مسقط – أثير
أحمد بن سيف الهنائي
حينما سئل محمد المحروقي (تاجر عماني ناشئ) عن سرِّ إغلاقه لبرادةٍ استهلاكية كانت نافذته نحو عالم التجارة والمال أجاب: وجدت نفسي محاطاً بمجموعة من العمالة الآسيوية التي تتحكم في مفاصل الحركة التجارية في سوق الجملة والتجزئة، يمكنني أن أقول أن اللوبي الآسيوي يحكم قبضته على كثيرٍ من منافذ التجارة، يتمتعون بنفوذ واضح لا يمكن إنكاره، ولديهم ممارساتهم الظاهرة والباطنة في دعم بني جنسهم وتوفير كل التسهيلات التي يحتاجونها، من المحزن أن نقول أن العمالة الآسيوية اليوم تشكل هاجساً كبيراً لنا، ومن يغض طرفه عن تغلغلهم في جسد هذا الوطن، أو يسعى للتقليل من خطورتهم فإنه واهمٌ لا محالة، ولا يحسن قراءة المستقبل.
وعلى الرغم من أن السلطنة لم تضع خيار جلب العمالة الآسيوية كركيزةٍ أساسية في البناء والتنمية والإستثمار، إلا أنهم يشكلون نسبةً تتجاوز 40% من عدد السكان في الوقت الحاضر، الأمر الذي يثير قلق عددٍ من المحللين والمراقبين، بما له من إنعكاساتٍ خطيرة على المدى القريب والبعيد على البعدين الاجتماعي والإقتصادي، علاوة على نتائجه الثقافية، وهو ما عبر عنه طلال الفارسي بقوله: في العشر سنوات الأخيرة، ظهرت العديد من الآثار السلبية التي خلفها ارتفاع استقطاب العمالة الآسيوية دون دراسة مستفيضة لحاجتهم في السوق المحلي، وعلى الرغم من توجه الحكومة في أن لا تزيد نسبة الوافدين عن 30% من إجمالي عدد السكان في السلطنة، إلا أننا نفاجئ في كل إحصائيةٍ للسكان بتزايد العمالة الآسيوية بشكل مخيف، وهم اليوم –شئنا أم أبينا- يمثلون مشهداً أصيلاً في جميع قطاع ومناطق ومساحات في السلطنة، في الأسواق والمجمعات والقطاعات الخدمية بجميع أنواعها وفي الشوارع والشواطئ تجدهم يتصدرون المشهد، حتى يخيّل إلينا أننا في “بومبي” أو “دكا” أو “قندهار” لا في عمان.
ما يثير حفيظة الرأي العام، هو غياب الرؤية المستقبلية الواضحة المعالم في التخلص من هذه الأرقام المخيفة، يتجلّى ذلك في مشاهد القادمين إلى مطار مسقط اليومي من أفواج مهولة تتضاءل وتضمحل أمامها الهويات الأخرى، فالمطار ناطقٌ بتعاظم هذه العمالة الآسيوية التي لا يتوقف زحفها، إذ يقول خالد الرحبي: بح صوتنا ونحن ننادي منذ فترة بضرورة الإنتباه لهذا الخطر المحدق بنا، وفي الحقيقة نحن على الواقع لا نلمس حراكاً منظماً ومدروساً وواضحاً للعيان للحد من هذه العمالة، لا نسمع صوتا ولا همساً ولا حتى عزماً على التغيير، أخشى أن يأتي اليوم، الذي يشعر المواطن فيه بالغربة في بلده، أضحوا في هذا الوقت ينافسونا في كل شيء، بل أن شبابنا ضُيّق عليهم الخناق في أعمالهم التجارية والعمل بالقطاع الخاص المسيطرين عليه.