قال الشيخ الدكتور عبدالله بن مبارك العبري “على المسلم استيعاب الفكر المخالف خارج إطار الدين , فنستفيد رغم الخلاف , فكل إنسان بإمكانه أخذ مهارات وأفكار جديدة من الآخرين , وهنالك أجواء مهيئة للأخذ والعطاء مثل المحاضرات والندوات , فتكون قابلية الحوار أكبر لدى الجماهير “
وأضاف العبري أستاذ مساعد بقسم القانون العام بكلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس”هنالك فئة من الناس تركز على الاختلاف وتعمل عليه , بسبب الجوع الفكري لديها ولوجود تصنيف للناس لدى هذه الفئة غير ممنهج و إنما وفقا للاختلافات بينهم. وأشد أنواع الخلاف هي الخلاف المطلق الذي لا توجد به مسلمات و بالتالي يصعب الحوار أو الوصول لنقاط مشتركة , و من أدبيات الخلاف في السيرة النبوية , صلح الحديبية , الذي كان مصدر قوة لا ضعف للدولة الإسلامية , ورغبة للتعايش في جو السلام و الأمان , لأن الإنسان يبدع ويفكر و ينتج أكثر في السلام , والآن نلحظ أوروبا التي تركت الاختلافات جانبا وعملت على تطوير القطاعات الأخرى التي ترقى بالإنسان وبفكره.
وأضاف “إن الفكر المخالف هو الفكر العلمي المنهجي ذوالخلفية الواسعة , المتعلق بقضايا تهم الناس , كالأخلاق والدين والسياسة , وغيرها من المواضيع التي يتناولها الناس للتسلية أو النقل , الذي أدى لاختلاط الصحيح بالخاطئ في فكر الشباب , وذلك لأسباب عدة منها ضحالة الحصيلة الثقافية , والقراءة الغير منهجية , ولوجود مرجوين يستغلون هذه الأوضاع لنشر الفساد والفتن بين أفراد المجتمع , فيبثون سمومهم من خلال هذه الأطروحات. والتعامل الصحيح مع المخالفين يكون بأخذ الحكمة والعظة منهم و ذلك بالوقوف معهم والتأمل في نقاط أخرى يمتازون بها , فالله عزجل جعل الخلاف صلاحا وعمارة للأرض لا فسادا وشقاء للإنسان ,وعلينا أن نتذكر دائما سعة الإسلام ومرونته في التعامل مع المسلم وغير المسلم , إذ خاطب الإسلام الكافر ورتب له حقوق , وذلك من عظمة الإسلام , إذ تعدى إصلاح المسلمين ليشمل صلاح كل أهل الأرض , مع بقاء وجود الاختلاف في العقائد والأفكار وذكر الدكتور عبدالله بأن آلية التعامل مع الفكر المخالف , من خلال الاستماع له بالشكل الصحيح , واعطاه حق التعبير عن رأيه حتى تتمكن من استيعاب ما لديه للرد عليه ,وعدم إغلاق باب الحوار معه , وعدم حرمانه من حقوقه الإنسانية , ويجب أن لا يكون الخلاف هو تفريغ لغضب لأن المُحاور يحتاج للأمان حتى تتمكن من إقناعه بأفكارك , وفي بعض الأحيان يكون علاج المخالف من خلال الصمت إن كان غرضه هو الاستفزاز , واستنادا لقول عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- :”أميتوا الباطل بعدم ذكره”. واختتم الدكتور عبدالله الحلقة بجملة من النصائح : “على الطالب أن يحصن نفسه في مدة الدراسة بالقراءة مع الإيمان لأنها مدة تأسيس الفكر , وعدم التعامل مع أي فكر بالمظاهر الخارجية له , بل عليه اتباع منهجية ومعايير معينة , وعدم التجرد من النظرة الإنسانية مهما كان الخلاف عميقا”.
وكانت جامعة السلطان قابوس ممثلة بجماعة الثقافة الإسلامية بعمادة شؤون الطلبة قد نظمت بحلقة نقاشية حول “التعامل الصحيح مع الفكر المخالف” ،قدمها وتهدف هذه الحلقة النقاشية لإيضاح مفهوم الفكر المخالف , وكيفية التعامل مع أصحابه , مع إعطاء الشباب الوسائل التي من خلالها يستفيدون من المخالفين ,في ظل كثرة الأفكار، وسرعة وصولها للناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي , مما أعطى مساحة أكبر لانتشار الشائعات و كثرة تيارات الناس التي تتعامل معها, واختلاف القضايا التي يمسها الخلاف. تضمنت الحلقة النقاشية أوراق عمل قدمها كل من : الطالب سليم الرشيدي ، حول الأصناف الكثيرة الموجودة للخلاف ، والذي يبدأ بخلاف بين الإخوة ويمتد لخلاف الأمة الإسلامية والعربية ، والطالب صالح المعمري حول آلية التعامل مع توجهات المخالفين الذين يدّعون أنها من القرآن والسنة ،وطالبات من الإرشاد الطلابي حول كيفية الوصول للهدف من الاختلاف مع استمرار وجود الخلاف.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC