، وتحتوي على 37 ألف وريقة، فيها مخطوطات، ونصوص كتب لم تكتمل، “وملاحظات قراءة أو إعداد محاضرات، ورسائل ويوميات”، وهي مكونة من ثلاثة أقسام هامة ومتقاربة، تحتوي على كمية هائلة من ملاحظات القراءة التي “أعدّها فوكو أثناء تدريسه وإعداد كتبه، وهي بخط يده لدروس و محاضرات ألقاها على مدار مساره المهني، والتي كانت تستخدم في العادة كمادة لإعداد كتبه اللاحقة”، وذلك عبر عديد من مخطوطات كتبها والتي “نجدها مجزأة بشكل أو بآخر، منها مقالات ونصوص، ومنها مشروعات لكتبة الأخيرة، ومجلدات قيد الطبع.”.
تكشف المخطوطات الأولى عن قراءاته وعن مصادره التي تحتوي على آلاف من البطاقات البحثية، أو على صفحات كاملة أو على نصف صفحة – “تعج بأسماء المراجع والاستشهادات، وقوائم كتب، مرتبة بدقة في ملفات موزعة على قضايا، يعاد كتابتها بصورة دائمة مثل: السلاسل المستخدمة في تأليف كتابه “تاريخ الجنون”، والتي سيعاد استخدامها في محاضراته بالكوليج دي فرانس،” أو حول سلطة الطب النفسي. ويبدو هنا فوكو كعامل متوثب دوما، “وكنزيل مثابر داخل المكتبات ووفقا لتعبيره المازح: “يلقي بيده اليوم ما التقطه بيمينه بالأمس”. ومن خلال هذه القراءات، ووضعها على مسافة، كان فوكو يرسخ كتابته. التي نستشف من خلال تراكم هذه البطاقات البحثية المنهج الذي “يؤسس لتحليل الخطابات”، كما نعثر على كنوز بيبليوغرافية ووثائقية تمثل لحظة حاسمة في التفكير الفلسفي، كما هو الحال في الملف المجمع حول كتاب “الكلمات والأشياء”، حيث نجد ملاحظات القراءة، المعدة من قبل فوكو، موزعة على عدة أقسام تعكس الظهور المتزامن “لأبنية جديدة في حقول معرفية مختلفة- وهو ما سيكون أحد أهم إسهامات الكتاب الأكثر شهرة وانتشارا لميشيل فوكو”.
كما نجد ملاحظات أخرى، تمزج الاقتباسات بالتعليقات، وهي مؤرخة ومرتبة في تسلسل زمني في ثلاثين كراسة، وترسم لنا نوعا من المدونة الدقيقة لاهتمامات ومشروعات الفيلسوف على مدار أكثر من عشرين سنة.
يتفق المساهمون في إعداد هذا الملف بأن هذه الأرشيفات تحتوي على كنوز ثمينة من نتاج هذا الفيلسوف. والتي ستسعد الكثير من الباحثين والمهتمين به في الجامعات الغربية والعربية، لأنها ستمثل إضافة نوعية مهمة تمنح لهم بإثراء رصيدهم الفكري والبحثي حول ميشيل فوكو .
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC